دفءٌ

منذ 2015-12-02

دق جرس الباب ثم ابتعد قليلا كعادته، فتحت الإبنة الكبري، سلم بصوته "الدافئ" المميز وسأل عن والدتها، جاءت الأرملة مرحبة وفي يدها باقي الأطفال، نزل علي ركبتيه كعادته واحتضنهم ومسح علي رؤسهم "الصغيرة"، أعطاهم أكياس الحلوي وبعض الملابس "البسيطة" التي استطاع إحضارها، حمل الأطفال بضاعتهم "الثمينة" وذهبوا للداخل ليعيشوا لحظات من السعادة والفرحة الحقيقية!

أخبر الأم أنه قد دفع إيجار الثلاثة أشهر السابقة وأنه يعتذر عن التأخير لوجود بعض الظروف الطارئة، شكرته كثيرا فشعر بالخجل الشديد كعادته واستأذن وانصرف، لم يرد أن يحدثها عن تجارته المتعثرة ولا عن ظروفه المادية الصعبة، فقد تعهد أمام الله أنه سيكفلهم، ولاذنب لهم ويكفيهم ماهم فيه.

كان الجو شديد البرودة والشوارع شبه خالية، ولكن قلبه "الحي" كان ينبض بأحاسيس تشعره بالدفء، ركب في سيارته... نظر في المرآة للحظات، شعر بسعادة وسكينة وهدوء، ثم ابتسم ونظر لرف السيارة الخالي من النظارة الشمسية "الغالية" ونظر لمعصم يده الخالي من الساعة "الثمينة"، ياله من ثمن بسيط للحظات من السعادة الحقيقية والفرحة الصادقة؟!

وصل لبيته، وقبل أن يصعد كان قد خلع ثوب "البطل الأسطوري" وبدا من بعيد كشخص "عادي" تماماً! يسير بين الناس ببساطة وهدوء، يجهله معظم أهل "الأرض" ولكنه معروف تماماً عند "خالقه" الذي صنعه علي عينه ورزقه من "رحمته" واختصه بأن يكون من "صانعي" الفرحة، وكذلك يعرفه أهل "السماء"، يحبونه ويدعون له ويستغفرون له وينتظرون لقاءه بشوق، هناك... حيث السعادة الدائمة والنعيم المقيم، هناك... حيث لا هم ولا حزن بعد اليوم!
في مدح الأنقياء الأخفياء، المجهولين في الأرض... المعروفين في السماء!

وسام الشاذلي

حاصل علي الماجيستير المهني والدكتوراة المهنية في إدارة الأعمال تخصص إدارة المشروعات

  • 3
  • 0
  • 2,687

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً