فقهاء العدوان شر من فقهاء ذيل بغلة السلطان

منذ 2015-10-26

فقهاء العدوان الذين ظهروا مؤخراً، هم في الأصل امتداد لفقهاء السلاطين لكنه امتداد أسوأ من منبعه، لأنه تجاوز ما كان يقف عنده علماء السوء الذين يفتون الطاغية بما يشتهيه، وهنا يبحث العقل عن تفسير لهذا المتغيّر الخطير!

من كان يتخيل أن يقف خطيب يوم الجمعة يساوي بين العدو الصهيوني والشعب الفلسطيني؟ لا أحد في حدود ظني، حتى العدو نفسه ربما فوجئ بهبوط مشايخ ملتحين إلى هذا الدرك، بل إلى ما هو أدنى منه كثيراً.

ففي يوم الجمعة الماضي وقف خطيب في بلد عربي بلحية موافقة للسنة تماماً، يشتم المجاهدين العزل في فلسطين المحتلة،لأنهم اضطروا إلى استخدام سكاكين المطبخ دفاعاً عن المسجد الأقصى الأسير، فاتهمهم بالوحشية، وكأنك تصغي تماماً إلى المجرم الخبيث (أفخاي أدرعي) الناطق باسم عصابات الاحتلال!

وقبل خطيب اليهود هذا وبعده شاهدنا خطباء ومشايخ سوء، يدعون الله أن ينصر عدوه بوتن على الشعب السوري المرابط الصبور!

لو اقتصر الأمر على أذناب نيّرون العصر بشار لقلنا: "لا عجب فهؤلاء باعوا آخرتهم منذ أول رصاصة أطلقها القتلة على أهلهم العزل الثائرين طلباً لاسترداد حريتهم وكرامتهم وحقوقهم الشرعية"؛ لكن المثير للأسى تمدد هذه الفئة القبيحة إلى بلدان لا تخضع للمشروع المجوسي مثلما هي حال سوريا الأسد!

شر خَلَف لشر سلف
للعناوين ضرورات وأحكام يدركها كل من احترف الكتابة لوسائل الإعلام بخاصة، ولذلك آمل التعامل مع عنوان المقالة ببعض التسامح، لأنه لا يعبّر عن قناعتي بدقة.

ففقهاء العدوان الذين ظهروا مؤخراً،هم في الأصل امتداد لفقهاء السلاطين لكنه امتداد أسوأ من منبعه، لأنه تجاوز ما كان يقف عنده علماء السوء الذين يفتون الطاغية بما يشتهيه، وهنا يبحث العقل عن تفسير لهذا المتغيّر الخطير!

كان الحاكم الظالم من قبل رجلاً تغلبه شهوته فيظلم، ويضغط على أهل العلم ليفتوه بما يريد، وكان العلماء في مواجهة تلك المحنة واحداً من ثلاثة: واحد يصدع بالحق ولا يعنيه أن يقتله الظلوم، كما حصل لسعيد بن جبير رحمه الله مع الحجاج.

ومثلما ثبت الإمام أحمد رحمه الله في فتنة القول بخلق القرآن، فلقي ما لقي في سجون ثلاثة من خلفاء بني العباس.

فمثل هذا العالم العامل، يأخذ بالهدي النبوي الصحيح سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب: «ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه، فقتله» (رواه الحاكم  وصححه، والخطيب، وصححه الألباني).

وعالِمٌ يبتعد عن الساحة ويختار الصمت خوفاً على نفسه، مع أخذ أن العالِم المتبوع بالرخصة في مواضع الحسم قد يكون محل مناقشة، فلا هو يجهر بما يعتقده حقاً، ولا هو يستجيب للظالم فيزيّن له باطله.

والثالث فقيه سوء ضعفت نفسه إما رغبة أو رهبة، فباع آخرته بدنياه، وكان المستجيبون لإملاءات الجائرين قلة دائماً، لكنهم كثروا في الأزمنة المتأخرة.

الطغاة الخونة
لم يعرف التاريخ الإسلامي ظاهرة الحاكم العميل للعدو، وإن وُجِد أفراد نبذتهم الأمة بمن فيها عوامها البسطاء، فالاستثناء جاء على يد الملك الكامل سلطان مصر  الذي أبرم صفقة التنازل عن مدينة القدس مع الإمبراطور (فردريك الثاني)، إمبراطور الدولة الرومانية، 626ﻫ/1229م، إلا أن انفراده بهذا القرار لم يكن لينفي التهمة ذاتها عن باقي إخوته ملوك الشام، لأنهم كانوا على استعداد لاقتراف الجُرم نفسه فرادى أو مجتمعين قبل أن يقدم أخوهم على فعلته، بالطبع لا نتكلم عن الرافضة فتاريخهم كله خيانة وتحالف مع أعدائها، مثل الطوسي وابن العلقمي.

وفي المقابل ما زال تاريخنا يذكر بتقدير كبير موقف المعتمد بن عباد الذي ساومه الصليبيون على الاستسلام فأبى الانصياع لهم، واستعان بخصمه يوسف بن تاشفين، ولما عارضه التافهون من ملوك الطوائف، أطلق جملته الباقية على مر الأيام: "رَعْيُ الجمال عند ابن تاشفين خير من رعي الخنازير عند الأذفونش -يعني:ملك النصارى يومئذٍ  في إسبانيا المعروف بألفونسو".

أما في العصور الحديثة فقد كثر الخونة المتحالفون مع العدو، ولا سيما لدى أبناء الأقليات الحاقدة، وشر نموذج لهؤلاء يتمثل في العائلة الأسدية التي ارتمت في أحضان الصهاينة وقدمت لهم الجولان المغتصب وتولت حراسته من أي قتال محتمل، وها هي تستظل بصليبيي روسيا ومجوس فارس والصهاينة وغلاة الصليبيين والهنادك والبوذيين، فإذا عُرف السبب بطل العجب!

-----

منذر الأسعد

  • 3
  • 1
  • 2,826

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً