أعجزت أن تكون كعجوز بني إسرائيل؟
الحقيقة الدقيقة هي: أن تكون أو لا تكون!!
الحمد لله الذي يرفع بالهمة من شاء إلى بلوغ القمة، والصلاة والسلام على أمضى الناس عزيمة، وأقوى الخلق إرادة، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ومصطفاه، أما بعد:
إن الهمم العالية كنوز غالية يمتن بها المنان على من يشاء من بني الإنسان، فطوبى لمن أولاه مولاه تلك الهمة العالية والعزيمة الوثابة والإرادة الماضية، فما آفة المحق إلا التردد والتذبذب، والتخاذل والفتور، والرضى بتوافه الأشياء ومحقرات الأمور!
والمتتبع لنصوص الوحي الشريف، يرى كيف أن هذا الدين القويم يربي في قلوب أتباعه تلك الهمم لتصل بهم لعالي القمم ومعالي القيم، فإذا سألتم الله الجنة، فاسألوه الفردوس الأعلى! فهل تأملت هذا الدرس؟ وربيت به النفس؟
فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيًا فأكرمه، فقال له: « »، فأتاه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سل حاجتك". قال: ناقة نركبها، وأعنز يحلبها أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » قالوا: يا رسول الله وما عجوز بني إسرائيل؟! قال: « » أي بدنه، وهو من باب إطلاق الجزء ويراد به الكل، فالأنبياء لا تأكل الأرض أجسادهم كما صح بذلك الخبر عن خير البشر « » (السلسة الصحيحة للألباني [313] وصحيح موارد الظمآن [2/452] [2064]).
أرأيت الفرق الواسع والبون الشاسع بين من يريد أعنزًا يحلبها وناقة يركبها، وبين من تريد مرافقة الرسول في الجنة؟!
إنها الهمة العالية، فقط!
فإلى متى يرضى الكثير منا بضعف الهمة، وفتور العزيمة، ويرضى من الغياب بالإياب، ومن الغنيمة بالسلامة؟!
متى نرى في الأمة المسلمة الجم الغفير والعدد الكثير الذين يحملون الهم لضخامة الهمم؟!
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول: « » (صحيح البخاري، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما).
وأخيرًا: أجبني، ولا تلتفت لغيرك، فإنما أخاطبك أنت دون سواك، ما هي أمانيك؟ وأحلامك؟ وطموحاتك؟ إلى أين تريد الوصول؟ هل همتك في الثرى أم أنها محلقة في السماء كالثريا؟ هل تقنع من المعالي باليسير؟ هل ترضى بالدون؟
فالحقيقة الدقيقة هي: أن تكون أو لا تكون!!
- التصنيف:
- المصدر: