هل سمعت بسجن بولس؟!

منذ 2015-09-02

في مكان بغيض، تشيب منه مفارق الولدان، وتندك مما فيه من الخطوب والكروب؛ الأجساد والأبدان! فيه من صنوف العذاب ما يفوق الوصف والتبيان، ومن أنواع وأزواج العقاب ما يعلو فوق الحصر، ويربو على العدِّ والحدِّ.

الحمد لله المتكبر الجبار، العظيم القدير القهار، والصلاة والسلام على الرسول المختار، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد: 

فإنه سجن كريه! 
تشمئز منه النفوس، وتتقزّز منه الأرواح، وتنفر منه القلوب
في مكان بغيض، تشيب منه مفارق الولدان، وتندك مما فيه من الخطوب والكروب؛ الأجساد والأبدان! 
فيه من صنوف العذاب ما يفوق الوصف والتبيان، ومن أنواع وأزواج العقاب ما يعلو فوق الحصر، ويربو على العدِّ والحدِّ. 
إنه بكلِّ صراحة؛ سجنٌ مخيف ملئ بكلِّ عذابٍ عنيف! 
فأين مكانه؟! ومن هم خُزَّانه؟! وبماذا استحقَّ أهله دخوله؟! 

إنه سجنٌّ مُعدّ لمجرمين عتاة، ومخربين قُساة، وغلاظ القلوب جفاة! 
شامخين بأنوفهم للسماء، ونافخين صدورهم بالهواء، ومقطِّبين حواجبهم، وزامِّين شافههم، تلمح في وجوههم نظرة العِداء! 
إنهم ملطخون بجريمة لا يعاقب عليها القانون، ومتقذِّرون بسوءة لا يطالها النظام، ومتوسخون بجريرة لا تحاسب عليها الدساتير! 
ولذلك لم تكن عقوبتهم في الأرض، بقدر ما كانت في السماء! 
ولم تكن في الحياة، بقدر ما ستكون بعد الوفاة! 
ولم تكن في سجون الدنيا، وإنما في سجون الآخرة! 
أمّا الجريمة فهي جريمة الكِبر والتعالي، وأمّا السجن فسجن بولس في أصل الجحيم وفي قعر جهنّم! 
وإليك الخبر: 

فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يُحشَرُ المُتكبِّرونَ أمثالَ الذَّرِّ يومَ القيامةِ في صُور الرِّجالِ، يغشاهُمُ الذُّلُّ من كلِّ مكانٍ، يُساقونَ إلى سجنٍ من جهنَّمَ يُسمَّى بُولس، تعلوهم نارُ الأنيارِ، يُسقَونَ من عُصارةِ أهلِ النَّارِ طِينَةِ الخبالِ» (صحيح سنن الترمذي [2/304] [2025]). 
هذه العقوبة الفظيعة والخاتمة المخيفة جزاء أوفى للمتكبرين المتجبرين، الذين يشاركون الله في ردائه وإزاره، فأرداهم كبرهم في عذابه وعقابه. 

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله عزَّ وجلَّ: الكِبرياءُ رِدائِي، والعظمَةُ إزاري، فمن نازَعني واحداً مِنهما، قذَفتُهُ في النَّار» (صحيح مسلم [ج 2 ص 1605] رقم [2620]). 

وعن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخُلُ الجنَّة من كان في قلبهِ مِثقالُ ذرَّةٍ مِن كِبرٍ» (صحيح مسلم [1/90][149]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله: «بينما رجلٌ يتبختَرُ، يمشي في برديهِ، قد أعجبتهُ نفسُهُ، فخسَفَ الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة» (صحيح البخاري [7/44][5789] وصحيح مسلم [3/1316][2088]).
وعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تعظَّم في نفسه، أو اختال في مشيته، لقي الله عزَّ وجلَّ وهو عليه غضبان»  (صحيح الأدب المفرد [ص 207] رقم [427]).

فإلى من حشر نفسه في بوتقة الكبر، ويظن أنه قد ملأ العالم بحجمه وجرمه، أفق من ضيق الأفق، قبل أن تُحشر في يوم القيامة في حجمك الحقيقي كأمثال الذّر، تطأ عليك الأقدام، ثم تسجن في سجن بولس الذي سيملأ بالمجرمين المتكبرين الأقزام!! 

عبد اللطيف بن هاجس الغامدي

مدير فرع لجنة العفو واصلاح ذات البين - بجدة .

  • 12
  • 0
  • 24,016

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً