أوروبا وحقد لاحدود له، حتى سويسرا المحايدة..

منذ 2009-12-11

ما يحدث يعبر عن حرب صليبية جديدة متنوعة سواء باستخدام القوة العسكرية باحتلال بلاد المسلمين، أو السياسية وآلياتها أو الاقتصاد ...



لم تكتفي الدول الغربية الصليبية باحتلال بلاد المسلمين في العراق وأفغانستان ومساعدة ودعم اليهود في احتلال فلسطين، ومؤخراً اجتمع حلف الأطلسي ليرسل مزيداً من الجنود لحرب المسلمين في أفغانستان، وهو مايتنافى مع أبسط حقوق الشعب الأفغاني في الاستقلال .

وكل يوم في أوروبا حدث جديد وعداء سافر ضد المسلمين سواء على مستوى الأفراد أو الهيئات والأحزاب أو حتى على مستوى الدولة ونظامها السياسى.

فقد فتحت الأبواب لمنظمات الحقد وأحزابه، أن تحارب مظاهر الإسلام تحت يافطة الديمقراطية التى لو طبقت فى بلاد المسلمين على نفس الأسس، ضد الأقليات الدينية لثار وهدد العالم الغربي الصليبي وأوغى وأزبد يبكي الديمقراطية.


ومنذ أيام دخلت سويسرا على خط الحقد الصليبي في أوروبا ضدالمسلمين ومظاهر الإسلام بمنع بناء المآذن.

وسويسرا بلد اشتهر سياسياً بالحياد خاصة فى الحربين العالمية الأولى والثانية، وبين ملايين القتلى والجرحى والخراب والدمار تُذكر سويسرا بكلمة ووصف الحياد بسبب أنها لم تشارك فى الحربين وكانت ملاذ آمنا وظلت سويسرا على ذلك، حتى بعد انتهاء الحربين وتحول العالم إلى معسكرين كانت سويسرا على الحياد السياسي.

وتدعي سويسرا تميزها بنظامها الفيدرالي الديمقراطي الذي مع حيادها أصبحت الملاذ الآمن في بنوكها لكل مليارات العالم.

لكن كل ذلك سقط مع ظهور وحش فظيع من الكراهية نبت فى أوروبا وتسلل إلى سويسرا وأعلن عن نفسه بكراهية الإسلام والدعوة إلى حظر بناء المآذن فى سويسرا، وعلى أثر ذلك سقطت كل دعاوي سويسرا عن الحياد والديمقراطية بضربة واحدة من وحش كراهية الإسلام الذى حصل على تصويت بمنع بناء المآذن.


وقد تبادر إلى ذهني سؤال سريع وهو لماذا يا سويسرا هل وقع حادث عنف فى سويسرا وتم اتهام مسلمين فيه؟

الإجابة: لم يحدث مطلقاً و على لسانهم ذكرت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية أن تصويت السويسريين لصالح حظر بناء المآذن يعكس تخوف أوروبا من انتشار الإسلام داخل المجتمعات المسيحية العريقة في أوروبا، وهنا تذكرت أن علم سويسرا ينتصفه صليب كبير
لاأدري كيف غاب عن عيون كل من ينتقد سويسرا اليوم.

لذلك خرج أحد المتطرفين فى سويسرا يقول إن المآذن ليست أبنية دينية بل هي "الرمز الظاهر لمطالبة سياسية-دينية بالسلطة تطرح مراجعة الحقوق الأساسية" ولكني أتعجب أي مطالب بالسلطة تلك التي تغري ثلاثمائة ألف مسلم في سويسرا في وسط سبعة ملايين ونصف سويسري مسيحي بلا شك كلام ينبع من حقد لاحدود له.


واللافت أن العدوى سرعان ما انتشرت فى أوربا التي تعيش منذ حوالي عقد فى فوبيا الإسلام، فدخل التطرف الصليبي في ايطاليا وهولندا وفرنسا على الخط وزادت المطالب بإلغاء مقابر المسلمين وحتى حظر بناء المساجد.

وفى تصريح لافت دعا ماريو بورجيزيو النائب بالبرلمان الأوروبي عن حزب رابطة الشمال الإيطالي اليميني المتطرف إلى إجراء استفتاء مشابه لحظر بناء المآذن في إيطاليا قائلاً: "إن راية سويسرا الشجاعة التي تريد أن تبقى مسيحية حلقت فوق محاولات أسلمة أوروبا!!"، (راديو هولندا).

وهنا يطرح تساؤل مهم ألا وهو: ماذا إذا تم طرح قانون لمنع بناء الكنائس فى الدول الإسلامية للتصويت الشعبي وصوتت الأغلبية المسلمة للقانون ماذا سيكون ردفعل العالم الغربي المسيحي ؟

هل سيقبل التطبيق الديمقراطي أم يهدد ويرسل جيوشه ويرفض الديمقراطية فى بلاد المسلمين ...

الحقيقة الواضحة أن ديمقراطية أوربا المزيفة ودعاوى الحرية الدينية تسقط كلها تحت معاول التطرف والحقد الصليبي المنتشر فى اوروبا تحت غطاء سياسي من أحزاب يمينية متطرفة.

وصحيح أن المآذن أبنية ولكن حظرها يعبر عن خلفية كراهية خاصة أن عدد المآذن في سويسرا أربعة فقط وبالتالي لم تكن توجد أي مشكلة تؤرق السويسريين من كثرة وتعدد المآذن فى كل مناطق سويسرا، ولكن الحقد يكشف عن نفسه فى تصرفات تعبر عن كراهية لاحدود لها، وما حدث فى سويسرا حدث مثله وأكثر منه فى بلاد مثل ألمانيا وبريطانيا وبلجيكا، وهولندا وفرنسا، وإيطاليا والنمسا، كلها بلاد أوربيَّة تتشدق كلَّ يوم بحديث لا ينتهي عن حريَّاتِها العامة، والحريات الدينيَّة الممنوحة لكل المقيمين على أرضها، وفي نفس الوقت لا تكف تلك البلاد عن نقد البلاد العربيَّة والإسلامية تحت زعم اضطهادهم للأقليات الدينيَّة الموجودة على أراضيها، وتُصدِرُ كلَّ يوم تقريرًا ينتقد ما يسمى زورا ًالاضطهاد الديني فى بلاد المسلمين.

على سبيل المثال ما سمي زورًا اضطهاد الشيعة في السُّعودية "، ومرَّةً تقريرًا عن اضطهاد البهائيِّين، ومرة تقريرًا عن اضطهاد الأقباط" في مصر ، وهكذا يسعون بكل طريقة لإذكاء نار الفتنة من جهة، والتَّحريض على الدول العربية الإسلامية من جهة، وتشويه الإسلام من جهة أخرى، بانتقاد تعاليم الإسلام داخلَ مضمون تقاريرهم الكاذبة.


رَغْمَ أنَّ الواقعَ كلَّ يوم يفضح الممارسات العُنصرية، والاضطهاد ضدَّ المسلمين في بلاد الغرب الصليبي؛ إلا أنَّهم لا يستحيون، وعندما نستعرض بعضَ صور الاضطهاد ضدَّ المسلمين نَجِد بشاعةً في الاضطهاد، من قتل إلى حرق، إلى هدم إلى عداء سافر، يستخدم كلَّ السُّبل لإظهار عدائه وحقده على المسلمين.


ومن نَماذج صور الاضطهاد:
أشهرها ماحدث مُؤخرًا في ألمانيا، وفي مدينة دريسدن، وفي الأول من شهر يوليو، قُتلت الدكتورة مروة الشربيني طعنًا بالسكين من عنصري ألماني؛ بسبب تَمسكها بحجابها، وعندما أسرع إليها زوجها أُطلق عليه النار من الشرطة الألمانية؛ بسبب بشرته السمراء العربية.

ولايفوتني ما جرى في يوم الجمعة 11 سبتمبر، وبالقُرب من مسجد يجري بناؤه في حي هارو في لندن، وعقب صلاة الجمعة؛ نظمت منظمة تطلق على نفسها اسم: "أوقفوا مظاهر الأسلمة في أوربا" - مظاهرة ضد المسلمين، وقال أحدهم - واسمه ستيفن جاش - من حركة "أوقفوا مظاهر الأسلمة في أوروبا": إنَّنا ضد بناء مساجد جديدة.

وقبل ذلك بأسبوع كانت مظاهرة في برمنجهام بوسط إنجلترا ضد المسلمين نظمتها "رابطة الدفاع الإنجليزية اليمينيَّة المتطرفة"، وحوادث التعدي على المسلمين لا تنتهي في بريطانيا، كان أشهرها في يوم جمعة أيضًا الاعتداء على إمام مسجد أزهري، وَفَقْءَ عينه، بواسطة صليبي بريطاني في أغسطس 2007.

وفي إيطاليا حرقت مساجد في مدينة ميلانو أعلنت مسؤوليتها عنهم جماعة اسمها الجبهة المسيحية المقاتلة عام 2007.


وفي بلجيكا دَعَت وزيرة الداخليَّة في 8/ 3/ 2005 في حديث لمجلة فالتر البلجيكية إلى حظر الحجاب؛ لأنَّه يتنافى مع قيم المجتمع، وظهرت في بلجيكا جماعة اسمها "أوقفوا الإسلام بأوربا".
ومن عند أنفسهم أصدر مركز المساواة ومكافحة العُنصرية في بروكسل تقريرًا في 13 سبتمبر 2009، جاء فيه أنَّ العُنصرية ضد المسلمين بأوربا زادت ثلاثةَ أضعاف عما كانت عام 2006.

ومن قبل صدر تقرير عام 2005 بعنوان: التعصُّب والتميُّز ضد مسلمي أوروبا، صادر من اتِّحاد هلسنكي لحقوق الإنسان، تضمَّن التقرير تزايد التعصُّب ضد المسلمين في كل من النمسا وبلجيكا والدنمارك، وإيطاليا والسويد، وفرنسا وهولندا، وأنَّ مظاهر ذلك التعصُّب تنوعت من اعتداءات جسدية، إلى مُضايقات لفظيَّة، إلى تخريب ضدَّ مُمتلكات ومظاهر إسلامية، كالمساجد والقبور، وأشار التقرير بوضوح إلى دَوْر الإعلام الغربي في تغذية التعصُّب وكراهية الإسلام.


وكي نفهم من يغذي الحقد والتطرف فى أوروبا أتوقف عند ما أعلنه زعيم الفاتيكان الحقود بندكت في شهر سبتمبر عام 2006، في جامعة ألمانية عندما كان يُلقي محاضرة، فأدخل كلمات لإمبراطور بيزنطي يتهم النبي محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه لم يأتِ إلاَّ بكل شر، وأنَّ الإسلامَ دينُ عنف، هكذا كلام أكبر زعيم ديني مسيحي في أوروبا، تحريض واضح وإساءة واضحة ضد المسلمين ونبيهم ودينهم، وليس مستغربًا بعد ذلك أن تنتشر في أوروبا حركات اضطهاد المسلمين، ولكن المثير للعجب هو سيل الكذب المفضوح من حكومات الدُّول الغربية عن الحريات الدينية والمساواة والعدل في بلادهم، في الوقت الذي تنتشر فيه وقائع الاضطهاد ضد المسلمين في أوربا بسبب دينهم، وليس بسبب أي موقف سياسي مثلاً ضد الدول التي يعيشون فيها.


ويبقى القول كم هو عظيم الإسلام الذي برحمته وعدله وهديه وشرعه يفضح كل دعاوى الحاقدين ويكشف زيف دعواهم فالحمد لله على نعمة الإسلام.

وأخيراً ما يحدث يعبر عن حرب صليبية جديدة متنوعة سواء باستخدام القوة العسكرية باحتلال بلاد المسلمين، أو السياسية وآلياتها أو الاقتصاد وهو مايعكس عن تخوف حقيقي للغرب الصليبي من انتشارَ الإسلام سواء عن طريق الدَّعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، أو مشاهدة الشعوب الغربية المسيحية لواقع حياة المسلمين النظيفة المتطهرة وأخلاقهم الفريدة -

ولكن: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 21].


ممدوح إسماعيل - محامي وكاتب
[email protected]
  • 5
  • 0
  • 12,303
  • nada

      منذ
    "لاتحسبن الذين كفروا معجزين في الارض ومأواهم النار ولبئس المصير"

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً