صلة الرحم وسعة الرزق

منذ 2001-04-22

عن أبي هريرة أن النبي قال: <<من سرّه أن يُبسط له في رزقه وأن يُنسأ له في أثره فليصل رحمه>>.

عن أبي هريرة أن النبي قال: <<من سرّه أن يُبسط له في رزقه وأن يُنسأ له في أثره فليصل رحمه>>.

لاشك أن النفس بطبيعتها محبة للخير، تعمل على التماس السبل التي تسوق لها السعة في الرزق والبركة في العمر والأجر، والرسول يخاطب بهذا الحديث هذه النفس، فيرشد إلى طريق السعة في الرزق وكثرته، وإلى طريق التوفيق في العمل، فيهدي العبد إلى العمل الكثير، ذي الأجر الجزيل، في عمره القليل، ووسيلة بلوغ ذلك كله صلة الرحم.

ولاشك أن صلة الرحم باب خير عميم، فيها تتأكد وحدة المجتمعات وتماسكها، وتمتلئ النفوس بالشعور بالراحة والاطمئنان، إذ يبقى المرء دوماً بمنجى عن الوحدة والعزلة، ويتأكد أن أقاربه يحيطونه بالمودة والرعاية، ويمدونه بالعون عند الحاجة، ويهدي تأمل جماليات البيان النبوي في الحديث الشريف إلى إدراك شفقة الرسول بأمته وحرصه على توجيهها إلى ما ينفعها، فالحديث يقوم على أسلوب شرط، يقوم فعله على سرور السامع وسعادته، ويكشف جوابه عما يحقق هذه السعادة المرتجاة، وسبق أسلوب الشرط في الحديث على نحو يثير شوق السامعين، فالمرء حين يصغي إلى قوله عليه الصلاة والسلام:
<<من سرّه إن يبسط له في رزقه>>... تهفو نفسه إلى الوسيلة التي تحقق هذه البسط في الرزق، لكن هذه الوسيلة لا تذكر مباشرة بل يؤخرها قوله : <<وأن ينسأ له في أثره>> وهو ما يضاعف الشوق لدى السامع، إذ انضافت فائدة أخرى تحققها هذه الوسيلة، وهي البركة في العمل الذي يؤديه المرء في عمره، حتى إذا بلغ شوق السامع غاية مداه بتوجيه رسول الله : <<فليصل رحمه>> يكشف عما يتطلع السامع إلى معرفته.

وصوغ الحديث على قالب أسلوب الشرط على هذا النحو يكسب معناه إحكاماً وترابطاً منطقياً، إذ ترتبط أجزاء المعنى فيما بينها ارتباط مكونات أسلوب الشرط بينها: وهو ارتباط السبب بالنتيجة، وكأن صلة الرحم هادياً حتمياً - إن أخلص المرء النية - إلى سعة الرزق وبركة العمل والأجر والمعنى سوق على نحو يحف الهمم على صلة الرحم.

فالرسول صلى الله عليه وسلم يكشف عن الهدف المرتجى، ثم يعقب ذلك ببيان وسيلة بلوغ هذه الهدف <<من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه>>

وتأمل طبيعة مفردات الحديث الشريف يكشف عن الطبيعة المتجددة الخالدة التي يتسم بها هدي رسول الله، فأفعال الحديث مضارعة دالة بذاتها على التجدد والاستمرار (يبسط)، (ينسأ)، (فليصل)، أما الفعل (سره) فقد جاء ماضياً دالاً على رسوخ هذه الرغبة في نفس كل إنسان، والفعلان (يبسط) و (ينسأ) مبنيان للمجهول، وكأن ثمة تعظيماً للأجر الجزيل يهبه الله للعبد الواصل رحمه أما الفعل (فليصل) فقد جاء مبنياً للمعلوم مقترناً بلام الأمر ليدل بذلك كله على أهمية صلة الرحم وحتمية القيام بحقها. وجاء شبه الجمله (له) دالاً على القصر، فهذا الأجر الكبير الذي يخص به الله عباده الواصلين أرحامهم مقصور عليهم لن يناله غيرهم، وهو ما يجعل السامعين يحرصون حرصاً أن يكونوا ضمن هؤلاء الفائزين بالأجر العظيم
<<من سره أن يبسط له رزقه، وأن ينسأ له في أثره>>
نسأل الله أن يجعلنا من عباده الذين يؤدون حق الرحم، وأن يرزقنا سعة الرزق، والبركة في العمر.


المصدر/المؤلف: الدكتور طارق شلبي

المصدر: مجلة الشقائق - العدد 25
  • 6
  • 0
  • 67,758
  • علاء محمد المهدى حامد

      منذ
    [[أعجبني:]] الكلام فى غاية الروعة لانه يحث على جعل كل نفس ان تقوم على حب بعضهم البعض وان ينسي اي شخص ما يقدمه لغيريه ويدرك ان مايقدمه لغيره من شي اذا كان حاجة من اي شيء مادى او معنوى فهو لله ومهما حصل من شخص ان يتبع الانسان السيئة الحسنة لان ذلك يقتل حته الغل والحقد ويجعل الناس متقاربين افضل بالفعال الطيبة [[لم يعجبني:]] احوال الناس اليوم الاستعجال وعدم الصبر والكل يدوس على ااخر ليصل هوا
  • أبو رحيق

      منذ
    [[أعجبني:]] جزاكم الله خيراً وأكثر من أمثاله لأن الموضوع يمس شريحة كبيرة من المجتمع بل المجتمع كله .
  • أبو إبراهيم

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبني العمق في الطرح [[لم يعجبني:]] قلة التأصيل الشرعي فيه
  • محمد

      منذ
    [[أعجبني:]] حكايتي قصيرة أحكيها ليطمئن قلب الساعي وراء الرزق. أنا صاحب عمل حر، ضاق علي الدخل و توقف أحد المشاريع التي كنت أقوم بها و سمعت هذا الحديث فقررت أن أقوم بترتيب تجمع لكل أقارب العائلة لكي نرى بعضنا البعض. و فعلا وفقني الله لذلك. و في صباح اللقاء لم يتأخر وعد الرسول فقد جاءت البشرى و وافق على الإشتراك في مشروعي شركة من أكبر الشركات التي كنت أبغيها. الحمد لله. هذه القصة ليست الشاهد، بل الشاهد أن هذه هي ثاني مرة على التوالي تعمل فيها صلة الرحم بشكل سريع !!!
  • هدى.

      منذ
    [[أعجبني:]] بارك الله فيكم.

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً