مع القرآن - يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ

منذ 2016-02-11

أعداء الإسلام عبر التاريخ يقاتلونهم من أجل دنيا إما يخافون عليها أو يريدون اتساع رقعتها فإن فاتهم مقصودهم ونزلت بهم الهزيمة خسروا الدارين معاً الدنيا والآخرة.

أما المسلم فإنه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا وليفسح أعداء الله الطريق أمام كلمة الحق لتصل وليدخل الناس في دين الله كما أن المسلم يقاتل دفاعاً عن العرض والدماء والمال والأوطان المستباحة (في حالة جهاد الدفع) و يرجو جراء ذلك إنقاذ دنياه والفوز بأخراه.

فارق شاسع بين الفريقين مع تساويهما في الجراح والحرب وملاقاة الموت والألم.

قال تعالى: {وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء:104].

قال السعدي في تفسيره:
أي: لا تضعفوا ولا تكسلوا في ابتغاء عدوكم من الكفار، أي: في جهادهم والمرابطة على ذلك، فإن وَهَن القلب مستدع لوَهَن البدن، وذلك يضعف عن مقاومة الأعداء. بل كونوا أقوياء نشيطين في قتالهم.

ثم ذكر ما يقوي قلوب المؤمنين، فذكر شيئين:
الأول: أن ما يصيبكم من الألم والتعب والجراح ونحو ذلك فإنه يصيب أعداءكم، فليس من المروءة الإنسانية والشهامة الإسلامية أن تكونوا أضعف منهم، وأنتم وإياهم قد تساويتم فيما يوجب ذلك، لأن العادة الجارية لا يضعف إلا من توالت عليه الآلام وانتصر عليه الأعداء على الدوام، لا من يدال مرة، ويدال عليه أخرى.

الأمر الثاني: أنكم ترجون من الله ما لا يرجون، فترجون الفوز بثوابه والنجاة من عقابه، بل خواص المؤمنين لهم مقاصد عالية وآمال رفيعة من نصر دين الله، وإقامة شرعه، واتساع دائرة الإسلام، وهداية الضالين، وقمع أعداء الدين، فهذه الأمور توجب للمؤمن المصدق زيادة القوة، وتضاعف النشاط والشجاعة التامة؛ لأن من يقاتل ويصبر على نيل عزه الدنيوي إن ناله، ليس كمن يقاتل لنيل السعادة الدنيوية والأخروية، والفوز برضوان الله وجنته، فسبحان من فاوت بين العباد وفرق بينهم بعلمه وحكمته، ولهذا قال: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} كامل العلم كامل الحكمة.

  • 0
  • 0
  • 1,445
المقال السابق
صفة صلاة الخوف في القرآن
المقال التالي
وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً