مع القرآن - اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ

منذ 2016-01-06

نقر بأنه خالقنا و رازقنا و نعلم يقيناً أنه خلق لنا أزواجاً و ذرية ثم رزقنا و رزقهم و أجزل لنا العطاء و خلق لنا أرحاماً نتقارب معها و نتواصل ليكتمل بناء المجتمع ثم أوصانا بصلة تلك الأرحام و جعل هذه الصلة قربة له تقربنا إليه .
و أمرنا أولاً وآخراً بتقواه طالما هو الخالق الرزاق المدبر فهو المستحق وحده للعبادة و التقوى و الخوف و الرجاء و الأمل و الدعاء .
و العاقل اللبيب هو من يقر و يعلم أنه طالما أقر بأنه الخالق فحتماً عليه سيقر بأنه المستحق للعبادة و التقوى وحده .
فهل بذلنا لربنا ما يستحق ؟؟؟
قال تعالى :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } النساء 1 .
قال السعدي في تفسيره : افتتح تعالى هذه السورة بالأمر بتقواه، والحث على عبادته، والأمر بصلة الأرحام، والحث على ذلك.
وبيَّن السبب الداعي الموجب لكل من ذلك، وأن الموجب لتقواه أن { رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ } ورزقكم، ورباكم بنعمه العظيمة، التي من جملتها خلقكم { مِن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } ليناسبها، فيسكن إليها، وتتم بذلك النعمة، ويحصل به السرور، وكذلك من الموجب الداعي لتقواه تساؤلكم به وتعظيمكم، حتى إنكم إذا أردتم قضاء حاجاتكم ومآربكم، توسلتم بها بالسؤال بالله. فيقول من يريد ذلك لغيره: أسألك بالله أن تفعل الأمر الفلاني؛ لعلمه بما قام في قلبه من تعظيم الله الداعي أن لا يرد من سأله بالله، فكما عظمتموه بذلك فلتعظموه بعبادته وتقواه.
وكذلك الإخبار بأنه رقيب، أي: مطلع على العباد في حال حركاتهم وسكونهم، وسرهم وعلنهم، وجميع أحوالهم، مراقبا لهم فيها مما يوجب مراقبته، وشدة الحياء منه، بلزوم تقواه.
وفي الإخبار بأنه خلقهم من نفس واحدة، وأنه بثهم في أقطار الأرض، مع رجوعهم إلى أصل واحد -ليعطف بعضهم على بعض، ويرقق بعضهم على بعض. وقرن الأمر بتقواه بالأمر ببر الأرحام والنهي عن قطيعتها، ليؤكد هذا الحق، وأنه كما يلزم القيام بحق الله، كذلك يجب القيام بحقوق الخلق، خصوصا الأقربين منهم، بل القيام بحقوقهم هو من حق الله الذي أمر به.
وتأمل كيف افتتح هذه السورة بالأمر بالتقوى، وصلة الأرحام والأزواج عموما، ثم بعد ذلك فصل هذه الأمور أتم تفصيل، من أول السورة إلى آخرها. فكأنها مبنية على هذه الأمور المذكورة، مفصلة لما أجمل منها، موضحة لما أبهم.
وفي قوله: { وخلق مِنْهَا زَوْجَهَا } تنبيه على مراعاة حق الأزواج والزوجات والقيام به، لكون الزوجات مخلوقات من الأزواج، فبينهم وبينهن أقرب نسب وأشد اتصال، وأقرب علاقة.
أبو الهيثم
 

  • 0
  • 0
  • 539
المقال السابق
اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا
المقال التالي
مال اليتيم خبيث

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً