عرب غير العرب ما بين أقصى 2000 وأقصى 2009!!
منذ 2009-09-30
وأضاف أن "القدس خط أحمر على أجندة الفلسطينيين، وإن كانت إسرائيل تعتقد أنها تستطيع أن تجبر الفلسطينيين على قبول حل وسط فيما يتعلق بمدينة القدس المحتلة، فهي مخطئة".
غزة- "الخميس 28-9-2000".. رئيس الوزراء الإسرائيلي (آنذاك) إريل شارون يقتحم المسجد الأقصى في حماية أكثر من ثلاثة آلاف جندي مدججين بالسلاح".
خبر عاجل تصدر كـافة شاشات الفضائيات، فأثار حنق وغضب المسلمين في أرجاء العالم، لتشتعل المسيرات والمظاهرات المنددة، وجرى استدعاء للسفراء وإرسال إنذارات للقنصليات الإسرائيلية، وعُقدت قمة عربية طارئة، واندلعت انتفاضة الأقصى التي استمرت لعدة سنوات.
"الأحد 27-9-2009".. اليوم، وبعد مرور تسع سنوات يُعيد التاريخ نفسه مع بعض التغيير، فمئات الإسرائيليين من الجماعات اليهودية المتطرفة تُدنس باحات المسجد الأقصى تحت حراسة مشددة من الشرطة الإسرائيلية.
بل وتمادت قوات الشرطة لتطلق النيران والغازات المسيلة للدموع صوب المصلين، وتصيب 16 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء، من بينهم حالات وُصفت بالخطيرة، في ظل حالة من الصمت المُطبق تنتاب الشارعين الإسلامي والعربي حتى كتابة هذا التقرير، فضلا عن التشرذم والانقسام الفلسطيني، بينما تتعالى صيحات الفلسطينيين من أجل انتفاضة جديدة ربما تكون أكثر عنفا وشراسة.
من 2000 إلى 2009:
في عام 2000 كان التفاعل مع الأقصى واسعا في الشارع العربي وفرض نفسه وبقوة من خلال المظاهرات المنددة التي اجتاحت الدول العربية من المحيط إلى الخليج، ودعا المحتجون إلى دعم الانتفاضة بالعتاد، وتفعيل سلاح النفط، ووقف التطبيع مع إسرائيل، وقطع العلاقات مع دولة الاحتلال، وسحب السفراء العرب من تل أبيب، وهو ما أحرج الأنظمة العربية التي سارعت بعد شهر من اقتحام الأقصى إلى عقد قمة عربية طارئة اكتفت بشجب واستنكار حادثة الاقتحام، وأشادت بالانتفاضة ودعمتها بصندوق مالي بقيمة مليار دولار، مع التلويح بقطع العلاقات العربية مع إسرائيل، ووقف مسار المفاوضات متعددة الأطراف، والعمل على ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين في المحاكم الدولية.
واستعادت انتفاضة الأقصى جوانب منسية في المجتمع العربي، فطفت على السطح دعوات مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، وشهد الشارع العربي عودة الأغنية الوطنية وشعر المقاومة وامتلأت الفضائيات العربية بمواد غزيرة عن الانتفاضة احتلت المساحة الأكبر في نشرات الأخبار والبرامج.
أما في 2009 فتغير المشهد وتراجع الاهتمام بالمسجد الأقصى ليحتل المرتبة الأخيرة في الكثير من نشرات الأخبار على الفضائيات العربية، وتقاعس الشارع العربي حتى كتابة هذا التقرير، ولفه صمتٌ مُريب بالرغم من أن عمليات تهويد مدينة القدس المحتلة منذ حرب يونيو 1967 في تزايد، ولم تتوقف أنياب الحفريات تحت المسجد الأقصى مما يعرضه للانهيار في أي وقت.
وحتى نداء العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لجعل الجمعة الأولى من شهر رمضان الماضي يوما للتضامن مع الأقصى، لم يجد صدى يذكر في الشارع العربي والإسلامي.
80 محاولة اقتحام:
ومؤخرا كشف تقرير صادر عن "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث" أن إسرائيل نفذت منذ احتلالها الشطر الشرقي من القدس سلسلة حفريات قارب عددها على الثلاثين، شملت شق أنفاق وأعمال هدم نال أكثرها من المسجد الأقصى.
وجاء في التقرير، الذي حصلت (إسلام أون لاين.نت) على نسخة منه، أنه عقب احتلال القدس وحتى تسعينيات القرن الماضي، أجرت إسرائيل أكثر من 12 عملية من الحفريات والأنفاق وأعمال هدم، كان معظمها أسفل المسجد.
وما بين 2004 و2009 لم تتوقف الحفريات، وإن كانت قد أخذت نوعا من السرية؛ حيث تم الكشف عن أكثر من 15 حفرية ونفقا وأعمال هدم، كان آخرها محاولات إسرائيلية لحفر نفق جديد يسار مسجد عين سلوان جنوبي الأقصى، بتمويل جمعية "إلعاد" الاستيطانية.
وبالرغم من الكشف عن وجود 80 محاولة لاقتحام المسجد الأقصى من قبل المجموعات اليهودية المتطرفة المدعومة من سلطات الاحتلال، فإن الشارع العربي والإسلامي والموقف الرسمي العربي لم يخرج عن صمته.
وإن كان الشارع العربي قبل تسع سنوات قد هب في مسيرات غضب واحتجاجات عفوية للدفاع عن الأقصى، فإنه يتم اليوم استجداء تحرك المسلمين من أجل مسرى نبيهم من جديد؛ حيث طالبت أصوات فلسطينية عديدة العلماء والأئمة والمثقفين بالدعوة إلى هَبّة جماهيرية سريعة لحماية الأقصى ومواجهة ما يتعرض له والوقوف عند واجباتهم ومسئولياتهم تجاه قبلة المسلمين الأولى، والتحرك العاجل لإنقاذ الأقصى وأهله المرابطين، محذرة من انعكاسات ما يجري على كافة الصُعد.
أيـن العرب؟!
مقارنة بين الأمس واليـوم تساءل عكـرمة صبـري رئيس اللجنـة العليا للمقدسات الإسلامية في القدس المحتلة بحسـرة عن جموع الجماهير العربية والإسلامية التي انتفضت قبل تسع سنوات تدافع عن المسجد الأقصى، وتنتحب على تدنيسه وترفض بأعلى صوتها المساس به.
وقال صبري في حديث لـ(إسلام أون لاين.نت): إن "ما يجري اليوم من صمت عربي وإسلامي يبعث على الأسى والحزن الدفين"، وتساءل مستنكرا: "ما الذي تنتظره الأمة الإسلامية والعربية والحكام والزعماء.. هل ينتظرون خبرا عاجلا بأن المسجد الأقصى انهار ليتحركوا ويشجبوا.. هم اليـوم عزفوا حتى عن التنديد وخط بيانات الشجب وكأن الأقصى في كوكب آخر، متناسين أنه قبلتهم الأولى ومسرى نبيهم الكريم صلى الله عليه وسلم".
وبالرغم من أن صبري لا يعول كثيرا على العرب والمسلمين متوقعا مزيدا من الصمت المطبق، فإنه شدد على أن "الفلسطينيين سيذودون عن الأقصى بما أوتوا من قوة وإرادة ولو دفعوا حياتهم ثمنا لذلك".
وأردف: أن "اقتحام اليوم يتزامن مع الذكرى التاسعة لاقتحام شارون المسجد الأقصى عام 2000.. الآلاف من الشهداء والجرحى سقطوا في سبيل الدفاع عن أقصاهم وقدسهم والفلسطينيون قادرون اليـوم أيضا على حماية مقدساتهم ولن يتركوا الأقصى وحيدا.. ولو دفعوا أرواحهم ثمنا لذلك".
ولم يستبعد صبري اندلاع انتفاضة جديدة، قائلا: "إسرائيل تحاول فرض واقع جديد في القدس وتسعى لتقسيم المسجد الأقصى، وهو ما سيرفضه الفلسطينيون، فالأقصى واحد للمسلمين ولن يكون لليهود حق فيه".
بينما وصف إبراهيم أبو جابر مدير مركز الدارسات المعاصرة داخل الخط الأخضر، اقتحام الأقصى اليـوم بـ"نوع من أنواع الاستفزاز الجديد يدخل في إطار السيطرة الإسرائيلية على المسجد الأقصى والتسريع ببناء الهيكل اليهودي المزعوم".
وأضاف أبو جابر في حديث لـ(إسلام أون لاين.نت): "شاهدنا مؤخرا أكثر من مؤشر لتسريع بناء الهيكل المزعوم، ومن ضمنها ادعاء الإسرائيليين اكتشاف مطهرة غرب حائط البراق يقولون إنها أحد الأماكن التي كان يغتسل فيها اليهود قبل الصلاة في الهيكل، وقبل مدة تم جلب مجسم للهيكل ووضعه في المنطقة الغربية المطلة على الأقصى"، ولم يستبعد إقدام الاحتلال على هدم الأقصى.
خط أحمـر:
وإذا ما كانت هذه الأمـور ستعجل بحدوث انتفاضة عارمة، قال أبو جابر: إن "الأمر ليس مستعبدا، فإسرائيل مطمئنة لحالة الصمت العربي والإسلامي، وإن كانت ثمة ثورة فالفلسطينيون وحدهم من سيثور".
وتابع قائلا: "ما حصل اليوم ليس بعيدا عن اقتحام شارون للمسجد الأقصى قبل تسع سنوات، لكن الواقع اليوم تغير، فبعيدا عن حالة الصمت العربي والإسلامي المطبق هناك فصل كامل للضفة الغربية المحتلة عن القدس وتم تحييد غزة المحاصرة واستبعادها بالكامل، فلم يبق إذن إلا الداخل (الفلسطينيون داخل الأراضي المحتلة عام 1948) برغم أنهم برأيي غير مستعدين لموجهات ستوقع شهداء واعتقالات وجرحى، خاصة أن فلسطينيي الداخل يعانون ضائقة اقتصادية وترهيب الدولة".
وإذا ما اندلعت انتفاضة ومواجهات مع الاحتلال عنوانها القدس فإنها بحسب أبو جابر "ستكون أولا في غزة حتى ولو لم تكن مؤثرة، ثم ستندلع في الضفة برغم قبضة السلطة القوية، فمع تسارع الاستيطان وانعدام الحل السياسي سينتفض أهالي الضفة ليقينهم أنهم وصلوا إلى نفق مظلم، ولم يبق أمامهم سوى خيار المقاومة، فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرفض تقديم أي شيء للفلسطينيين، بل يسعى لفرض القانون الإسرائيلي على سكان الضفة، ولا أستبعد أن يطلق عليهم (أهل الضفة) عرب 67 كما سموا عرب الـ48".
من جهـته، وصف حاتم عبد القادر مسؤول ملف القدس في حركة فتح ما يجري في القدس بـ"الأمر الخطير"، واعتبر في تصريح صحفي أن المحاولات المتكررة لاقتحام المسجد الأقصى تنذر بإشعال فتيل انتفاضة قوية وعنيفة، محملا سلطات الاحتلال مسؤولية كافة التداعيات التي قد تنجم عن هذه الاعتداءات والاستفزازات العنصرية، وشدد عبد القادر أن الفلسطينيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام أي محاولة للمس بالمسجد الأقصى مهما كلف ذلك من ثمن وتضحيات.
وأضاف أن "القدس خط أحمر على أجندة الفلسطينيين، وإن كانت إسرائيل تعتقد أنها تستطيع أن تجبر الفلسطينيين على قبول حل وسط فيما يتعلق بمدينة القدس المحتلة، فهي مخطئة".
علا عطا
الله - شيماء مصطفى
المصدر: إسلام أون لاين
المصدر: إسلام أون لاين
المصدر: إسلام أون لاين
- التصنيف: