اعترافٌ وإعذار .. لا تزكية !!

منذ 2015-11-01

علِم اللهُ من فوق سبعٍ، وهو يعلمُ السِّرَّ وأخفَى :

أنّني ما فرحتُ فرحًا .. قدرَ فرحي ؛
باجتهاد عالِمٍ أو طالب علم؛ في مسألةٍ أرى نفسي فيها مُضيِّقًا .. وعنده للناس فيها سَعَة !
وأجدُني فيها شديدًا .. وقد سهَّل فيها على الناس !
قد سُدَّت عندي منافذُها .. وفتح الله للناس على يديه !
وأخُصّ من هذه المسائل .. أحكام الرِّدّة والتكفير !
وكيف لي ألا أفرح .. ولربّما كان في ذلك؛ نجاةُ الناس وفَلاتهم !
** ولكنّ عزائي :
ما أعلمُه من نفسي، وأُشهِد عليه ربّي .. وهو في ذلك حَسبي ؛
أنّي ما تشوَّفتُ بذلك إلى تقنيط خلقه، ولا تيئيسهم من رحمتِه !
ولا تألَّهتُ عليه سبحانه في مصائرهم، ولا تجرّأتُ على سرائرهم !
ولا تقوَّلتُ عليه بغير علم، ولا تسرَّعتُ في ذلك بغير حِلْم !
** بل عَلِم منّي وأشهدُه :
أنّني عليهم لَحريص، وعلى نجاتهم لَمُتلهّف، وعلى نُصحهم لأمين .. وكم ودَدتُ لو أن الله أكرمني بإدخال الناس في دينه أفواجًا .. لا أن أُخرجهم منه - ومعاذ الله أن أكون كذلك، أو قريبًا من هنالك -!
ولِم لا ؟!! ونبيُّنا عليه السلام، قد بكى فرحًا بمثل ذا .. وقال :
  «الحمد لله الذي أنقذ بي نفسًا من النّار »  !

ولكنّه .. العلمُ والدليل، وما ظهر لي من حُجّةٍ وتعليل، قاصدًا الحقَّ والهُدَى، لا عصبيةً أو هوَى !
وأجدني في مثل هذه المسائل؛ أسيرًا لا مُحرَّرًا، مُقيَّدًا لا طليقًا !
نعم .. إنه أسْر الدليل والأثر، وقيود الحقّ الذي ظهر !
بل وأجدُني طامعًا من وراء ذلك .. في رحمة الله ورضاه -كما خَلْقه-!
مُفتقرًا إلى أجره وثوابِه، الذي ضَمِنه للقائمين بالحقّ من عباده !
وكُلّي رجاءٌ وطمع؛ في إخراج الناس من عبادة الناس إلى عبادة ربّهم، وتخليصهم من شركٍ ظهر، ورِقّ الطواغيت الذي طمَّ واشتهَر، وتلبيسٍ من هاهنا، وتمييعٍ من هناك، وسكوت هذا، ومُنافقة ذاك !

فدَعَت الضرورة إلى الخوض والبيان، لِما أخذ الله من الميثاق على من عَلِم، وكونه حُجّة على من لم يعلَم !
وحسبي في ذلك، وما أتديّن به لربّي .. هو هذا الذي ذكرَه، الإمامُ ابنُ الوزير اليمانيّ رحمه الله، حيث قال :
( وقد قَصدتُ وجهَ الله تعالى، في الذَّب عن السُّنن النبويَّة، والقواعد الدينية .. وليس يَضرُّني؛ وقوفُ أهل المعرفة، على ما لِي من التقصير، ومعرفتُهم أن باعِي في هذا الميدان قصير؛ لاعترافي :
بأني لستُ من نُقَّاد هذا الشأن، ولا من فرسان هذا الميدان، لكنِّي لم أجد مِن الأصحاب مَن تصدَّى للجواب ... فتصديتُ لذلك مِن غير إحسانٍ ولا إعجاب، ومَن عَدم الماءَ؛ تيمَّم بالتراب !
عالمًا بأنِّي لو كنتُ باري قَوسها ونِبالها، وعنترةَ فوارسها ونِزالها؛ فلن يَخلوَ كلامي من الخطأ عند الانتقاد، ولا يَصفو جوابي من الكدَر عندَ النُّقاد .. فالكلامُ الذي لا يَأتيه الباطلُ مِن بين يَديه ولا مِن خلفِه؛ هو كلامُ الله الحكيم، وكلامُ مَن شَهِد بعصمتِه؛ القرآنُ الكريم !
وكلُّ كلامٍ بعد ذلك؛ فلَه خطأٌ وصواب، وقِشرٌ ولُباب .. ولو أن العلماءَ رضي الله عنهم، تَركوا الذَّب عن الحقِّ خوفًا من كلام الخَلق؛ لكانوا قد أضاعُوا كثيرًا، وخافوا حقيرًا ). العواصم

ولا أحسَبُ مَن أنا على شاكلتهم في مثل هذا الخوض - وهُم كُثر لا يُحصَون والحمد لله، ولا تخلو منهم أرض - وما مِثلي إلا مُتطفّل على موائد علمهم وفضلهم ؛ 
إلا وهم جميعًا مُتمثّلون بأكثر من هذا الذي ذكرتُ !
فاللهمَّ اغفر لي جدّي وهَزلي، وخطئي وعَمدي، وكلّ ذلك عندي !
واهدِ المسلمين أجمعين لما تُحبّ وترضَى، وتوفّنا على التوحيد الذي ارتضيتَ لنا، وانصر المجاهدين في كلّ مكان 

أبو فهر المسلم

باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله

  • 0
  • 0
  • 604

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً