لا تقربوا - [17] قطع الرحم

منذ 2016-04-20

من مبادىْ الإسلام الاجتماعية الأولى تشبيك جماعات المسلمين في وحدة جسدية جماعية عامة. وأولى الناس بذلك الأقربون رحمًا، فلهم حق أخوة الإسلام، ولهم حق قرابة الرحم.

إن من مبادىْ الإسلام الاجتماعية الأولى تشبيك جماعات المسلمين في وحدة جسدية جماعية عامة. وأولى الناس بذلك الأقربون رحمًا، فلهم حق أخوة الإسلام، ولهم حق قرابة الرحم. 

وإن الإساءة إلى الأرحام، أو التهرب من أداء حقوقهم صفة من صفات الخاسرين الذين قطعوا ما أمر الله به أن يوصل، بل إن ذلك جريمة وكبيرة من كبائر الذنوب. وإن الإنسان منا ليسؤوه أشد الإساءة ما يراه بعيـنه أو يسمعه بأذنيه من قطيـعة لأقرب الأرحام الذين فُطر الإنسان على حبهم وبرهم وإكرامهم، حتى أصبح من الأمور المعتادة قي بعض المجتمعات أن نسمع أن أحد الوالدين اضطر إلى اللجوء للمحكمة لينال حقه من النفقة أو يطلب حمايته من ابنه، هذا الذي كان سبب وجوده. ولا يفعل مثل هذا الجرم إلا الإنسان الذي قسا قلبه وقلت مروءته وانعدم إحساسه بالمسؤولية. 

معنى قطيعة الرحم:
إن قطيعة الأرحام تكون بهجرهم، والإعراض عن الزيارة المستطاعة، وعدم مشاركتهم في مسراتهم، وعدم مواساتهم في أحزانهم، كما تكون بنفضيل غيرهم عليهم في الصلات والعطاءات الخاصة، التي هم أحق بها من غيرهم. 

عقوبة قاطع الرحم:
قاطع الرحم ملعون في كتاب الله: قال الله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 32-33]. 
قال على بن الحسين لولده: يا بني لا تصحبن قاطع رحم فإني وجدته ملعونًا في كتاب الله في ثلاثة مواطن.
واثنتان من هذه المواطن الثلاث هي قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 32-33]. {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [الرعد:25]. 

أما الموطن الثالث فلم نقف عليه صريحًا ولعله يقصد قوله تعالى: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة:27]. والله أعلم.

قاطع الرحم من الفاسقين الخاسرين : 
قال الله تعالى: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ . الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}[البقرة:26-27]. 

فقد جعل الله من صفات الفاسقين الخاسرين الضالين قطع ما أمر الله به أن يوصل ومن ذلك صلة الأرحام. 
قاطع الرحم تعجل له العقوبة في الدنيا، ولعذاب الأخرة أشد وأبقى. فعن أبي بكر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم» [سنن الترمذي: 2511].

وقد رأينا مصداق هذا في دنيا الواقع، فقاطع الرحم غالبًا ما يكون تعبًا قلقًا على الحياة، لا يبارك له في رزقه، منبوذًا بين الناس لا يستقر له وضع ولا يهدأ له بال. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة: قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك» [صحيح البخاري: 5987] 
وما أسوأ حال من يقطعه الله، ومن قطعه الله فمن ذا الذي يصله ؟

الحرمان من الجنة:
ومن أعظم العقوبات التي يعاقب بها قاطع الرحم أن يحرم من دخول الجنة، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة قاطع» [صحيح مسلم: 2556]. فنعوذ بالله من سيىء العمل، ومزالق الزلل، وكبائر الإثم، وسوء المصير.

خالد أبو شادي

طبيبٌ صيدليّ ، و صاحبُ صوتٍ شجيٍّ نديّ. و هو صاحب كُتيّباتٍ دعويّةٍ مُتميّزة

  • 0
  • 0
  • 3,110
المقال السابق
[16] شهادة الزور
المقال التالي
[18] البغي والمكر

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً