متدينات ولكن... بلا حجاب!!

منذ 2009-02-27
الكثير من الأخوات الفاضلات تحافظ على صلواتها الخمس بحمد الله، وربما تصلي النوافل والرواتب، وعندها ورد في قراءة القرآن بتدبر وخشوع، ولسانها كثير الذكر لله جل وعلا، وأحياناً تصوم الأيام المستحبة تطوعاً لله جل وعلا، وتحب الاستماع للدروس الدينية ومجالس الوعظ والذكر، وتتميز الكثيرات منهن بالتربية الصالحة والأخلاق الفاضلة، فلا يجرؤ أي سفيه أن يتحرش بها أو يستدرجها، فإن حاول فلن يجد منها إلا التوبيخ والقسوة في النصيحة، لأنها خرجت من بيت صالح متحشم، وكل ما ذكرته في نسائنا نفخر به ونفرح لكن ينقص بعض أولئك الفاضلات شيء واحد، وهو شيء مهم جداً، فتجدها تفعل كل ما ذكرنا لكنها مع هذا إلى الآن لم تلتزم (الحجاب) الشرعي!!

عدم التزام الكثيرات من صاحبات الخلق والدين بالحجاب له أسباب كثيرة، لكن كل هذه الأسباب لو اجتمعت فإنها لا تكفي لتكون سبباً مقنعاً لتأخير لبس الحجاب الذي أمر الله به المؤمنات القانتات الصالحات، صحيح أن الأخلاق والالتزام بالعفة والشرف أهم من مجرد لبس الحجاب، لكن هذا لا يعني عدم أهمية لبسه، بل لا يلغي كونه واجباً شرعياً من أتت به فلها الأجر والثواب عند الله ومن لم تلتزم به فإنها قد عرضت نفسها للاثم ووقعت بالحرام!.

صحيح أن هناك من النساء السيئات اللواتي يتسترن بالحجاب وهن أبعد ما يكن عن الحشمة والحياء والعفة والفضيلة، وربما استغلت غطاء وجهها المشروع لتبحث عن المحرم والممنوع، لكن هذا ليس عذراً لترك الحجاب فالله جل وعلا هو الذي أمر به وهو الذي شرعه جل وعلا، فكم من المصلين -مثلاً- من يظلم ويسيء للناس ويخون زوجته ويأكل حقوق الناس!! فهل هذا يعطي العذر لمن يترك الصلاة في تركه لها؟!! بالطبع لا يقول هذا عاقل!!.

أعرف أن الكثيرات من غير المحجبات عندهن أعمال صالحة، وما خفي منها أعظم، ومنهن من بنت المساجد وأطعمت المساكين، وتصدقت بما تحب من أموالها لله جل وعلا، وكم منهن ممن تسافر لأداء العمرة والحج، وربما بكت من خشية الله كثيراً، ولا شك في حب أولئك لله جل وعلا، ولكن، أرجو أن يقرأن معي بتمعن قول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [سورة الأحزاب: 59] ولترجع كل فاضلة إلى تفسير هذه الآية ولتعلم أن حبيبها الأعظم وهو خالقها جل وعلا لا يحب خروجها من بيتها إلا كما أمرها، بحجابها وسترها الذي أراده لها، ولتقل من قلبها {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [سورة البقرة: 285].

عتبي الشديد على بعض الأمهات اللواتي لم يشجعن بناتهن على لبس الحجاب من الصغر، فالبنت التي بلغت العاشرة من العمر لابد من تعويدها على الحجاب، ومن بلغت المحيض لا يجوز لها الخروج إلا بالحجاب، وكلما تحجبت الفتاة وهي صغيرة كلما سهل الأمر عليها وأحبته، والعتب الأكبر على أمهات منعن بناتهن من لبس الحجاب!! وبعضهن تبكي وتتوسل لأمها تريد تطبيق أمر ربها تعالى وأمر نبيها وحبيبها صلى الله عليه وآله وسلم، ومع هذا أمها تمنعها بحجة سخيفة وللأسف وكأنها اعلم من الله فيما يصلح بنتها ويحسن مآلها!! و«لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» [رواه الألباني].

ربما تكون بعض الأخوات لازلن مترددات في لبس الحجاب من عدمه، لكن القرار بالحجاب أرجو أن يكون سريعاً، فكم من فتاة ترددت حتى أتاها ملك الموت وضاعت الفرصة وستندم يوم القيامة إذا لقيت ربما وناقشها الحساب وهي بلا حجاب!! فما عذرها عند الله يوم القيامة؟!

إن زوجاً أيتها الأخت الفاضلة يأمرك بترك الحجاب أو يمنعك من لبسه هو زوج (ناقص الرجولة) عديم الغيرة!!. نعم هو كذلك وان لم يعلم عن نفسه هذا الأمر، فالرجل ذو الشخصية المتكاملة المحب لزوجته حباً صادقاً، يغار على زوجته غيرة سليمة طبيعية، وهو يتمنى أن تكون زوجته بكامل حجابها أمام الرجال الأجانب لأنه يحبها ويخاف عليها أولاً من القلوب والنفوس المريض وثانياً من عقاب الله لها يوم القيامة، أما إذا كان زوجك يحثك على خلع الحجاب فلا تصدقي حبه لك فلربما كانت نظرته لك شهوة مريضة لا أكثر، والغيرة الطبيعية يحث عليها الشرع ويصدقها العقل الصحيح والفطرة السليمة.

أختي الفاضلة.. أعلم مدى طيبة قلبك وحبك لربك ولنبيك، ولكن.. أما آن لك أن تتخذي القرار بالحجاب، لا عليك من كلام الناس، ولا نظراتهم الساخرة، ففي سبيل الله يهون كل شيء، فكري فقط في رضا الرب عز وجل، أما رضا الناس فهي غاية لا تدرك، واعلمي أنك باتخاذ هذا القرار والآن وليس غداً فإنك ستتقربين إلى الله وتتعرضين لرحمته، وقوليها من كل قلبك... (يا رب... يا الله... يا رحمن... تحجبت من الآن... من أجلك... ومن أجلك فقط).

بتصرف يسير


نبيل بن علي العوضي

داعية مشارك في إدارة الوعظ والثقافة في وزارة الأوقاف الكويتية

  • 12
  • 3
  • 20,393
  • منى القاسم

      منذ
    [[أعجبني:]] اتوجه بالشكر الجزيل الى الكاتب على طريقته المبدعة في عرض تلك الفئة من المسلمات اللواتي كما ذكرهن, على قدر كبير من التدين و الالتزام و حسن الخلق, و لكن ينقصهن ارتداء الحجاب, او على الاحرى ينقصهن من يشد على ايديهن و يشجعهن و يثبتهن على ارتدائه, كما اشكره على عقد تلك المقارنة بين المتدينات الغير متحجبات, و المتحجبات الغير متدينات, ليكون الاصل في الدين هو المعاملة و حسن الخلق, دون انكار طبعا لاهمية المظاهر و الشعائر الدينية. ان هذه الفئة من المسلمات " المتدينات غير المتحجبات" موجودة في مجتمعاتنا بشكل ملحوظ, و نظرا للاسباب التي ذكرها كاتب المقال,والتي تمنع هؤلاء المسلمات من ارتداء الحجاب, فان الطريقة الوحيدة لدعوتهن هي الكلمة الحسنة و الوعظ و الارشاد و الترغيب, بعيدا عن تلك الاساليب التي يتبعها الكثير و الكثير من الدعاة و الشيوخ و التي تقوم على الترهيب و التهديد و وصف تلك الفتيات بالفاسقات و غيرها من الاوصاف المنفرة, و التي تنفر تلك الفئة من المسلمات من ارتداءالحجاب, و تعمل على تثبيط معنوياتها, بل و ربما تخلق لديها رد فعل عكسي يجعلها تماطل اكثر و اكثر في اخذ القرار بارتداء الحجاب, خصوصا ان الاسباب التي تمنع تلك الفئة من عقد النية للالتزام بالحجاب لا تنبع ابدا من انكار لهذه الفريضة و انما هي اسباب تتعلق بالبيئة المحيطة للفتاة المسلمة.

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً