رواية قواعد العشق الأربعين في ميزان التصور الإسلامي - (6): الرواية والسلام الداخلي
نقد الرواية: الجزء الرابع إنَّ مصطلح "السلام الداخلي" وإن كان يتشابه لفظًا مع مصطلح "الإسلام" فإن معناه يختلف تمامًا. فهو مصطلح منتشر بين ممارسي اليوجا والطاقة الروحية فيما يعرف بتحقيق الأمن والسكينة الداخلية ،أما الإسلام فيعني الاستسلام والانقياد التام لله سبحانه وتعالى ولأوامره الشرعية الدينية وليس الاستسلام لشيء آخر!!
سادسًا: السلام الداخلي:
وتدعيمًا لفكرة وحدة الأديان السالفة تخلط الكاتبة بين تعريف الإسلام وما يُسمى بالسلام الداخلي عند الفلاسفة وأهل الكتاب.
تقول الكاتبة في روايتها على لسان شمس التبريزي:
"كنت ألعب الشطرنج مع ناسك مسيحي يدعي فرنسيس تحت سماء زرقاء صافية لم يكن سريع الغضب بل كان رجل يعرف معنى الاستسلام ولما كان الإسلام يعني "السلام الداخلي" والكلمة مشتقة من كلمة الاستسلام فقد كان فرانسيس في رأيي مسلمًا أكثر من الكثيرين ممن يدعون الإسلام، إذ تقول إحدى القواعد الأربعين: لا يعني الاستسلام أن يكون المرء ضعيفا أو سلبيا ولا يؤدي إلى الإيمان بالقضاء والقدر أو الاستسلام بل على العكس تماما إذ تكمن القوة الحقيقية في الاستسلام -القوة المنبعثة من الداخل- فالذين يستسلمون للجوهر الإلهي في الحياة يعيشون بطمأنينة وسلام حتى عندما يتعرض العالم برمته إلى اضطراب تلو الاضطراب. "الرواية- ص420 ".
إنَّ مصطلح "السلام الداخلي" وإن كان يتشابه لفظًا مع مصطلح "الإسلام" فإن معناه يختلف تمامًا.
فهو مصطلح منتشر بين ممارسي اليوجا والطاقة الروحية فيما يعرف بتحقيق الأمن والسكينة الداخلية واستجلاب الطاقة الإيجابية الوهمية التي يتحدث عنها مروجو علم الطاقة الروحية، كما تمتد أصول هذا المفهوم للديانة الهندوسية والبوذية، كما تحدث عنه أيضا وعّاظ النصارى في حبهم للمسيح.
أما كون هذا المفهوم هو نفسه في الإسلام فهذا ليس صحيحا ولم يتحدث عنه أحد من السلف، فالإسلام يعني الاستسلام والانقياد التام لله سبحانه وتعالى ولأوامره الشرعية الدينية وليس الاستسلام لشيء آخر!!
وهذا الاستسلام وحده هو الذي يؤدي للسكينة والطمأنينة الحقيقية لأن الاستسلام لأوامر الله تعالى فيها الهداية والرشاد والأمن والإيمان، يقول تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[آل عمران: الآية 85].
وقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}[الأنعام: 82].
وقد بين لنا الله في كتابه العزيز الفرق بين الإسلام وغيره من الملل، فقال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}[آل عمران: الآيات 19-20].
يقول ابن باز رحمه الله: "هذا وقد وصف الله سبحانه وتعالى اليهود والنصارى بالكفر لما قالوه عن الله، وبما حرفوه وغيروه في كتبهم، وتجاوزهم الحد في القول والعمل تبعًا لما تصف ألسنتهم، وتستهوي نفوسهم قاتلهم الله أنى يؤفكون، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [المائدة: من الآية 17]، وقال تعالى {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة: الآيتان 72,73]، وقال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}[التوبة: الآيتان 30،31].
والآيات الكريمات في هذا المعنى كثيرة، مما يُعلم معه بأن الديانة اليهودية والديانة النصرانية قد نُسختا بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، وأن ما فيهما من حق أثبته الإسلام، وما فيهما من باطل هو مما حرفه القوم وبدلوه حسب أهوائهم؛ ليشتروا به ثمنًا قليلاً فبئس ما يشترون.
فدين الإسلام هو الدين الصحيح المطلوب من أهل الأرض، وهو الدين الذي بشر به جميع الأنبياء.
روى النسائي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى في يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ورقة من التوراة فقال: « »، وفي رواية: « ». [حديث حسن]
... إلى أن قال رحمه الله: "ودين الإسلام هو الطريق المستقيم الموصل إلى الله، كما ورد في تفسير سورة الفاتحة، فإن العبد يدعو ربه بأن يهديه إلى الصراط المستقيم، وأن يبعده عن طريق المغضوب عليهم وهم اليهود الذين عصوا الله عن علم ومعرفة، وطريق الضالين وهم النصارى الذين يعبدون الله على جهل وضلال.
ومما ذكرناه يتضح أن الطريق إلى الله واحد وهو دين الإسلام، وهو الذي بعث الله به نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم كما بعث جميع الرسل، وإن جميع ما خالفه من يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو وثنية أو غير ذلك من نحل الكفر كله باطل، وليس طريقًا إلى الله، ولا يوصل إلى جنته، وإنما يوصل إلى غضبه وعذابه، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: الآية 85].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فتاوى بن باز نص الفتوى من هنا http://www.binbaz.or.../mat/8527#_ftn2 ». [رواه الإمام مسلم في صحيحه.] أ.هـ
- التصنيف:
- المصدر: