أعمال القلوب - [20] المحبة- علامات حب الله للعبد
المحبة هي الرأس والخوف والرجاء هما الجناحان، والعبد يسير إلى الله بالمحبة والخوف والرجاء.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين وبعد، حديثنا عن مقام عظيم وعمل كبير من أعمال القلوب فهو أساسها جميعًا ألا وهو محبة الله تعالى. المحبة هي الرأس والخوف والرجاء هما الجناحان، والعبد يسير إلى الله بالمحبة والخوف والرجاء.
هذه المحبة هي المنزلة التي فيها تنافس المتنافسون وإليها شخص العاملون وإلى علمها شمر السابقون وعليها تفانى المحبون وبروح نسيمها تروح العابدون فهي قوت القلوب وغذاء الأرواح وقرة العيون وسرور النفوس ونور العقول وعمارة الباطن و غاية الأماني ونهاية الآمال وروح الحياة وحياة الأرواح.
وهي الحياة التي من حرمها فهو من جملة الأموات، والنور الذي من فقده فهو في بحار الظلمات، والشفاء الذي من عدمه حلت بقلبه جميع الأسقام واللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام، فهي روح الإيمان والأعمال والمقامات والأحوال التي متى ما خلت منها فهي كالجسد الذي لا روح فيه.
"تحمل أثقال السائرين إلى بلاد لم يكونوا إلا بشق الأنفس بالغيها، وتوصلهم إلى منازل لم يكونوا بدونها أبدًا واصليها، وتبوءهم من مقاعد الصدق مقامات لم يكونوا لولاها داخليها، وهي مطايا القوم التي مسراهم على ظهورها دائمًا إلى الحبيب، وطريقهم الأقوم الذي يبلغهم إلى منازلهم الأولى من قريب. تالله لقد ذهب أهلها بشرف الدنيا والآخرة إذ لهم من معية محبوبهم أوفر نصيب وقد قضى الله يوم قدر مقادير الخلائق بحكمته البالغة أن المرء مع من أحب..، فيالها من نعمة على المحبين سابغة. تالله لقد سبق القوم السعاة وهم على ظهور الفرش نائمون وقد تقدموا الركب بمراحل وهم في سيرهم واقفون". من كلام ابن القيم في المحبة.
المحبة في اللغة: من الحب، قيل المحبة أصلها الصفاء؛ لأن العرب تقول لصفاء بياض الأسنان ونضارتها حبب الأسنان، وقيل إنها مأخوذة من الحباب الذي يعلو الماء عند المطر الشديد فعلى هذا المحبة غليان القلب عند الاهتياج إلى لقاء المحبوب، وقيل المحبة مشتقة من اللزوم والثبات ومنه أحب البعير إذا برك.
حلّت عليه بالفلاة ضربة * * * ضرب بعير السوء إذا أحبَّ
أي إذا أقام في المقام ولزمه فكأن المحب قد لزم قلبه محبوبه فلم يرم عنه انتقالاً، وقيل بل المحبة مأخوذة من القلق والاضطراب ومنه سمي القرط حبًا لقلقه في الأذن واضطرابه كما قال الشاعر:
تبيت الحية النضناض منه * * * مكان الحب تستمع السرار
وقيل مأخوذة من الحب جمع حبة وهو لباب الشيء وخالصه وأصله فإن الحب أصل النبات والشجر وقيل بل مأخوذة من الحِب الذي هو إناء واسع يوضع فيه الشيء فيمتلئ به بحيث لا يسع غيره وكذلك قلب المحب ليس فيه سعة لغير محبوبه. وقيل مأخوذة من حبة القلب وهي سويداءه ويقال ثمرته فسميت المحبة بذلك لوصولها إلى حبة القلب. وأيًا ما كان فإن هذه الصفات تجتمع في المحب وتكون مما يشعر به، و محبة الله هي التي نتحدث عنها وهي أمر هائل جسيم وفضل غامر جزيل لا يقدر على إدراك قيمته إلا من عرف الله بصفاته كما وصف نفسه .
علامات محبة الله تعالى للعبد:
العلامات التي إذا وجدت في العبد أو أحس بها تدل على أن الله يحبه:
1- حسن التدبير له فيربيه من الطفولة على أحسن نظام ويكتب الإيمان في قلبه وينور له عقله فيجتبيه لمحبته ويستخلصه لعبادته فيشغل لسانه بذكره وجوارحه بطاعته، فيتبع كل ما يقربه إلى محبوبه و هو الله عز وجل ويجعله الله نافرًا من كل ما يباعد بينه وبينه ثم يتولى هذا العبد الذي يحبه بتيسير أموره من غير ذلّ للخلق فييسر أموره من غير إذلال، ويسدد ظاهره وباطنه، ويجعل همه هماً واحداً بحيث تشغله محبته عن كل شيء.
2-الرفق بالعبد والمراد اللين واللطف والأخذ بالأسهل وحسن الصنيع.
3-القبول في الأرض والمراد قبول القلوب لهذا العبد الذي يحبه الرب والميل إليه والرضا عنه والثناء عليه كما جاء في حديث أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البخاري ومسلم).
» (رواه4-الابتلاء، فعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (صحيح الجامع [2110]) فيبتليهم بأنواع البلاء حتى يمحصهم من الذنوب، ويفرغ قلوبهم من الشغل بالدنيا غيرة منه عليهم، فالله يغار ومن صفاته الغيرة، يغار أن يشتغل العبد الذي يحبه بغيره فلا يريد أن يشتغل بالدنيا فيبتليه ويتلذذ العبد بالبلاء ويصبر ولا يجد وقتًا وإمكانًا للاشتغال بالدنيا التي تصرفه عن الله فلا يقع العبد فيما يضره في الآخرة، ويبتليه بضنك من المعيشة أو كدر من الدنيا أو تسليط أهلها ليشهد صدقه معه في المجاهدة ، قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد:31].
وهذا الابتلاء على حسب قدر الإيمان ومحبة الله للعبد كما قال سعد بن أبي وقاص : «الألباني حسن صحيح) .
» (رواه الترمذي وقال«
» (أخرجه ابن ماجة وصححه الألباني)– قالوا في اللغة التحوية أن يدير كساءً حول سنام البعير-.5- الموت على عمل صالح، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: « » (رواه أحمد وابن حبان والحاكم وصححه الألباني)
- التصنيف:
- المصدر: