الفساد الأخلاقي في المجتمع العراقي بعد الاحتلال الأمريكي للعراق
لا يشك أي عاقل إن الذي حدث في العراق ولا زال يحدث هو مخطط مدروس من قبل جهات كثيرة تريد تفتيت وتخريب المجتمع العراقي بكل مكوناته ومرتكزاته وبجهات مختلفة ومنها المرتكز الاخلاقي..
لا يشك أي عاقل إن الذي حدث في العراق ولا زال يحدث هو مخطط مدروس من
قبل جهات كثيرة تريد تفتيت وتخريب المجتمع العراقي بكل مكوناته
ومرتكزاته وبجهات مختلفة ومنها المرتكز الاخلاقي، فما أن تم احتل
العراق حتى بدأت تظهر في الشارع العراقي الكثير من الأمور التي لا
نبالغ أن نقول أنها كانت قليلة أو معدومة ومنها على سبيل المثال
المخدرات والتي كانت غير موجودة في المجتمع العراقي بل يكاد يكون
المجتمع العراقي قبل الاحتلال ينفرد بنظافته من المخدرات التي غزت
وانتشرت في الكثير من المجتمعات العربية .
أشكال المخدرات التي ظهرت ما بعد احتلال العراق في الشارع العراقي
مختلفة منها حبوب الهلوسة والتي يطلق عليها العراقيون ( الكبسلة ) أي
حبوب بشكل الكبسولة وأيضا المخدرات البودر وأشكال أخرى لم يعرفها
العراقيون من قبل بل للأسف إن الكثير من الأراضي الزراعية في محافظة
ديالى تحولت إلى زراعة الخشخاش ( نبات يستخدم في المخدرات ) بعد أن
كانت تلك الأرض عامرة بالخضرة والفاكهة العراقية الشهيرة , وبالنظر
لمجاورة العراق لإيران فان العراق أصبح ساحة لمرور تهريب المخدرات عبر
العراق من إيران إلى دول أخرى كدول الخليج العربي وغيرها , ولم يقتصر
الأمر على ذلك في شرق العراق فحسب بل أن الزراعة والتهريب امتدت لتشمل
محافظات العراق الجنوبية ومنها محافظة ذي قار ( الناصرية) ويعزي
الفلاحين ذلك إلى ارتفاع نسب البطالة في صفوف الفلاحين لعدم إمكانية
تسويق المحاصيل الزراعية إلى بغداد والمحافظات الأخرى بسبب ارتفاع
الوقود وشحة المياه وبسبب التقاتل المستمر وعدم الاستقرار الأمني
إضافة إلى ما تدره تلك الزراعة من إرباح خيالية يسيل لها لعاب ضعاف
النفوس من فلاحي الجنوب , وليس هذا فقط بل وأنت تمشي في شوارع العاصمة
بغداد تجد الكثير من أطفال الشوارع يحملون أكياس نايلون يضعونها على
انفوهم ويخيل لك أنها فارغة ولكنها في الحقيقة فيها مادة السيكوتين (
المادة اللاصقة ) يستنشقونها بقوة مما تجعلهم يدمنون عليها والمستنشق
لها يشعر بالراحة لكونها تخدره وتجعله يفقد وعيه .
ومن صور الفساد الأخلاقي التي نشرها الاحتلال الأمريكي هو وجود كثير
من الصور الفوتوغرافية التي تدعو للتحلل الأخلاقي والفساد منتشرة على
أرصفة الشوارع وخاصة في منطقة البتاوين ومنطقة الباب الشرقي وسط وشرق
العاصمة بغداد إضافة إلى مجلات تدعو لذلك وبطباعة حديثة وبأسعار رخيصة
أن لم تكن مجانية .
أما محلات الفيديو والأقراص فستجد أفلاما خاصة لإثارة الفساد في
المجتمع العراقي. ليس ذلك فحسب بل إن هناك قنوات تلفزيونية أرضية
كثيرة تبث للعراقيين أفلاما تدعو لإثارة الفساد والرذيلة بين صفوف
الشعب العراقي.
أما خطف البنات والنساء في عراق ما بعد الاحتلال فأصبح يشكل خطرا
كبيرا على المرأة والعائلة العراقية وتوجد لهذا الغرض عصابات مخصصة
ومدربة لهذا الغرض فقد أعلنت (منظمة حرية المرأة العراقية) أن أكثر من
ألفي امرأة خطفن في العراق منذ "سقوط نظام صدام حسين في التاسع من
أبريل/نيسان 2003"، هذه الاختطافات التي يهدف مرتكبوها إلى إحدى هدفين
إما الفدية التي تطلب من الأهل أو الزوج، أو الاتجار بالمرأة وتحويلها
إلى سلعة جنسية رخيصة.
فقد انتشر في أنحاء العراق ظاهرة ما يسمى بـ"الاتجار بالرقيق الأبيض
أو الاتجار بالجنس" وقد قال أحد المهربين لصحيفة "الشرق الأوسط"
اللندنية إن تجارة الرقيق الأبيض تشهد رواجا على الحدود العراقية،
مشيرة إلى أن بين الضحايا خريجات جامعيات. حيث تقوم شبكات غاية في
التعقيد بترغيب البنات وإيهامهن بالعمل في دول الخليج والحصول لهن على
تأشيرة وعقد عمل أو عن طريق الزواج والسفر بهن إلى هناك ليتم الضغط
عليهن في ديار الغربة وإجبارهن على الانصياع لغاياتهم، وهذا حدث مع
الكثير من الفتيات العراقيات
" وتقوم تلك العصابات بخطف النساء والفتيات والأطفال حيث يتم اغتصاب
بعضهن، ويتم بيع الشابة العذراء بـ (10000) دولار للواحدة أما غير
العذراء فتباع بمبلغ أقل، ومقر هذه الشبكة التي تستلم الضحية قبرص ومن
هناك تتم عملية التوزيع حسب الطلب.
لقد فرض هؤلاء سيطرتهم على الكثير من فتيات ونساء العراق اللواتي
يمررن بوضع اقتصادي سيء، وذلك بعد أن أغلقت جميع الأبواب أمامهن "حيث
عمدت أكثر الدول الأجنبية إلى منع منح تأشيرات الدخول للعراقيين بحجة
أن العراق أصبح حراً الآن (بعد سقوط النظام الديكتاتوري)"، واللاتي
يلجئن إلى إحدى العصابات المستترة وراء إعلانات للعمل في المجال الفني
أو عارضات أزياء، ويتم إيداعهن الشفق المفروشة أو حبسهن في الفنادق
ويتم بعد ذلك استغلالهن لإغراض غير شريفة , ومن يقف وراء ذلك هو من له
مصلحة في تدمير بنية المجتمع العراقي بكل نواحيه حيث إن اليد
الأمريكية القذرة قد شاركت في عمليات خطف وبيع الرقيق الأبيض بل حتى
شجعت على انتشار عصابات من هذا النوع، حيث نلاحظ ما قامت به الولايات
المتحدة بإدارة بوش والمحافظين الجدد من زرع شركات متخصصة في الاتجار
بالجنس في قلب العراق، فقد قام البنتاغون بإسناد عقود إدارة السجون
وتدريب "الكوادر الأمنية العراقية" وحتى إدارة القضاء إلى شركة
(دينكورب) الأمريكية وهي شركة سبق تورطها في تجارة الرقيق وبيعهن
لقوات حفظ السلام في البوسنة وتجارة المخدرات في كولومبيا فقد حصلت
على عقد لتدريب الشرطة في البوسنة فتحولت إلى عصابة لتجارة الجنس وخطف
وشراء الفتيات القاصرات من البوسنة ومن الدول المجاورة من أجل بيعهن
لقوات حفظ السلام وقوات حلف الأطلنطي. وهذا طبعاً كان معلوماً للإدارة
الأمريكية حين قامت بإسناد هذه العقود للشركة بل هو مخطط دنيء لتحقيق
مبتغاها في فرض جو من الخوف والرعب داخل المجتمع العراقي، في محاولة
لإبعاد المرأة العراقية عن ممارسة دورها في المجتمع وتحويلها من عنصر
هام في تركيبة المجتمع ومسؤوليته في البناء العائلي والتربوي
والاجتماعي إلى عنصر غير فاعل وتافه يمكن استغلاله كسلعة رخيصة لمختلف
الأغراض، فعن طريق تحطيم المرأة وما تحمله من قيم ودور ومسؤولية في
مجتمعاتنا العربية والإسلامية، يتم ضرب المجتمع بأسرة مما يمكنهم من
مسخه والتلاعب به وزرع كل القيم الغريبة والشاذة وبالتالي تحقيق
السيطرة عليه.
الفساد الأخلاقي لم يقتصر على العاصمة بغداد بل شمل محافظات الشمال
والجنوب وما زاد وانتشر في الجنوب هو زواج المتعة الذي كان ممنوعا في
نظام صدام ولكن بعد احتلال العراق صار مباحا وبشكل علني بل إن الكثير
من أبناء الجنوب يعتبر ذلك عملا مقدسا لذا يكون زواج المتعة في الأيام
التي تكثر فيها الزيارات للنجف وكربلاء وهناك أناس مختصون ( سماسرة)
لترويج هذا النوع من الفساد واختيار المرأة التي يراد الاتفاق معها
كذلك يفضل أن تكون ( علوية ) أي من اللواتي ينتمين إلى أل البيت
بالعمل والنسب ( وهذا ليس حقيقة بل تجني على أل بيت رسول الله ( صلى
الله عليه وسلم ) وقد يكون الراغب بهذا النكاح ليس عراقيا وإنما زائرا
إيرانيا للنجف وكربلاء يريد الزواج في فترة بقائه في تلك المدن من احد
النساء (العلويات ) بل إن مقتدى الصدر أعطى فتوى لإتباعه مما يسمى جيش
المهدي وكذلك الزينبات ( وهن الفيلق النسوي من جيش المهدي) بإعطاء
الفرصة لإتباعه بالتمتع من الزينبات لأنهم يقومون بواجب جهادي حسبما
تقول فتواه بل وأباح لهم تناول الحشيشة المهدية التي أباح لهم بها كما
يزعم المهدي المنتظر لكي يقوم عناصر جيش المهدي بالقيام بأعمالهم
لخدمة التيار وهم مرتاحون. وهؤلاء بعد أن يقوموا بتناول الحشيشة
المهدية ينطلقون في الشارع العراقي ويقومون بعمليات الخطف والقتل
والسلب وحتى التعذيب وأيضا يقوموا باختطاف البنات من مناطق بغداد
والمحافظات والاعتداء عليهن وبعد فترة يعثر على جثة الضحية مشوهة
ومقتولة وبعد إجراء الفحص الطبي يتبين بعد ذلك انه تم الاعتداء عليها
وهذا أيضا يشمل القوات الأمريكية المحتلة التي غالبا ما تقوم بتلك
الأعمال عندما يداهمون بيوت العراقيين أحيانا لا يجدوا الرجال فيعتدوا
على النساء وإذا وجدوا الرجال يقوموا باعتقالهم أو حبسهم في غرف أخرى
من البيت وبعد ذلك يقوموا بأفعالهم الإجرامية التي لا تمس للبشرية
بصلة ثم يغادروا البيت والسبب هو القانون الذي وضعه بريمر برقم (17)
عام 2003 الذي نص على أن عناصر القوة المتعددة الجنسية والبعثات
الدبلوماسية وكل الموظفين غير العراقيين مدنيين أو عسكريين يتمتعون
بالحصانة تجاه أي إجراء قانوني عراقي، وهو نفس القانون الذي تتبعه
أمريكا في أفغانستان واليابان وغيرها من الدول، ومن المعروف إن عدم
مطالبة الحكومة العراقية بتعديل هذا القانون الجائر رغم أن هذا
الموضوع يدخل في صميم السيادة المزعومة جعله ساري المفعول.
وما يكون مصير الضحية إلا الانتحار أو تقتل من قبل ذويها غسلا للعار
وفقا لضغوط المجتمع القبلي. فهل يا ترى يشك بعد ذلك أي إنسان عاقل
بحقيقة الحرية والديمقراطية التي أشاعها الأمريكي المحتل في العراق
وعاث فسادا به وبكل محرماته.....؟؟؟
ــــــــ
المصادر :
1- الاحتلال الأمريكي واستهداف المرأة العراقية- دينا حاج احمد
.
2- شبكة البصرة .
3- موقع الرابطة العراقية .
4- تقرير عن جرائم اغتصاب العراقيات - دكتور علي الكاش
5- جريدة الشرق الأوسط اللندنية
17/9/1429 هـ
- التصنيف: