غزة بين خزي عربي ومواقف أوروبية

منذ 2010-01-21

وفي ظل الصمت العربي، وقهر الشعوب العربية المسلمة، وتواطؤ مسؤولين عرب على حصار غزة، خرجت من أوروبا بعض المواقف التي تعبر عن استيقاظ بعض الأوروبيين إلى همجية ووحشية الصهاينة..


في يوم السبت 27 ديسمبر 2008م، قام العدو الصهيوني بحرب وحشية على قطاع غزة فأطلق طائراته وصواريخه ودباباته تقتل وتدمر كل شيء فاستشهد وجرح الآلاف ودمرت المنازل على الآمنيين وأشجار الزيتون وقتل الأطفال الرضع في مشاهد هزت أقسى القلوب في العالم وقاوم أهل غزة على قدر استطاعاتهم.

واندلعت المظاهرات في العالم العربي تندد وتصرخ وتوقفت الحرب في 18 يناير من السنة الجديدة وعاد المتظاهرون العرب إلى بيوتهم، بينما أهل غزة يدفنون شهدائهم ويضمدون جراحهم ويجمعون ما تبقى من أنقاض بيوتهم حتى يحتموا من برد الشتاء فلا يجدون لهم مأوى إلا ايمانهم بالله وحقهم المغتصب وهم صابرون محاصرون.


وفي ظل الصمت العربي، وقهر الشعوب العربية المسلمة، وتواطؤ مسؤولين عرب على حصار غزة، خرجت من أوروبا بعض المواقف التي تعبر عن استيقاظ بعض الأوروبيين إلى همجية ووحشية الصهاينة، وقد تبلور ذلك في مواقف عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر:

1- الهجوم العنيف الذي تعرض له رئيس حكومة العدو الصهيوني السابق (إيهود أولمرت) خلال إلقائه لمحاضرة بجامعة شيكاغو بالولايات المتحدة بعد العدوان.

2- جامعة (ساسيكس) البريطانية تعلن أن اتحاد طلاب الجامعة قرر مقاطعة المنتجات الصهيونية داخل مرافق الجامعة، وبلغت نسبة التصويت للقرار 65%.(بعد العدوان جاء الرئيس الأمريكي إلى جامعة القاهرة وسط مظاهرة ترحيب وتصفيق رسمية ولم يعكر خطابه كلمة من مسؤول واحد تدين تواطؤ إدارته في العدوان؟؟).


3- خروج الآلاف من الشعب الأرجنتينيي ف مظاهرات احتجاج على زيارة رئيس كيان العدو الصهيوني بيرس للأرجنتين (بعد العدوان تعددت زيارات قادة العدو الصهيوني لعواصم عربية ولم يسمح المسؤولين العرب بخروج أي مظاهرة تدين اليهود).

4- تنديد تحالف يضم 90 منظمة وجمعية نمساوية غير حكومية بزيارة وزير حرب العدو الصهيوني "أيهود باراك" لفيينا.

5- وهو أهم مظاهر الاستيقاظ الأوروب تجاه العدو الصهيوني موقف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف على العالم بتصديقه مشروع القرار الخاص بتبني تقرير "غولدستون" حول الحرب الصهيونية على غزة ووصفه لجرائم اليهود بجرائم حرب توجب محاكمة مرتكبيها وملاحقاتهم وتمت إحالة المشروع إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة (ومن المثير للمرارة أن مندوب فلسطين طلب تأجيل القرار في فضيحة لم ولن ينساها التاريخ تفضح تواطؤ بعض المسؤولين العرب مع اليهود).


6- القضاء البريطاني يصدر قرار باعتقال وزيرة الخارجية السابقة (ليفني هربت) لتورطها في جرائم حرب تجاه الفلسطينيين وبتدخل قيادي سياسي صهيو أمريكي تهرب ليفني من لندن بجواز سفر مزور (من اللافت أن قادة العدو الصهيوني يدخلون ويخرجون من عواصم عربية مثال القاهرة وعمان والدوحة ولا يتعرضون لأي ملاحقة بل يستقبلون استقبالات رسمية ويودعون من صالة كبار الزوار ودماء الفلسطينيين لم تجف على أرض فلسطين!!).

7- المواقف المنددة بالعدوان التي سطرتها القيادات التركية وعلى رأسها رئيس الوزراء التركي أوردغان في إدانة وحشية الحرب بطرق مختلفة في المحافل الدولية مما أذهل العرب والفلسطينيين أصحاب القضية، ولم تكتفي تركيا بذلك بل ألغت مناورات كان مزمع تنفيذها مع الصهاينة (ولا يفوتني الإشارة إلى موقف أردوغان في منتدى دافوس 2009 عندما اعترض على رئيس كيان العدو الصهيوني وترك المنتدى اعتراضاً على الممارسات الوحشية الصهيونية بينما ظل عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية جالساً في مكانه بدون أي إشارة اعتراض!!).


8- ومؤخرًا كان من أبرز الموقف الأوروبية ما نشره الصحفي السويدي دونالد بوستروم عقب إعلان القبض على عصابة من الحاخامات اليهود في نيويورك فى يوليو 2009 بتهمة تكوين عصابة دولية تتاجر في الجثث والأعضاء البشرية على مستوى العالم؛ فقد نشر مقالاً في صحيفة افتون بلاديت السويدية في 17 أغسطس 2009 وبجانب المقال صورة لجثة شاب فلسطيني بها أثار شق للصدر إلى البطن.

وفي المقال يذكر أنه عندما كان في فلسطين عام 1992 شاهد وعاين سرقة اليهود للأعضاء من جثث الفلسطنيين تحت قيادة العدو أولمرت وكان وقتها وزيراً للصحة، وذكر في مقاله قصة شاهدها وعاينها وهي عملية قتل الشاب بلال أحمد الغنام بواسطة الجيش الصهيوني واختطاف جثته ثم عودة الجثة بعد أيام مشقوق صدرها ناقصة بعض الأعضاء!!!

وقد جاء في المقال بإحصاءات تفيد بأن 133 فلسطينياً قتلوا في العام نفسه الذي قتل فيه بلال (1992) خضع نصفهم لعملية تشريح، وقد تعرض الكاتب لحرب من الصهاينة، وتعرضت السويد لضغوط صهيونية للاعتذار ولكنها لم تعتذر.

ومن اللافت أن التلفزيون الصهيوني أكد هذا الخبر في 19 دسمبر 2009، وقال التلفزيون: إن أعضاء كالقرنيات والعظام -العظام الطويلة- إضافة إلى جلد الظهر كانت ينتزع من الفلسطينيين ومن دون موافقة عائلاتهم.

وأن المسؤول عن سرقة الأعضاء هو "يهودا هس" من معهد أبو كبير وهو مسؤول الطب التشريحي والقضائي في إسرائيل تولى ذلك من الثمنينات حتى عام 2000 (ويبقى التساؤل المحزن أين العرب من تلك الفضيحة والمهانة؟!، أين تحرك السلطة تجاه حقوق شعبها؟!، أين الجامعة العربية؟!، أين المنظمات الحقوقية العربية؟!.. لا تكاد تسمع لهم همساً).


9- ظهور مقال شجاع في صحيفة الديلي تلجراف البريطانية يوم 23 ديسمبر 2009 يدين جرائم اليهود وكاتبه شخصية سياسية أوروبية كبيرة؛ فهو المفوض الأوربي للشئون الخارجية كريستن باتن، وقد جاء في مقاله الآتي:

ينبغي ألا ننسى الحقيقة الجوهرية وهي أن الحملة الإسرائيلية على غزة كانت حملة قوة محتلة على شعب محتل، لا مجال هناك للنسبية الأخلاقية فيما يتعلق بقوانين حقوق الإنسان الدولية، إسرائيل تظل قوة محتلة، لهذا فهي تتحمل مسؤولية تأمين وتوفير الحاجيات الأساسية لمن هم تحت الاحتلال".

الحصار جعل ثمانين في المائة من سكان القطاع يقفون في طوابير يومية لتلقي الإعانات الدولية، كما تعاني غزة من انقطاع منتظم للتيار الكهربائي يستغرق لمدة تتراوح ما بين أربع ساعات وثماني يوميا".

وإذا ما استمر منع دخول مواد البناء إلى القطاع بهذه الوتيرة فهذا يعني أن إعادة البناء لن تتم قبل عدة قرون".

ووصف الحصار بقوله :"إنه تسهيل لعمليات تقويض مجتمع متحضر".

وقد ختم مقاله قائلا: "إن الفشل في ذلك يعني خيانة لأسر ما زالت تعيش فوق أنقاض منازلها، بينما شاحنات مواد البناء على بعد بضعة أميال، إن هذا يزرع بذور المرارة والصراع" (يأتى ذلك في الوقت الذي يدافع فيه مسؤولين وصحفيين وكتاب وبعض شيوخ تابعين للحكومة المصرية عن إقامة الجدار الفولاذي على الحدود مع غزة لتشديد الحصار على قطاع غزة!!!).


10- مؤخراً خرج المئات من الأوروبيين بقافلة أطلقوا عليها شريان الحياة لمساعدة أهل غزة وتكبدوا كل أنواع التعب من أجل وصول القافلة لغزة (في الوقت الذي لم يسمع أن الجامعة العربية أخرجت قافلة من شباب كل بلد عربي لفك الحصار عن غزة!!).

ويبقى أنه رغم التعاطف مع الفلسطينيين الذي هز المشاعر الإنسانية في العالم كله إلا أن الحكومة المصرية مازالت ماضية في إحكام القبضة على معبر رفح؛ المنفذ الوحيد لأهل غزة، ثم كانت الطامة الكبرى بناء جدار فولاذي بعمق 30 متر في المنطقة الواقعة على الحدود المصرية مع قطاع غزة فقط وصمت حكام العرب مؤيد لذلك!!

وأخيراً... لا يخفى دعم أوروبا والغرب دول وحكومات للعدو الصهيوني وحربهم للإسلام والمسلمين، ولكن بعض المواقف الشعبية الأوروبية والغربية بجانب بعض المواقف للمسؤولين العرب تجعل كل عربي يشعر بالخجل والعار من مواقفهم المخزية، وتجعل كل إنسان يفكر ويقول لقد حركت المشاهد والصور التي تفضح وحشية اليهود من يخالفوننا في الدين والعقيدة والأرض والجغرافيا والعادات والتقاليد، ولكنهم بشر يملكون مشاعر إنسانية تتحرك وتشعر وتتألم من ظلم الإنسان للإنسان أما بعض المسؤولين العرب فيبدو أنه ماتت النخوة والمروءة عندهم بعدما ضيعوا شريعة الإسلام....

تلك الصفات التي اشتهر بها العرب حتى في جاهليتهم قبل الإسلام وتغنوا بها فى أشعارها ماتت على مائدة المفاوضات من أجل الحرص على المناصب والدنيا، أو أنها نامت أو خدرت ولكن متى تنتبه وتستيقظ و قنابل العدوان دمرت الآمان وصراخ الأطفال والمرضى والجوعى في غزة أيقظ علوج الرومان بينما الكثير من مسؤولين ينتمون لعرب النخوة والكرامة لا يستحيون شعارهم إذا لم تستح فاصنع ما شئت!!


ممدوح إسماعيل كاتب ومحام
[email protected]


  • 1
  • 0
  • 5,975

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً