شذور الذهب من ذكرى سَفْرَة عجَب - (14) مناقشات قبل محاذاة الميقات
وقد كنا قبل السفر تناقشنا حول هذا الأمر، بحثنا عن أقوال أهل العلم في المسألة، فوجدنا قولين قويين كتب الفقه بهما حافلة.
تقول صاحبتنا:
وفي اليوم التالي اجتمعت الأخوات لمناقشة مسألة الميقات؛ حيث تقرر إلى المدينة سفرنا أولاً، ثم إلى مكة آخرًا. وقد كنا قبل السفر تناقشنا حول هذا الأمر. بحثنا عن أقوال أهل العلم في المسألة، فوجدنا قولين قويين كتب الفقه بهما حافلة [1]:
* القول الأول: يوجب الإحرام من ميقات بلدنا خاصة إذا مررنا به أولاً.
* والقول الثاني: يجعل الأمر واسعًا؛ فيبيح الإحرام من الميقات الأخير ميسرًا.
فعزمنا على الأخذ بالأحوط، وقلنا لا بأس في شيء من المشقة والتشدد!
هذا ما عزمنا عليه قبل السفر، ثم جدّ على ذلك أمراستوجب اجتماعنا على الفور!
- بماذا نشير على باقي القوم؟!
- هل من الحكمة إلزام المحارم بلبس ملابس الإحرام عدد من الأيام؟!
- وماذا عن أمهاتنا وأخواتنا الكبيرات، ومنهن المتسترات المنتقبات؟!
قلت من قبل: كنا سبع أخوات للعلم طالبات، فهدينا بعد مناقشات إلى رأي حسبناه الرشاد...
قلنا: نأخذ بالأحوط لأنفسنا، ولا نشدد على غيرنا: سنحرم نحن عند محاذاة الميقات بالسفينة، بينما سنترك البقية يحرمون من ميقات أهل المدينة؛ فاخترنا للقوم التيسير، وظننا أن في المشقة على أنفسنا من الأجر الكبير.
وياليتنا مع القوم أحرمنا، وبما اخترناه لهم عملنا!! فكم شق علينا الإحرام لعدد من الأيام؛ فلم يكون غطاء الوجه بيسر النقاب في الرؤية، وبلا قفازين تعسر ستر اليدين وشق علينا التعامل والحركة!
هذا فضلاً عن محظورات الإحرام، وأبسطها الكف عن المجادلة والحاد من الكلام.
كيف؟! وقد كانت سفرتنا عجيبة، اضطرننا لمواقف تحتاج إلى مناقشات شديدة وغريبة!
وفيما يلي من تفصيل قصتنا العجب، لعلكم حينها تعلمون ما حدانا لقول ذلك وما السبب.
ويتبع بإذن الله.
--------------------------------------------------------
[1] قال الشيخ العثيمين رحمه الله في الشرح الممتع: "قوله: « »، فإذا مر أحد من أهل نجد بميقات أهل المدينة فإنه يُحرم منه، ولا يكلف أن يذهب إلى ميقات أهل نجد، وإذا مرَّ أهل اليمن بميقات أهل المدينة، فإنهم لا يكلفون الذهاب إلى يلملم؛ لما في ذلك من المشقة، فكان من تسهيل الله عزّ وجل أن من مر بهذه المواقيت فإنه يحرم من أول ميقات يمر به.
مسألة: إذا كنت من أهل نجد ومررت بميقات أهل المدينة فبين يديك ميقات آخر وهو الجحفة؛ لأن الجحفة بعد ذي الحليفة، فهل تؤخر إحرامك إلى الجحفة أو لا بد من أن تحرم من ذي الحليفة؟
مقتضى الحديث أنه لا بد أن تحرم من ذي الحليفة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: (متفق عليه)، فإذا وصلت إلى هذا الميقات، وأنت تريد الحج أو العمرة وجب عليك الإحرام منه.
واختلف العلماء فيما إذا مر الشامي بميقات أهل المدينة، هل له أن يؤخر الإحرام إلى الجحفة التي هي الأصل في ميقات أهل الشام؟
فالجمهور أنه ليس له أن يؤخر، وأنه يجب عليه أن يحرم من ذي الحليفة.
وذهب الإمام مالك إلى أن له أن يحرم من الجحفة؛ وعلل ذلك: أن هذا الرجل مرّ بميقاتين يجب عليه الإحرام من أحدهما، وأحدهما فرع، والثاني أصلٌ، فالأصل الجحفة، وميقات أهل المدينة فرع، وهو للتسهيل والتيسير على الإنسان، فله أن يدع الإحرام من الفرع إلى الأصل، واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
والأحوط الأخذ برأي الجمهور؛ لعموم قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: فوقت هذا لمن أتى عليه، فيكون هذا الميقات الفرعي كالميقات الأصلي في وجوب الإحرام منه، والقول بهذا لا شك بأنه أحوط وأبرأ للذمة" انتهى
http://www.google.co...EZ_05F50bmg5wpg
ولمزيد من الاطلاع :
http://www.khudheir.com/audio/3607
http://islamqa.com/ar/ref/115121
- التصنيف:
- المصدر: