بيت المقدس في خطر!!!

منذ 2010-03-26

في عام 1948م وأثناء الحرب العربية - اليهودية الأولى في فلسطين، كانت الأنظمة العربية تخضع لضغوط شديدة من هيئة الأمم المتحدة، تهدف إلى فك الحصار عن اليهود بمنطقة القدس قبل أن يفنى سكانها جوعاً وعطشاً (حسب زعمهم)...

 


في عام 1948م وأثناء الحرب العربية - اليهودية الأولى في فلسطين، كانت الأنظمة العربية تخضع لضغوط شديدة من هيئة الأمم المتحدة، تهدف إلى فك الحصار عن اليهود بمنطقة القدس قبل أن يفنى سكانها جوعاً وعطشاً (حسب زعمهم) الأمر الذي أدى إلى عدم إمداد المجاهدين العرب بما يحتاجونه من الأسلحة والذخائر حتى نفد مالديهم وأصبحوا فريسة سهلة للعدو، وانكسر الحصار المضروب على منطقة القدس وبالتالي سقطت بأيدي اليهود وسقطت معها إرادة العرب، الذين استمروا الذل والتخاذل، واختلت مفاهيمهم حتى أصبحوا يرون التنازل عن ثوابت الأمة من الأعمال البطولية التي تضاهي تحرير بيت المقدس من الصليبيين على يد صلاح الدين الأيوبي.
 
يقول الأستاذ مصطفى الطحان في كتابه (فلسطين والمؤامرة الكبرى): "إن أول قرار اتخذه، ملك الأردن في ذلك الوقت، بصفته قائداً للجيوش العربية بعد انسحاب بريطانيا من فلسطين، هو حل جيش الإنقاذ وإلغاء منظمة الجهاد المقدس وجميع القوى والعصابات التابعة لها، والإعلان أن نشاطات الهيئة العربية العليا لم تعد تمثل عرب فلسطين، وأن ممثليها لا يحق لهم التكلم بإسم الشعب... ووضعت خطة لإبعاد الفلسطينيين عن ميدان الجهاد والسياسة وعن كل ما يتعلق ببلادهم ومستقبلهم وحياتهم".
 
ورغم هذه الضغوط التي واجهتها كتائب الجيوش العربية، فقد سجلت انتصارات رائعة على عصابات يهود، فعلى الجبهة المصرية تمت السيطرة على غزة وبئر السبع وبعض المستعمرات اليهودية، وكانت الخطة تقضي بالإتجاه في خطين، واحد في اتجاه الخليل والآخر في اتجاه يافا. كما ساهمت القوات المصرية تدعمها قوات المتطوعين المصريين والليبيين والسودانيين والمغاربة في حصار القدس الجديدة. أما الجيش العراقي فقد استرد مدينة جنين الهامة واحتل بعض المستعمرات اليهودية. وسيطرت الكتائب السورية من جهتها على طريق اليرموك من جسر بنات يعقوب باتجاه طبريا. كما احتل المجاهدون على الجبهة اللبنانية الناقورة وقرية المالكية وسيطروا على معابر الجليل الغربي. وعلى الجبهة الأردنية حررت كتائب الجيش العربي أريحا - القدس وأصبحت القدس الجديدة تحت سيطرة مدافعها. كما سيطرت على طريق القدس الرملة، وعسكرت إحدى هذه الكتائب حول اللد والرملة. وقبل نهاية شهر مايو من عام 1948، أي بعد مضي أقل من شهر على بداية الحرب كانت الجيوش العربية تكاد تطبق على تل أبيب، أهم معقل لليهود.
 
وأمام هذه الإنتصارات الرائعة ، شعرت كل من بريطانيا وأمريكا بالخطر الذي يهدد الكيان الصهيوني وبدأت مساعيهما بالضغط على مجلس الأمن لإصدار قرار بوقف القتال لإنقاذ اليهود من الهزيمة الماحقة. وكان القرار المشؤوم بوقف القتال اعتباراً من 11 حزيران 1948م. وبالرغم من معارضة الشعوب والجيوش العربية، قبلت به الدول العربية ممثلة بجامعة الدول العربية، الأمر الذي أدى إلى فك الحصار عن مدينة القدس وإنقاذ مئة ألف يهودي كانوا على وشك التسليم.
 
أما يهود فقد استغلوا الهدنة وجلبوا كل أنواع الأسلحة والطائرات التي تدفقت عليهم من جميع الدول المناصرة لهم. كما استأجروا عدداً كبيراً من الضباط والطيارين المحترفين، واستولوا على ميناء حيفا الذي أخلاه الإنجليز، وبذلك انفتحت عليهم أبواب البحر ليستقبلوا المهاجرين والمسلحين والأسلحة عبر الميناء الكبير.
 

يقول القنصل الأمريكي في القدس:" إن قرار مجلس الأمن الذي فرض الهدنة الأولى هو الذي خلص اليهود وحال دون سحقهم".
وقطعت الإمدادات عن الجيوش العربية، فلم يصلها أي نوع من الأسلحة من أية جهة كانت، فعندما استؤنف القتال، كانت الأوضاع قد تغيرت لمصلحة اليهود، الأمرالذي أدى إلى توقيع اتفاقية رودس ( المسماة بالهدنة الدائمة )، ومن ثم اكتملت حلقات المؤامرة واعترفت معظم الدول بإسرائيل وقبلت عضواً في الأمم المتحدة.
 
وما يحصل الآن هو امتداد طبيعي لما حصل عام 1948م حيث توالت هزائم العرب في فلسطين على مدى ستين عاماً ونيف، فالأنظمة العربية تتعاقب على كراسي الحكم، بشعار تحرير فلسطين وواقعها يحكي مزيداً من الإنزلاقات الخطيرة، فالذين أضاعوا نصف فلسطين عام 1948م خلف من بعدهم خلف أضاعوا النصف الباقي من فلسطين بما في ذلك القدس الشرقية وسيناء المصرية والجولان السورية عام 1967م. ثم أتى من بعدهم دعاة الإستسلام وصناع الإتفاقيات المشبوهة، بدءاً من اتفاقية كامب ديفيد مروراً باتفاقية أوسلو وأخواتها، ولا زال الحبل على الجرار، فمؤتمرات السلام (الإستسلام) لا زالت على أشدها ومبادرات الحل المزعوم تتوالى رغم رفض اليهود لها، بكل صلف وعنجهية، هذا إلى جانب نزع سلاح الفلسطينيين وتهجيرهم بعيداً عن وطنهم بدءاً من مذبحة أيلول الأسود عام 1970 بالأردن التي تم على أثرها تهجيرهم إلى لبنان ولم تطل بهم الإقامة في هذا البلد حيث هُجروا مرة أخرى (1982) إلى تونس واليمن وبعض الدول التي ليس لها حدود مشتركة مع فلسطين، تلا ذلك مذبحة مخيمات (صبرا وشاتيلا) التي راح ضحيتها 3500 أغلبهم من النساء والأطفال والشيوخ على يد الموارنة اللبنانيين بتواطؤ الجيش اليهودي، ثم حرب الإبادة التي شنتها حركة أمل الشيعية على المخيمات الفلسطينية في جنوب لبنان، وفي أواخر عام 2008 م يشن العدو الصهيوني حرب إبادة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة راح ضحيتها 1600 شهيد بالإضافة إلى تدميركامل البنى التحتية لهذا البلد وفرض حصاراً كاملاً على القطاع منذ 2006م وحتى هذا التاريخ، وعلى مرأى ومسمع من الدول العربية التي لم تكتف بمواقفها المتخاذلة أمام هذا العدوان الغاشم على الفلسطينيين فحسب، وإنما تعدى الأمر ذلك إلى مساندة بعض هذه الدول للعدوالصهيوني، فمصر التي عبر جنودها (1973م) أكبر مانع مائي بالتاريخ، وتحطم تحت أقدامهم خط بارليف الإستراتيجي الذي كان يراهن عليه الصهاينة على لسان وزير دفاعهم الهالك موشي ديان الذي قال: "إذا أرادت مصر اقتحام خط بارليف عليها أن تستعين في سلاحي المهندسين بحلف وارسو وحلف الأطلسي بالإضافة إلى سلاح المهندسين المصري". من المُحزن أن تكون هي نفسها التي تقوم ببناء الجدار الفولاذي، الذي يفصل بين غزة و مصر، حتى لا يتمكن المصريون الشرفاء من تهريب الحليب والدواء إلى الأطفال الفلسطينيين الذين يتضورون جوعاً وتنهش الأنيميا في أجسامهم النحيلة. وذلك لتُرضى دولة الصهاينة وحاملة الصليب عن النظام المصري ، أما باقي الدول العربية، فمواقفها بمنتهى السلبية، في أحسن الأقوال، فالجميع تتحكم بقراراتهم الشرعية الدولية التي تتحكم بها أمريكا، وما أدل على ذلك من الحصارالإقتصادي المضروب على الفلسطينيين في قطاع غزة من هذه الدول.
 
وهذا الضعف والتخاذل الذي تعيشه الأمة هو الذي شجع اليهود على الإسراع بضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال ابن رباح بالخليل توطئة لهدم بيت المقدس وبناء هيكلهم المزعوم على أنقاضه.
 
نشرت صحيفة هآرتس الصهيونية الصادرة في 9/12/2009 خبراً مفاده أن حكومة تل أبيت ستشرع بهدم المسجد الأقصى المبارك في 16/3/2010 وتبني الهيكل اليهودي المزعوم على أنقاضه. وهذا مضمون تصريحات قاضي قضاة فلسطين الشيخ تيسير التميمي الأخيرة حيث ذكر: " أن الدعوات قد وزعت على حاخامات اليهود بالعالم لحضور اقتحام حرم بيت المقدس يوم 16/3/2010 م". فاليهود يعملون على تنفيذ مخططهم بهذا الوقت بالذات لعلمهم أن الضعف العربي والتأييد الدولي الذي يتمتعون به سيمنحانهم فرصة ذهبية لتنفيذ مشروعهم بالقدس ربما لا تتكرر بالمستقبل. فما يرضى به العرب اليوم سترفضه الأجيال القادمة، والحكومات الغربية المؤيدة لهم ستتبدل مواقفها إذا رأت أن مصالحها مهددة.
 

 
المصدر: موقع نور الإسلام
  • 0
  • 0
  • 5,832

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً