المتجر الرابح: مشاريع استثمارية يومية

منذ 2016-03-23

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين. إن رضا الله تعالى أعظم ما يرجوه المسلم، ولقد وعد الله ملِكُ الملوك عباده المؤمنين بالجنة العظيمة، وهي مقر النعيم الدائم، وفيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، والبشرى بالجنة من الأمور التي حثَّ الشرع عليها؛ ترغيبًا في نعيم الله تعالى، وتأليفًا للقلوب.

في رحاب الجنة:
ورد في القرآن الكريم والسنَّة النبوية ترغيب عظيم في الجنة ونعيمها، وفي رحاب هذه الأوصاف الكريمة مِن الله الكريم ومن رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم نتدبر هذا المقام الكريم؛ لكي نسعى إليه بالحسنات، ونُقبل عليه بالصالحات؛ قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} [النساء:57]، وقال الله تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الزخرف:71]، وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة شجرة يستظلُّ الراكب في ظلِّها مائة سنة، واقرؤوا إن شئتم: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: 30]، ولَقَابُ قوس أحدكم من الجنة خيرٌ مما طلعت عليه الشمس أو تغرب» (البخاري)، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة مجوَّفة، عرضها -وفي روايةٍ: طولها- ستون ميلًا، في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين، يطوف عليهم المؤمن، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن» (البخاري ومسلم)، وعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة لسوقًا يأتونها كل جمعة، فتهب ريح الشمال، فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسنًا وجمالاً، فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنًا وجمالاً، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بَعدنا حسنًا وجمالاً، فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنًا وجمالاً» (مسلم).

مشاريع استثمارية يومية:
لا يدخل الجنةَ أحدٌ بعمله؛ وإنما برحمة الله تعالى، وحريٌّ بالمسلم أن يسارع بالخيرات؛ لكي يكون من الشاكرين، وينعم في الجنة النعيم الدائم، وفيما يلي ذكر لمشاريع استثمارية يومية يحرص عليها المسلم؛ فيتقرب لله تعالى بالطاعات، ويكسب مزيدًا من الحسنات.
 
1- صلاة الضحى:  
عن أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يصبحُ على كلِّ سُلامى من أحدِكم صدقةٌ، فكلُّ تسبيحةٍ صدقةٌ، وكلُّ تحميدةٍ صدقةٌ، وكلُّ تهليلةٍ صدقةٌ، وكلُّ تكبيرةٍ صدقةٌ، وأمرٌ بالمعروفِ صدقةٌ، ونهيٌ عن المنكرِ صدقةٌ، ويجزئُ من ذلك: ركعتان يركعُهما من الضحى» (مسلم).

مورد عظيم للصدقات، ونهر متدفق للحسنات، وصلاة الضحى ميسَّرة، وأقلُّها ركعتان، فيجب علينا اغتنام هذا الفضل، والارتواء مِن هذا النبع الجاري.
 
2- قول "سبحان الله وبحمده":  
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن قال: سبحان الله وبحمده، في يوم مائة مرة، حُطَّت خطاياه وإن كانت مثل زَبَدِ البحر»  (البخاري).

أجر عظيم، يُثابر عليه يوميًّا كل مسلم، ويستطيع المسلم قول: "سبحان الله وبحمده" مائة مرة في دقيقتين -بفضل الله تعالى- بتدبُّر وإجلال لعظمة الله تعالى.

 3- قول: "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم":  
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم» (البخاري).

المتأمل في الألفاظ النبوية يجد جمال الترغيب وكماله؛ من يُسْر في الذكر، وعاقبة عظيمة لمن يكثر من قول: "سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم"، وفي الدقيقة الواحدة يمكن بفضل الله تعالى قول هذا الذكر العظيم 40 مرة، وفي عشر دقائق 400 مرة، وفي ساعة واحدة 2400 مرة.

 4- قول: "لا حول ولا قوة إلا بالله":  
عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قُلْ: لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ؛ فإنها كَنزٌ من كُنوزِ الجنةِ»، أو قال: «ألا أدُلُّكَ على كلمةٍ هي كَنزٌ من كُنوزِ الجنةِ؟ لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ» (البخاري).

• يمكن للمسلم بفضل الله تعالى أن يتزود من كنوز الجنة، فيكثر من ملازمة قول: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، فيزداد قربه من الله ملك الملوك، ويزداد ثراؤه في الجنة، وفي الدقيقة الواحدة يستطيع المسلم بفضل الله تعالى أن يقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله" أكثر من 40 مرة، وفي الساعة الواحدة أكثر من 2400 مرة.

 5- قول: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر":  
• عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلُّك على غراسٍ هو خير من هذا؟ تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ يُغرَس لك بكل كلمة منها شجرةٌ في الجنة» صححه الألباني في (صحيح الجامع).

• تجارة رابحة، يدرِك عاقبتَها من يعرف حقيقة الدنيا وأنها إلى زوال، فيغرس ما يبقى له في الآخرة، وفي الدقيقة الواحدة يستطيع المسلم أن يغرس في الجنة بفضل الله تعالى أكثر من 50 شجرة في الجنة، وفي عشر دقائق يستطيع بفضل الله تعالى غرس أكثر من 500 شجرة في الجنة، وفي الساعة الواحدة يستطيع بفضل الله تعالى غرس أكثر من 2500 شجرة في الجنة، فهذه دار الخلود، ومقر النعيم المُقيم.

 6- قول: "سبحان الله وبحمده، عدد خلقِه، ورضا نفسه، وزِنَةَ عرشِه، ومداد كلماته":  
عن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله تعالى عنها: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرةً حين صلَّى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: «ما زلتِ على الحال التي فارقتُك عليها؟، قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلتُ بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وُزِنَتْ بما قلتِ منذ اليوم لوزنتْهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته» (مسلم).

• في الحديث الشريف توضيح للمُضاعفة في الأجر لهذا الذكر العظيم، والمسلم يَحتوي هذه الفرصة لزيادة أجره بفضل الله تعالى، ويُمكن قول هذا الذكر العظيم الكثيرَ من المرات في اليوم، فيزداد رصيده من الحسنات، ويمتلك حصة وافرة من الصالحات.

 7- السنن الرواتب:  
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن ثابر على ثنتي عشرة ركعةً من السُّنة، بُني له بيت في الجنَّة؛ أربع قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر» (ابن ماجه وصحَّحه الألباني).

• قد يقضي المسلم حياته بأكملها لبناء دار فانية في الدنيا الزائلة، ولكن أجر الله تعالى عظيم، فيمكن بفضل الله تعالى الحصول على بيت في الجنة كل يوم بصلاة ثنتي عشرة ركعة، وفي الشهر يحصل المسلم بفضل الله تعالى على 30 بيتًا في الجنة بفضل الله الكريم وبتيسيره، فالمثابرة لمن أراد الاستزادة.

8- قول "سبحان الله العظيم وبحمده":
•عن جابر بن عبدالله رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن قال: سبحان الله العظيم وبحمده، غرست له نخلة في الجنة» (الترمذي، وصححه الألباني).

• يمكن بفضل الله تعالى وتيسيره الحصول على 40 نخلة في الجنة في الدقيقة الواحدة بقولنا: "سبحان الله العظيم وبحمده"، وفي الساعة الواحدة نستطيع بفضل الله تعالى أن نجني 2400 نخلة في الجنة، وفي الشهر نستطيع أن نجني بفضل الله تعالى 72000 نخلة في الجنة، وفي السنة نستطيع بفضل الله تعالى أن نتزود من هذا النعيم بالكثير بالمثابرة وإدراك الغاية.

 9- الصدقة:  
• الصدقة من أبواب الكنوز الوافرة، ولقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية من عظيم الأجر للمتصدقين؛ قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:274]، وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تصدق أحد بصدقة من طيِّب - ولا يقبل الله إلا الطيب - إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرةً في كف الرحمن، حتى تكون أعظم من الجبل؛ كما يربِّي أحدكم فَلُوَّه أو فصيله» (الترمذي وصححه الألباني).

• يحرص المسلم على الصدقة، فيبحث عن مواردها ومستحقيها، ويشارك غيره في جمع الصدقات، ويحرص على الصدقة كل يوم بما يتيسر له، فيعطي الفقراء والمحتاجين، ويعطف على المساكين، ويساهم في رسم البسمة على وجه الأيتام، ويُقرض المتعسِّرين.

10- إفشاء السلام:
• روى الترمذي أنَّ رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، قال: «قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "عشرٌ"، وجاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "عشرون"، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاثون"»، والحديث صحَّحه الألباني.

• يقابل المسلم يوميًّا ما يُقارب من 100 مسلم، في الشارع وفي عمله، وفي محيط منزله، وفي المواصلات، ولو ثابر على إلقاء السلام والحرص عليه كاملًا لنال بفضل الله تعالى 3000 حسنة يوميًّا مِن تتبُّع سنَّة إفشاء السلام كاملًا، وفي الشهر حظي بفضل الله تعالى بأكثر من 90000 حسنة، ويضاعف الله تعالى لمن يشاء.

أخي الكريم،الدال على الخير كفاعله، فلنحرص على زيادة نطاق التجارة الرابحة، ونكسب مزيدًا من المستثمرين، ونحرص على جني ودِّ المشمِّرين، فنبلِّغ بالموعظة الحسنة، ونتواصى بالحق والصبر مع المسلمين، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

حسين أحمد عبد القادر

  • 5
  • 0
  • 16,065

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً