داء الاختلاط بين الجنسين

منذ 2016-10-25

كم من فتاة أحبت شابا، ثم تركها فاضطربت مشاعرها، وتعرضت لأزمة عاطفية عنيفة. وكم من شاب واجه الأمر نفسه بعد تعلقه بفتاة، وخرج معها، وبثها مشاعره، ثم هجرته إلى غيره. وأكثر مشاكل الشباب اليوم تدور حول هذه الآلام و(العذاب) من جراء الفراق بعد التعلق الشديد.

● أصعب امتحان!
قال رسول الله ﷺ: «ما تَركتُ بَعدي فِتنَةً أضرَّ على الرجالِ منَ النساءِ» (صحيح البخاري [5096]) 
وانظر للخسائر التي تحدث من العلاقات بين الشباب والبنات..

1. فشل الزواج الجديد

ارتفعت نسب الطلاق في مصر خلال خلال الخمسين عاما الماضية من 7% إلى 40%، وارتفعت نسبة الطلاق ما بين عام 1990 وعام 2013 إلى 143% ليصل إجمالي عدد المطلقات إلى نحو ثلاثة ملايين مطلقة.

هذا ما أعلنه مركز معلومات دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، وقد أعلنت محاكم الأسرة في عام 2016 أنها تتلقى 240 حالة طلاق يوميا، بمعدل حالة طلاق كل 6 دقائق.

ولهذا أسباب عديدة، ومنها أن أكثر الزيجات التي بدأت بعلاقات عاطفية قبل الزواج تنتهي بالفشل، وينتج عن ذلك انكسار الطرفين، والبنت: الأكثر تضررا لأنها أرق عاطفة، وسبب إيماني آخر وهو الأهم: ما كان لله دام واتصل، وما كان لغيره انقطع وانفصل..

هل يبارك الله علاقة بدأت بمخالفة أمره.. أم ينزع منها القبول والبركة؟!
{لَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ} [البقرة من الآية:189]، من أبواب تقواها وهداها.. ليس غير.
فهل صاحب العلاقة المحرمة أتى البيوت من أبوابها، وهل اتقى الله؟!

2. انهيار العلاقات الزوجية القائمة!
بانفتاحك في العلاقة قد تكون سبب في انهيار علاقة زوجة بزوجها..
وانفتاحِك في العلاقة قد تكون سببا في تدمير علاقة زوج بزوجته..
وكم من بيوتٍ هُدِّمت بسبب الاختلاط غير المنضبط، وفي الحديث: «ليس مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا» (صحيح الترغيب [2014]). أي أفسد علاقتها بزوجها، وقلب مودتهما لعداوة، وهذا حكم عام ولو لم يكن بطريق مُحرَّم، فكيف لو كانت باختلاط محرَّم وعلاقة غير مشروعة؟!

● الاختلاط سلاح الشيطان ضد الكل:

الشاب والشيخ، والرجل والمرأة، والصالح وغير الصالح، ولا يستبعِد الشيطان من هذا الاستهداف أحدا، فالمتديِّن أمام هذا السلاح كغيره..

وكلما غفل العبد عن هذا الخطر كلما كان أقرب إلى الإصابة..

وأخطر الذنوب ما تهاون به صاحبه، وأثقل السيئات في الميزان غدا ما خفَّ على العبد اليوم..

● انهيار صرح الإيمان:

كم من صاحب دين فقد دينه بعلاقة محرمة.

وكم من ذات دين ضاع خشوعها وفقدت تقواها بتعلُّقِها بشاب؛ نسج خيوطه على الفريسة بإحكام، فلم تفلت منه.

وكم من حافظ قرآن صار رفيق معازف وألحان؛ وذلك من أثر حب مُحرَّم وعشق فاحش.

وما أصدق قول سعيد بن المسيب: "ما يئس الشيطان من ابن آدم قط إلا أتاه من قِبَل النساء".

● نقصان الغيرة:

منا اليوم من يرى زوجته تخالط الرجال، وتباسطهم في الحديث والضحكات، وتتبادل معهم الطرائف والحكايات، والرقصات والمغازلات، ولا يرى في ذلك بأسا، وهي لا شك خصلة من خصال الديوث الذي يرى السوء في أهله، أو يرى مخالفة أهله لأمر الله ثم يتهاون، ويتعايش مع هذه المنكرات دون أن يهتز له جفن!

وفي الحديث:  «ثلاثةٌ قد حرَّم اللهُ تبارك وتعالى عليهم الجنَّةَ: مدمنُ الخمرِ، والعاقُّ والدَّيُّوثُ الذي يُقِرُّ في أهلِه الخُبْثَ» (صحيح الترغيب [2366]- حديث حسن لغيره).

والديوث فسَّره النبي ﷺ في الحديث بأنه الذي يُقرُّ الخبث في أهله ، سواء في زوجته أو أخته أو ابنته ونحوهن، والخبث المقصود به الزنا ، ويشمل بواعثه ودواعيه وأسبابه من خلوة واختلاط محرَّم.

ويرى ابن القيم أن أصل الدين هو الغيرة، ولا دين لمن لا غيرة له؛ والغيرة تحمي القلب وتصون الجوارح، وتدفع عن صاحبها السوء والفواحش، وضعفها يضعف مناعة القلب في مقاومة المنكر، فغيرة القلب قوة مناعية تدفع المرض وتقاومه، فإذا ذهبت قوته كان في ذلك هلاكه.

وجعل الله من عقوباتِ الذنوب أنها تُطفئ نارَ الغيرة في القلب، وبين الذنوب وبين عدم الغيرةِ تلازمٌ قوي، وكلٌ منهما يستدعي الآخر، وأطهر الناس وأشرفُهم أشدَّهم غيْرة على نفسه، ولذا كان المعصوم ﷺ أغيرَ الخلق.

والاختلاط المحرم وغير المنضبط هو ذنب ينتقص من غيرة القلب ومناعته، ومن هنا قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه يخاطب المسلمين ويعيب عليهم التهاون في اختلاط نسائهم بالرجال:
"بلغني أن نساءكم يزاحمن العلوج في الأسواق، أما تغارون؟ لا خير فيمن لا يغار".

● استعار نار الشهوة:

مع كثرة التفكير في الجنس الآخر وما يتعلق به، ولاشك أن انطباع صورة المشاهد في القلب من كثرة الاختلاط به لها دور كبير في استدعاء الشهوة ومرض القلب، وأن قلة الاختلاط بالجنس الآخر تقلل التفكير فيه والانشغال به.

● الاضطرابات النفسية:

كم من فتاة أحبت شابا، ثم تركها فاضطربت مشاعرها، وتعرضت لأزمة عاطفية عنيفة.

وكم من شاب واجه الأمر نفسه بعد تعلقه بفتاة، وخرج معها، وبثها مشاعره، ثم هجرته إلى غيره.

وأكثر مشاكل الشباب اليوم تدور حول هذه الآلام و(العذاب) من جراء الفراق بعد التعلق الشديد.

وأعرف من وصلت بهم علاقاتهم العاطفية إلى الاكتئاب الشديد، بل والتداوي في المصحات النفسية، وهذا من أثر العشق والتعلق الشديد ثم الانفصال.

المصدر: صفحة الشيخ على الفيسبوك

خالد أبو شادي

طبيبٌ صيدليّ ، و صاحبُ صوتٍ شجيٍّ نديّ. و هو صاحب كُتيّباتٍ دعويّةٍ مُتميّزة

  • 3
  • 0
  • 3,924

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً