فوائد من حجة الوداع(1)
وفي حجته صلى الله عليه وسلم التي حجها عام عشر من الهجرة، وودع فيها مكة والبيت الحرام وأمته الكثير من الفوائد العقدية والفقهية والدعوية والتربوية، وكلها مما ينبغي التذكير به وإشاعته بين المسلمين، وسوف أسوق إن شاء الله عددا من تلك الفوائد في منشورات متتابعة.
- مكث صلى الله عليه وسلم في الطريق من المدينة النبوية إلى مكة المكرمة ثمانية أيام حيث خرج من المدينة في الخامس والعشرين من ذي القعدة ووصل مكة في الرابع من ذي الحجة. وهو صلى الله عليه وسلم في كل تلك الأيام على ظهر بعير، يصيبه نصب الطريق ووعثاء السفر، وليس على راحلته سوى رحل رث وقطيفة لا تساوي أربعة دراهم، وزاده وزاد أبي بكر تحمله زاملة واحدة.
وقد مرض صلى الله عليه وسلم في مسيره هذا واشتد به صداع الشقيقة، فاحتجم وسط رأسه، كما أصابه وجع في رجله فاحتجم على ظهر قدمه.
واليوم يقطع الناس تلك المسافة في سويعات على ظهور مركبات مكيفة ومعهم المثلجات والمرطبات ويمرون بأنواع الاستراحات.
فبأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم كم تعب وعانى في حضره وسفره، وحله وترحاله، وجهاده ودعوته، وهو الكريم على ربه، ولو شاء لكان ملكا رسولا، ولتحولت له بطحاء مكة ذهبا، لكنه اختار أن يكون عبدا رسولا، وأن يكون عيشه قوتا، يجوع يوما فيصبر، ويشبع يوما فيشكر، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيا عن قومه ورسولا عن أمته، ونشهد أنه بلغ ودعا، وعلم وهدى، وسدد وأرشد، صلوات الله عليه وسلامه، وعلى آله وصحبه أجمعين.
(من الكتب المفيدة والمؤلفة بطريقة سهلة وشيقة كتاب: كأنك معه، صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ عبد الوهاب الطريري)
- التصنيف: