معلم التسامح في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم

منذ 2015-08-17

في هذا المقال سوف ندرس بعض الأمثلة على تسامحه في ظهور الإسلام، وخلال عملية نشره.

إن الله قد اختار دائمًا الأنبياء من أفضل الشخصيات والأخلاق والروحانيات، ولأن الله هو السميع العليم، الحكيم، المحدد بإحكام لمصير الإنسان قبل ولادته، فمن الواضح أنه بنفس الطريقة قد اختار بالفعل أنبياءه حتى قبل دخولهم إلى الحياة. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القاعدة حيث أنعم الله عليه بأفضل الأخلاق، من بينها تسامحه الاستثنائي الذي تجلى في حياته وتعاليمه: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4].

في هذا المقال سوف ندرس بعض الأمثلة على تسامحه في ظهور الإسلام، وخلال عملية نشره. في السنوات الثلاثة عشر الأولى من حياته في مكة المكرمة، واجه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكثير من الاضطهاد لكن المسلمين لم يأمرهم الله بالرد آنذاك، ويرجع ذلك إلى غياب أي قوة عسكرية نظرًا لقلة المسلمين الذين زادوا تدريجيًا إلى مرحلة المدينة المنورة عندما نمت القوة العسكرية بسرعة في نفس الوقت مع عدد الصحابة.

عندما زاد اضطهاد المعارضين لرسول الله صلى الله عليه وسلم بصفة كبيرة، طلب منه أصحابه أن يدعوَ على المشركين فأجابهم الرسول صلى الله عليه وسلم: «إني لم أبعث لعانًّا وإنما بعثت رحمة» (رواه مسلم). وواصلت الخصوم الظلم بقسوة تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولكن كان يدعو دائمًا لهم لا عليهم.

قرر ذات مرة زيارة شخصية لقرية الطائف، الواقعة شرق مكة المكرمة لدعوة سكانها إلى الإسلام لكنهم رفضوا الخضوع، بل ضربوه وطردوه وجعلوه ينزف، فجاء إليه الملك جبريل وقال: «إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين». فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا» (رواه البخاري).

في الفترة المكية المبكرة عندما كان عدد أعداء الدين أكثر من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه غالبًا ما يحدث أن الرسول صلى الله عليه وسلم يفزع إلى الصلاة، فيأتي خصومه بالقرب منه ويصفرون ويصفقون من أجل إزعاجه، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يظهر ولو مرة واحدة غضبه على مثل هذه الأفعال، بل اختار دائمًا سياسة التسامح وتجنب المواجهة عوض الرد العنيف.

ذات مرة عندما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي في الكعبة، كان أعداؤه يشاهدون كل تحركاته وعمله، ووضع واحد من خصومه على ظهره أمعاء جمل مذبوح أثناء سجوده، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتفاعل وبقي في هذا المنصب حتى هرعت ابنته فاطمة رضي الله عنها إلى اتخاذ القذارة من ظهره وتنظيف المكان. وفي وقت لاحق، عندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وكثير من أصحابه إلى المدينة المنورة، تجلت مرارًا شخصيته العظيمة في التعامل مع أصحابه وأعدائه.

ففي المدينة المنورة، كان المسلمون في مرحلة جديدة، ومع ذلك لم يدخر أعداؤهم في مكة المكرمة الكثير من الوقت والجهد لخوض حرب ضدهم وملاحقتهم حتى في المدينة المنورة. في معركة أحد مثلا، عندما هاجم المشركون المسلمين، عانى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إصابة في الرأس وتحطمت رباعيته. عندما بدأ الدم يتسرب من رأسه، شق ذلك على أصحابه فقالوا لو دعوت عليهم فقال صلى الله عليه وسلم: «إني لم أبعث لعانًّا ولكني بعثت داعيًا ورحمة. اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون» (رواه البيهقي).

كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يظهر هذه الأقوال والأفعال ولم يكن سريع الانتقام أو التوبيخ. فقد دخل أعرابي ذات مرة إلى المسجد وشرع في التبول في أرضيته، حيث لم تكن للمساجد في ذلك الوقت جدران وأرضيات بالسجادات، وكانت السقوف مكونة من أوراق النخيل المعقودة، فركض الصحابة لمنع الأعرابي وكبح فعله فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا تزرموه»، ثم دعا بدلو من ماء فصب عليه. (رواه البخاري).

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

معاد كوزرو

كاتب إسلامي

  • 20
  • 0
  • 29,341

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً