الحسناء الأوكرانية تعتنق الإسلام ...

منذ 2004-02-20

وكنت أتكلّم و أتكلّم...ثمّ انفجرت بالبكاء على حين غرّة! كانت تمرّ بفترة صعبة للغاية وكانت مشاكلها كثيرة والظاهر أن حديثي عن الله والدين والإيمان وأمن الإسلام كان قد حرّك فيها شيئاً ماو كأنّني كنت أحدّثها عن برّ أمان تجد نفسها في أمس الحاجة إليه لكن لا

     إنها بداية عام دراسي جديد، الجامعة فتحت أبوابها تستقبل الطلاب الجدد...و كنت من بين هؤلاء، تقدّمت للدخول إلى قاعة المحاضرات؛ لحضور الدرس الأوّل...
جلست وجلست بجواري فتاة شابة وهبها الخالق البارىء من الجمال ما لا يدع الفرد يتجاهلها...

و في فترة مابين المحاضرات قدّمت لها نفسي و سألتها عن اسمها، فأجابت مع ابتسامة تدل على مدى رقّتها و لطفها في التعامل...تجاذبنا أطراف الحديث، دار حوارنا بخصوص الدراسة و الحياة و الهوايات...الخ و طغت على لهجتها لكنة أجنبية؛ لم تكن تتحدّث العربية، كان كلامها باللغة الفرنسية ولم تكن تتقنها وعلمت منها بعد ذلك أنها لم تكن تعيش في البلد العربي الذي نقيم و ندرس فيه و إنّما أتت من أرض بعييييدة غلبت عليها البرودة و غطّت الثلوج تلالها و جبالها، وربّما قلوب بعض سكّانها...إنّها من أوكرانيا.


مرّت الأيام وتوطّدت علاقتنا أكثر فأكثر و أصبحنا صديقتين...
علمت منها أنّها تدين بالمسيحية الأرثودوكسية واغتنمت الفرصة و عرضت عليها اعتناق الإسلام...لكن ذهبت كل جهودي في إقناعها سدى...
و السبب كان غريباً و مُحزناً في نفس الوقت...

إنّ ما أخبرتها به عن الإسلام لم يكن يمتُّ بأية صلة مع ما كانت تراه من المسلمين، ولو أنّها كانت في بلد أجنبي لكان ذلك أسهل؛ على الأقل كانت ستقارن هفوات الحياة الأجنبية مع سماحة و حضارة الإسلام و النتيجة ستكون بلا شك في صالح الحق و دين الحق...المُحزن أنّني كنت أحدّثها عن دين هي تعيش وسط من "يدينون" به؛ تراهم يصومون رمضان و منهم من يصلّي، يحتفلون بالأعياد (الفطر و الأضحى) ومولد الرّسول و... و...!

كلّمتها عن دين الصّدق و الأمانة و المحبّة وهي ترى و تسمع كذباً و غشّاً في الامتحانات وغيبة و نميمة...!!!

حدّثتها عن دين الأخلاقيات العالية و العفّة وهي ترى بنات وذكور يفعلون ما يشاءون وكم ممّن ادّعى الإسلام طلب منها الخروج و أن تأتي له بالـ"فودكا" مع أن الإسلام ينهى عن الخمر و الزنى...!!!

حدّثتها عن دين يحث على العمل و النشاط و الاجتهاد، و هي ترى كسلاً يعم المكان، و تخلّفاً يتناقض مع مفهوم هذا الدين...من جهة أخرى كانت ترى"الملتزمين" و"الملتزمات" أولئك من المؤسف؛ اعتزلوا الناس و المجتمع و لخّصوا الإسلام في زي وعبادات ونكران للغير وابتعاد عمّا يرونه خطأ، وانحلال وصاروا يتعاملون مع الباقي و كأن لديه مرض معدي بل وباء خطير يجب استئصاله أو الحجر عليه و الابتعاد كل البعد منه!! مع أن الإسلام دين النصح و الإرشاد و البذل و العطاء؛ كما قال الحبيب المصطفى صلّى الله عليه و سلّم: «الدّين المعاملة» و في حديث آخر:«الدّين النصيحة»... الإسلام و المسلمين...!!!!!!!
التّطرّفين؛ تطرّف الميوعة و البعد عن تعاليم الرّحمن و تطرّف من ظنّوا أنّهم على صواب بتلخيص الدين في عبادة إن صحّ القول "أنانية".

كان هذا عقدة الموضوع الكبرى؛ فمن وجهة نظرها ما دام الفرد يعتمد على مبدأ ما في حياته، فمن المفروض أن تظهر آثار مبدئه و عقيدته عليه...فإذا كان المبدأ سليماً كانت النتائج إيجابية، أمّا إذا كانت النتائج سلبية فالخطأ كل الخطأ في المنهج المتّبع، وكان عليّ أن أثبت العكس و أن أريها مدى خطئها في حكمها على أفضل ما حظت به البشرية: الإسلام!

في خضم الحياة و الدروس و الامتحانات..ابتعدنا قليلاً عن الموضوع، ثمّ قدّر علينا الافتراق.

بعد مرور سنتين أو ثلاث، شاء الله سبحانه و تعالى أن نلتقي من جديد...
مع اختلاف بسيط، لكنه جذري؛ كنت قد ارتديت الحجاب.! تفاجأت لرؤيتي كذلك، وراحت تسألني عن سبب قراري فاغتنمت الفرصة من جديد، و كلّي ثقة بأنّني سأكون أكثر إقناعاً مع كل ما عرفته عن ديني وكلّ ما أنعم به الله عليّ بعد تديّني...
تلك كانت أكثر اختلافاً من المرّات السابقة، كانت تصغي لي بانتباه و صمت، وكنت أتكلّم و أتكلّم...ثمّ انفجرت بالبكاء على حين غرّة! كانت تمرّ بفترة صعبة للغاية وكانت مشاكلها كثيرة والظاهر أن حديثي عن الله والدين والإيمان وأمن الإسلام كان قد حرّك فيها شيئاً ما ولكنّها أبت أن ترضخ لذلك و كأنّني كنت أحدّثها عن برّ أمان تجد نفسها في أمس الحاجة إليه لكن لا تعرف الوصول إليه، بل تخاف من اتخاذ الخطوة؛ فحيرتها زادت أكثر خاصة وأنّ سبب مشاكلها أناس قالوا بأنّهم مسلمون...!!!

وافترقنا من جديد...

وبعد هذا العام، بعد مضي بضعة سنين، التقينا و نحن ننهي دراستنا الجامعية. لكن هذا اللقاء كان حاسماً بالنسبة لي؛ هي ستناقش رسالة تخرّجها و ستتزوّج من مسلم وتغادر معه إلى الجنوب. لقائي هذا كان ربّما الأخير معها، ولن يدوم أكثر من ثلاث أسابيع...دعوت الله من كلّ قلبي أن يشرح صدرها للإسلام؛ فهي فتاة ذكيّة ولطيفة وتتميّز بصفات حميدة كثيرة، وتوكّلت على الحيّ القيّوم راجية منه التّوفيق. بينما كنت أخطّط لدعوتها من جديد؛ خطر لي أن أطلب العون من أحد الرّفاق في موقع طريق الإسلام، هو شاب تطوّع لدعوة الرّوس للإسلام، أخبرته بالإشكال الموجود عبر الإنترنت و طلبت منه النصيحة كونه أعلم منّي بأحوال القوم في تلك المناطق، ووضّحت له أنّ الوقت جدّ ضيّق وأنّني عازمة على النّجاح في مهمّتي هذه المرّة.
فاتّفقنا على بعض الخطوات نقوم بها، كانت أولاها إقناع الفتاة بعدم مقارنة الإسلام بما تراه من قبل بعض المسلمين و التأكيد على تعريفها بالإسلام الحقيقي المُجرّد من كل الشوائب، و في هذا الإطار اقترح عليّ بعض المواقع المختصة بالدّعوة باللغة الروسية، وكان عليّ إرسالها لها على بريدها الإلكتروني، إلاّ أنني التقيت بها قبل ذلك، كان لقاءً حارّاً فالفراق دام طويلاً و صداقتنا عبر كل تلك السنوات كانت قد اتسمت بالحميمية و الودّ. تجاذبنا أطراف الحديث ثمّ سألتها بكل صراحة: كيف أحوالك مع الإسلام...؟؟
فضحكَت وقالت لي: ألازلت تذكرين..؟؟ قلت: ولن أتراجع! تعالي نكمل ما علق بيننا..!
واتخذنا مكاناً جلسنا فيه وقلت لها دعينا نحلّ الإشكال هذه المرّة. تكلّمنا على وجود الله (وقد كانت في بعض لحظات ضعفها تنكر وجوده بحجّة أنّه لا يستجيب لدعواها حين تكون بحاجة إليه)، فاتفقنا على ذلك، وتحدّثت عن وجود الدّارين الأولى و الآخرة وعن مغزى وجود الإنسان و أنّه سيحاسب و أخبرتها عن الجنّة، ففاجأتني بردّها الغريب..!: أفضّل أن أذهب مع الرّوس الذين هم قومي إلى النار على أن أذهب إلى الجنّة مع هؤلاء!!!!

كان من الواضح أنّ الإشكال لا يزال قائماً...رددت بمثال طرحته عليها؛ إن العالم مليء بمن يسمّون أنفسهم "مسيحيين" و من المنطقي أن المسيحيين أناس يدينون بدين السيد المسيح و العذراء مريم..؟
ردّت؛ بنعم!..
فأكملتُ: لكن هل يُعقل بأن يكون شعب يدين بدين أعفّ و أطهر امرأة عرفتها البشرية، اصطفاها الله لطهرها و نقائها؛ بلا أخلاق ولا قيم ويظهر في مجتمعه كلّ ذلك الانحلال والآفات الاجتماعية و الخُلقية؟؟؟؟؟ وهل يجوز لنا أن نحكم على دين ومنهاج سماوي بالبطلان لمجرّد إخفاق وضلال أتباعه؟؟؟؟؟؟؟
كذلك بالنسبة للإسلام؛ الدين الذي اصطفاه عزّ و جلّ على باقي الأديان، لا يحق أن نحكم عليه من خلال أخطاء بعض أتباعه ومن لم يفقهوا معناه وقيمه السمحة لسبب من الأسباب. ثمّ تطرّقنا لعلاقة العبد بربّه وأنّ من أبسط الأمور أن يكون العبد شكوراً لنعم الله عليه، كونه سبحانه و تعالى خالق البشر المتفضل عليهم بكل شيء...

وركّزت في الحديث على علاقة الحب المتبادلة التي يجب أن تكون بين العبد وربّه وكيف أنّ الإنسان يجب عليه الثقة بمن خلقه و كرّمه...تحدّثنا عن فائدة الصّلاة وما تمثّله من صلة بين العبد وربّه وحاولت تقريب مفهوم تلك الصّلة بوصف شعور المسلم في صلاته و تضرّعه و دعائه و ذكره لله، وكيف أنّه سبحانه و تعالى يذكر من يذكره و يغفر له و ينعم عليه في الدّنيا و الآخرة...وكانت تصغي لكلّ ذلك، ثمّ سألتها إن فهمت مغزى ما أخبرتها به، فردّت أن نعم وأنّها أكثر اقتناعاً، فاغتنمت الفرصة و سألتها إن هي آمنت بوجود ووحدانية الله فأجابت بـ:نعم، وهل هي تؤمن بوجود الملائكة وتوالي الرسل وأن سيدنا محمّد رسول الله وآخر أنبيائه فردّت بـ:نعم، وهل آمنت بوجود اليوم الآخر والحساب فردّت بـ:نعم، فما كان منها إلاّ أن نطقت بالشهادتين وبالتالي اعتنقت الإسلام...
كم كانت سعادتي في أوجها حين سمعتها تردّد أنّها تشهد بأن لا إله إلاّ الله و أنّ مُحمّدا رسول الله...ياااااااه ! أخيراً..!!!
لكنّني خفت أكثر بعد ذلك؛ خفت أن تكون قد فعلت مجاملةً لي أو لتضع حدّاً للموضوع، خفت أن أفيق من تلك اللحظات وأجدها لا تزال على ما هي عليه...فانطلقت بعد تلك المقابلة أشتري لها كتيبات إسلامية بالفرنسية أهديتها لها ثم ذهبت إلى الإنترنت؛ بعثت لها بالمواقع الإسلامية الروسية التي أوصاني بها رفيق الدعوة إلى الله، ثمّ بعثت أبشّره بإسلامها...انتظرت ردها بفارغ الصبر ...حين ردت كدت أطير من الفرح.

لأن حماسها لمعرفة المزيد عن الإسلام و فرحها بالمواقع كان لا يوصف ...

حينها أدركت بأنها جادّة في إسلامها، و حمدت الله كثيراً...أخيراً أسلمت الأوكرانية...!!!
  • 360
  • 24
  • 76,138
  • جلال عبد القوي

      منذ
    [[أعجبني:]] ما شاء الله ان الاسلام لن تقوم له قائمة الا مع امثال هذه الاخت الصالحة فكم اتمني ان تكون كل فتيات الاسلام مثلك يا اختيفامثالك هم من يحسنون ويجملون من صورة الاسلام في اوروبا التي افسدناها نحن في بلادنا المسلمة واريد اخيرا ان ابشرك بان كل ما ستقوم به هذه الفتاة من اعمال صالحة وصلوات وعبادات سوف يكتب في ميزان حسناتك اللهم تقبل منها انك انت السميع العليم
  • علياء

      منذ
    [[أعجبني:]] بارك اللة فيك وكثر من امثالك لاننا فى وقت لابد منة من نشر الدعوة ولان يوجد فتيات غافلات عن ديننا وارجو ان تدعو الى ولهم بالهداية
  • حسين اسدي

      منذ
    [[أعجبني:]] المتابعة في موضوع معين يتوج يثمرة النجاح وهنا نرى اهمية المتابعة التي قامت بها اختنا من أجل ادخال الاسلام لقلب اختنا الاكرانية وفقك الله وشدد خطاك بما فيه منفعة لديننا ومجتمعنا الاسلامي المؤمن
  • عبد المنعم فواز

      منذ
    [[أعجبني:]] اختاه انك تؤكدين ما وصلت اليه من قناعة "الدين المعاملة " قد يكون هناك الصوام القوام حامل القرأن لكن كل هذا بين العبد وربه لكن بين العبيد لا بد من حسن المعاملة فهى خير دعوة لله .. تقبل الله منك وئبتك وصديقتك على الايمان
  • عبدالرحمن مرشد الصاعدي

      منذ
    [[أعجبني:]] الحمد لله الدي هداها الي دين الحق واتمنا لها ولجميع المعتنقين الاسلام الثبات والممات عليه
  • خلود

      منذ
    [[أعجبني:]] بارك الله فيك و اكثر الله امثالك وجعله في ميزان حسناتك
  • مصطفى

      منذ
    [[أعجبني:]] كلما اعتنق إنسان الإسلام
  • وليد سلطان

      منذ
    [[أعجبني:]] الاصرار علي توصيل الدعوه
  • s_mounir

      منذ
    [[أعجبني:]] la volonté de cette étudiante de répandre l ISLAM
  • nada

      منذ
    [[أعجبني:]] اصرارها على الدعوة الى الله قال تعالى ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وقال انني من المسلمين

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً