بينمـا !!
بينما تنطلق قوافل إغاثة غـزَّة من لندن، وتقطع أوربا لتصل إلى غزة، بعد معاناة في المحطة المصرية ! لاتزال البلاد العربية تفضل التفـرُّج !
بينما يفتتح الصهاينة قبالة الأقصـى متحفا لما أسموه ( الهيكل الثالث
) ويضعون فيه كلَّ أباطيلهم في أحقيتهم الزائفة بالقدس، ويسارعون في
بناء المستوطنات لتهويد القدس، تقوم سلطة عباس بافتتاح مسابقة
ملكة جمال فلسطين !! وملكة جمال فلسطين الحقيقية هي أم نضال خنساء
فلسطين أم الشهداء هنـا.
بينما حارب الصهاينة غزة بما أسموه ( الرصاص المصبوب )، فصبَّ الله
عليها الثبات، والعزيمة، حاربوها للقضاء على المقاومة فيها، اعترفـوا
اليوم، وقبل مضي سنة على هذه الحرب، بأنَّ المقاومة في غزة
ازدادت قوةً، وإصراراً، وأصبحت أكثر خطراً، قال الحق سبحانه : {
ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما
وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلاّ إيماناً
وتسليماً }.
وبينما زجت سلطة عباس دايتون بأبطال المقاومة من حركة حماس في سجون
الضفة تحت نير التعذيب، للقضاء على المقاومـة، ولاسترضاء الصهاينة،
والأمريكان، اعترفوا أخيرا لو نظمت إنتخابات في الضفة تفوز
حماس، وأنَّ شعبيتها ازدادت أضعافا مضاعفة، وهذه هـي ثمار الصبـر،
والثبات، والتضحيـات.
بينما يطالب أهل غزة المنكوبين بكلّ أنواع الحصار، بإنقاذهم من خنق الصهاينة لغزة، يسارع النظام المصري بالإستجابة ببناء جدار حديدي تحت الأرض في رفح لمنع حفر الأنفاق !!
بينما أعطى عباس كلَّ مافي جعبته، وجيوبه، وذمته، حتى أصبحت خربة من
كلِّ شرف، أعطاه الصهاينة والأمريكيون، صفعات على وجهه، بدأت من فضيحة
غولدستون، وانتهت بتوسيع المستوطنات، وأخيرا قالت صحيفة التايمز
الأمريكية : حان الوقت لتغيير هذا الحمار !!
بينما تنتظر الشعوب العربية عقوداً للتخلص من طاغية، وكلَّما اشتعل
رأسه شيباً استرجعوا أحلامهـم بالتغيير، والتنفيس، يفاجئهم هـو
بالتوريث !!
بينما تثور الشعوب عندما يمتهن كرامتها الأجنبي المحتل لأرضها، يثـور
آخرون من أجل الكرة، ثم يظهـر فجأة حرص النظام على كرامة المواطن، وهو
نفسه المواطن الذي تُدخل في دبره العصيّ في سراديب البوليس
!!
بينما يمدُّ النظام العربي يده الذليلة بما أسماه السلام للصهاينة، يبصق الصهاينة في أيديهم من دماء الفلسطينيين، ويزيدون من إبتلاع أرض فلسطين، بمشاريع التهويد، والاستيطان .
بينما حارب التحالف الصهيوصليبي، ووسائل الإعلام العربية التابعه له،
روح المقاومة، ولايزال يحاربها، ويشوه صورة الجهاد على نطاق واسع،
لاتزال الفكرة الجهادية تنتشر في الأمة انتشار النار في الهشيم
بحمد الله تعالى.
بينما أشعل الأعداء حربا شعواء على النقاب في مصر، يزداد في المحروسة
أرض الكنانة، بصورة مذهلة، حتى إنَّ بعض الأخوات عندما يطلب منها نزع
النقاب في صالة الإختبارات النهائية، ترمي بأوراق الامتحان في
وجه الأستاذ، وتخرج شامخة بنقابها، فيطلب منها الرجوع مترجيا أن تكمل
إختبارها بنقابها، فالله أكبـر .
بينما حورب التدين، في تونس حربا لا نظير لها في العالم، هو آخذ في
الإنتشار في الرجال، والنساء، والشباب، والشابات في تونس الحبيبة،
وكذلك المغرب العربي المبارك بأسره، بحمد الله تعالى .
بينما حظرت الأنظمة الخائفة من الإسلام، كلمة الحق من المساجد، وغيرها
من تجمّعات المسلمين ولاحقـتها، رفعها الله تعالى إلى الفضـاء فنزلت
على رؤوس الأنظمة من فوق الغلاف الجوي عبر الفضائيـات، حتى إنَّ
بعض الفضائيات تنشر العمليات الجهادية، وأدخلها الله تعالى البيوت من
وراء الحيطان التي ( لها ودان ! ) فـي أسلاك الهاتف عبر الإنترنت،
فشاعت، وذاعت، وانتشرت، فطوقت، وحاصرت، من كان يريد حصارها،
فسبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم .
بينما تجتمع (الرمَّة ) الخليجية لترسل رسالة إلى إيران ـ كما تقول ـ اجتازت إيران مسافات بعيدة المدى في اختراق هذه الدول، وتطويقها ـ لاسيما بعدما أهدتها دول الخليج العراق وأفغانستان مجانـاً !! ـ وخطت خطوات واسعة في سبقها إلى تحصيل وسائل القوة، والسيطرة، والتأثير الإقليمي، والعالمي، والمعلوم من السياسات الحازمة إرسال الرسائل قبل وقوع الكارثة وليس بعدها ! أما بعدها فالنهوض لحربها، وقطع دابرها، وليس إرسال الرسائل !!
بينما تنطلق قوافل إغاثة غـزَّة من لندن، وتقطع أوربا لتصل إلى غزة،
بعد معاناة في المحطة المصرية ! لاتزال البلاد العربية تفضل التفـرُّج
!
بينما يحارب ساسة الغرب الإسلام، ويمعنـون في تشويه صورته، حتى حظر
المآذن في سويسرا، والحجاب في فرنسـا، يزداد الإسلام تألُّقـا، ويزيد
بوتيـرة متصاعدة، وينتشـر إنتشاراً عجيبا .
بينما يحارب الغرب الجهاد الأفغاني بدعوى القضاء على حركة إرهابية
مفسدة، هو يحمي حكومة كرزاي الفاسدة، وباعتراف الناتـو، وما هي إلاَّ
عصابات مجرمة، وفاسدة، فانتشرت المخدرات، والجرائم، وإنتهاك
حقوق الإنسان في أفغانستان بما لم يسبق له مثيل قـطّ في
تاريخهـا!!
وبينما قضي الناتو ثمان سنوات في حربه لحركة طالبان، وأنفق أكثر من 300 مليار دولار، هـي لاتزال تذهل العالم بثباتها، وسرعة انتشارها، وحكمتها في إدارة الصراع، وقدرتها على إبقاء سمعتها، ومستوى قبولها الشعبي في أفغانستان .
بينما تآمرت أمريكا مع إيران على العراق للقضاء على شموخه بإصراره على
مواجهـة الأطماع الصهيوصليبية في المنطقة، يزداد العراق ثباتا،
وصمودا، وفخرا بمقاومته للمحـتل، والتفافـا حول مشروع التحرير،
وضرب العراقيون أروع الأمثلة في التاريخ المعاصـر لشعب مجاهد بطل يأبى
الإنقيـاد للأجنبي .
بينما أعطت حكومة باكستـان كلِّ شيء لإرضاء أمريكا، تسعى أمريكا
لتفكيك باكستان، وإضعافها، وتمكين الهند ـ عدو باكستان التقليدي ـ من
التفوُّق على باكستـان، وعندما أغرت أمريكا الحكومة الباكستانية
لكي تقتل شعبها في وادي سوات، ووزيرستان إرضاء لرغبة أوباما في كسب
سياسي، عاد عليها فعلُها بالويل والثـبور، حتى قال وزير داخلية
باكستان إن الهند تقوم بعمليات تفجير للتخريب في باكستان !
بينما تسارع إيران بنشر الفكر الباطني المسيَّس، وتنفق عليه
المليارات، لتحارب الدول السنية، وتنشئ من وسائل الإعلام عددا هائلا
لتحقيق هذا الهدف، تكتفي هذه الدول بالتفرج على قناة واحدة هي
قناة (صفا) المباركة ـ مؤسسها هو شخص غيور على دينه ـ والحال أن
إمكانات فتح عشر قنوات فضائية مثل (صفا) سهلة، وميسرة.
بينما تبدأ المجتمعات بخطوات الإصلاح، بالإصلاح السياسي وذلك بكسر احتكار السلطة وتوريثها، إلى توسيع دائرة إشراك النخب، وأهل المشورة، وتمكين أهل الأمانة من إدارة الدولة، ومحاسبة السلطة برقابة علنية، وإطلاق حرية التعبير، وبالإصلاح المالي بمحاربة الفساد، ووقف الإستئثار بالثروة، والقضاء على البطالة، وتوفير فرص العمل، والحياة الكريمة لضعفاء المجتمع، والإصلاح الإجتماعي بنشر العدالة الإجتماعية، وحفظ حقوق الإنسان، والإصلاح القضائي، وبتطوير الخدمات العامة، والبنية التحتية .
بينما تبدأ المجتمعات بخطوات الإصلاح بهذه الأمور، نبدأ نحن بـ
(تخليط) الشباب بالشابات في التعليم !! وكلُّ شيء سواه في ضياع !! يا
لهـا من عبقرية في اللحاق بالعصر !!
بينما تفرح المجتمعات بالإنجازات، والتنمية، وتحقيق التطور، وتحسين
أحوال الشعوب، طار الكويتيون فرحـاً لمجرد أنَّ رئيس الحكومـة ( صعد
منصة )، والحال أنَّ كلّ شيءٍ على ما هو عليه من سوء إدارة
الدولة، وإنتشار الفساد، وتردِّي الخدمات، فما الفائدة ؟! والله شيء
عجيب فعلا !
وعندما طلب منّي بعض المتابعين للشأن المحلي تعليقا على العملية
السياسية في الكويت، قلت له : لا ترقى إلى أن توصف بعملية، هي عبث
سياسي، صوته عالٍ، وإنجازاته موهومة، وذلك مثل ربة بيت تسمع
جعجعتها طوال الصباح في المطبخ، وقرقعـة أصوات الأواني لا تخفى على
الجيران، وعندما يجيء وقت الغداء لا غـداء لبيتها !!
حامد بن عبد الله العلي
أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية
- التصنيف: