وباء الفساد أخطر من وباءالخنازير

منذ 2009-10-02

في 2004 قام خبراء عرب بإجراء مسح حول التطور في المنطقة العربية ليقدموه إلى تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية في العالم العربي. وقد أظهر المسح الذي أجري في 5 من الدول العربية أن 90% من الناس يعتقدون بأن الفساد السياسي والاقتصادي قد تفشى في مجتمعاتهم.



كلما أعلن عن ظهور وباء في العالم سيطرت حالة من الهلع على الناس تصديقا لقول الحق [إن الإنسان خلق هلوعا]، والعالم الآن يسوده حالة من الهلع بسبب أنفلونزا الخنازير سريعة الانتشار، فقد أعلنت حالة الطوارئ الصحية في كل بلاد العالم وأصبح الخنزير النجم رقم واحد في كل وسائل الإعلام، وأعدمت الخنازير في بعض بلاد العالم، وقد وصل الهلع إلى الدول العربية الإسلامية، ففي مصر رغم عدم الإعلان عن اكتشاف حالة واحدة مصابة بالمرض، وفي حالة نادراً ما تتكرر في مصر، وافق مجلس الشعب بالإجماع على إعدام الخنازير وسارعت الحكومة إلى التنفيذ.

يقول الأطباء المختصون أن الخنزير حاضن لثلاثة أوبئة: أنفلونزا الخنازير وأنفلونزا الطيور والأنفلونزا التي تصيب البشر، ومن المعلوم أن الله حرم الخنزير في القرآن الكريم على عباده المسلمين، وقد أثبتت الأبحاث الطبية أنه يسبب كثيرًا من الأمراض.

الشاهد أن الخنزير الآن رمز لفساد صحة الناس فما بالنا برموز الفساد الأخرى التي أفسدت حياة المسلمين السياسية والاجتماعية والأخلاقية والثقافية والاقتصادية في وطننا العربي وسبب ذلك كله عدم الحكم بين الناس بشرع الله الذي يحقق العدل. وقد انتشرت كالوباء بسبب قلة ايمان ولإغلاق منافذ الدعوة الاسلامية فضلاً عن عدم وجود مصل الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بين الناس الذي به تتم الوقاية من الفساد وأيضا العلاج ويتم به الخيرية للأمة الإسلامية.

والفساد في اللغة ضد الصلاح، والحق يقول في كتابه {والله لا يحب الفساد}، ويقول أيضًا {إن الله لا يحب المفسدين}. وقد ذكر الفساد في القرآن الكريم في 50 موضعًا.
وقد ورد تعريف الفساد في موسوعة العلوم الاجتماعية، بأنه: "إساءة استخدام السلطة العامة لتحقيق كسب خاص، وأسرع فهم سياسي الآن للفساد يتطرق للفساد الإداري والاقتصادي، ولكن الحقيقة أن الفساد أشمل من ذلك والجميع له علاقة متلازمة ببعضه البعض فلا نستطيع عزل الفساد الإداري والاقتصادي عن الفساد السياسي المنتشر في الكثير من البلاد العربية التي تعانى من فساد سياسي متمثل في الاستبداد والظلم وعدم تحقيق الحد الأدنى من العدالة بالتضييق على الحريات بل وأدها تماما ً وتزوير إرادة الناخبين في الانتخابات وتولية الفاسدين للمناصب العليا.


في عام 2004 قام خبراء عرب بإجراء مسح حول التطور في المنطقة العربية ليقدموه إلى تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية في العالم العربي. وقد أظهر المسح الذي أجري في 5 من الدول العربية الرئيسة أن 90% من الناس يعتقدون بأن الفساد السياسي والاقتصادي قد تفشى في مجتمعاتهم.


وقد حذرت منظمة برلمانيون عرب ضد الفساد من انتشار الفساد في وطننا العربي بصورة لافتة وسريعة مما يؤدى إلى تآكل وإهدار الثروات، وقالت المنظمة إن حوالي من 15 إلى 25 بليون دولار يهدر في الفساد في الوطن العربي.

وعن نماذج الفساد في الدول العربية حدّث ولا حرج، ففي تقرير نشر في الأهرام الاقتصادي عام 2002 عن مصر، تحدث عن 99 مليار جنيه كسب غير مشروع و 5 مليار جنيه غسيل أموال و400 مليون رشاوى و600 مليون تحت الحراسة، هذا و الفساد الرسمي منذ خمس سنوات. وفى عام 2003 نشرت هيئة الرقابة الإدارية في مصر تقريرا يقول إنه تم ضبط 65855 ألف حالة فساد إداري ومالي بواقع 180 قضية في اليوم و30 قضية في الساعة، أي كل دقيقتين قضية فساد .. فما بالكم الآن وقد توحش الفساد؟ فما هي الأرقام الآن؟

الحقيقة أن وقائع الفساد في الوطن العربي الذي كان ينبغي أن يكون نموذجًا للعدل كثيرة جداً ومتعددة ولا تحتاج إلى أدلة أو أرقام، فكل مسلم يعيش مفاسد الواقع في شؤون الحياة يوميا.


والأخطر هو الفساد والإفساد العقائدي الذي انتشر ببلاد المسلمين من أفكار علمانية وشيوعية وليبرالية وصاحبه الفساد الأخلاقي الذي تفتح له الكثير من الأبواب الإعلامية والثقافية ترحيبا في الوقت الذي تحارب فيه الفضيلة والأخلاق والقيم، وكل من يتعرى من كل القيم والفضائل أصبح هو القدوة والرمز وتفتح له كل وسائل الإعلام، والدعاة إلى الخير والصلاح تفتح لهم أبواب المعتقلات والسجون وتكمم أفواههم.

الحقيقة أن الواقع ينطق أن الفساد في بلاد المسلمين أصبح حالة عامة كالوباء، فمن المحزن أن منظمة الشفافية العالمية تعطى عشر درجات (في النزاهة والخلو من الفساد) وهى الدرجة النهائية لدولة مثل نيوزلندا يحكمها نصارى ولا يحصل على نصفها دولة إسلامية!!

لكن ما الحل؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول إنما أهلك من كان قبلكم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها. والشريف في الحديث هم كبار القوم، والمفسدون في عالمنا الإسلامي هم من الكبار ومن أبناء الكبار، ونحن في بلادنا العربية والإسلامية يسجن ويحاكم الفقراء فقط، بل أحياناً تلفق لهم التهم ونترك الكبار والحيتان يفسدون كيفما ما يشاءون!!

وأخيراً لقد تسبب الفساد في ضعف العالم العربي والإسلامي اقتصادياً وسياسيًا واجتماعياً وعقائدياً وأخلاقياً، ولم تعد أمة العرب خير أمة أخرجت للناس وصاحبة الحضارة الإسلامية التي أقامت صرح حضاري كبير أنار العالم في وقت كانت أوربا تتخبط في ظلماتها في القرون الوسطي، وكان لها قوة عظيمة هزمت المغول والصليبين وكل المعتدين والمفسدين في الأرض.

ويبقى السؤال: هل نحن مقدمون على الهلاك كما جاء في الحديث وكما هلك من قبلنا؟ ليس بأنفلونزا الخنازير ولكن بالفساد الذي استشرى كالسوس ونخر في جسد الحياة في بلادنا العربية والإسلامية وأصبح كالوباء سريع الانتشار؟


الحقيقة أن المصل الواقي واللقاح الفعال للفساد هو تحقيق دولة العدل التي لا تفرق بين كبير أو صغير، غنى أو فقير في تحقيق العدل ودولة العدل،هى الدولة التي تحكم بشرع الله على الكبير قبل الصغير والغنى قبل الفقير،الناس فيها جميعا سواسية أمام حكم الله، لا فرق بينهم بمنصب أو نسب أو جاه .. فأين العاملون من أجلها والحق تبارك وتعالى يقول فى كتابه الكريم {فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين . وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون}

المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 4,651

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً