الخريطة العَقدية.. وتفاعلاتها الواقعية

منذ 2016-10-16

إن كل صراعٍ أو صدام وراءه إرادات، ووراء الإرادات أفكار، ووراء الأفكار عقائد، وخلف العقائد أنصار


الخريطة العَقدية أو الإعتقادية التي ينبغي النظر فيها لفهم أبعاد الصراعات السياسية والعسكرية، أعني بها تلك التصنيفات الشرعية للمكونات البشرية، من حيث مواقعها ومواقفها من الرسالة الإلاهية.
وقد أجملت أوائل سورة البقرة أصحاب تلك التصنيفات والتوصيفات في ثلاثة أصناف رئيسية تندرج تحتها - في بقية القرآن - حالاتٌ كثيرةٌ تفصيلية، فهم اجمالًا:
◆ مؤمنون متقون: تلزم محبتهم ونصرتهم على قدر ما يظهر منهم من إسلامٍ صادقٍ وإيمان.
◆ وكافرون ومشركون: تجب كراهتهم ومقاطعتهم ومحاربتهم بقدر مايبدر منهم من عداء معلن وعدوان.
◆ ومنافقون مخادعون: لا بد من مجاهدتهم والغلظة عليهم بحسب ما يتكشف من آيات نفاقهم وما يفضحه الله من سرائرهم.
إن كل صراعٍ أو صدام وراءه إرادات، ووراء الإرادات أفكار، ووراء الأفكار عقائد، وخلف العقائد أنصار.
ونظرًا لأن العقائد منها ماهو حقٌ ومنها ماهو باطل، وتحملها نفوسٌ طيبةٌ أو خبيثة.
ولأن كل مبطلٍ سيدعي حتمًا أنه محق، كما أن كل خبيثٍ سيرتدي زورًا رداء الطيب والطهر، فقد تكفل الوحي الرباني - لا الهوى الإنساني - ببيان الحق من الباطل، وتمييز الخبيث عن الطيب، وصيغ ذلك التمييز الإلهي في صور (أحكامٍ عقدية) يجري التكليف على أساسها في الدنيا على هيئة (أحكامٍ شرعية) يُثاب أو يُعاقب وفقها الإنسان في الآخرة بموازين (الأحكام الجزائية).
والأمر كما قال الله سبحانه : {وَيُرِيدُ اللَّـهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} [الأنفال: 7] وكما قال: {لِيَمِيزَ اللَّـهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } [الأنفال: 37].
أوقات الشدائد وظروف المحن هي التي تزيح الأستار اذا أُسدلت على حقائق الخرائط العقدية، كما قال سبحانه: {مَّا كَانَ اللَّـهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّـهِ وَرُسُلِهِ ۚ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [ آل عمران: 179] .
حاول أن تُطبق وتُطابق – بعلمٍ وعدلٍ - مخرجات الخرائط العقدية على مواقع الصراع السياسية والعسكرية بين المسلمين وخصومِهم من الكفار والمشركين، ومن يتحالف معهم من المبتدعة والمنافقين، وتأمل تطورات الأحداث ونتائجها، بدءًا من حروب فلسطين وجهاد الأفغان، مرورًا بحروب الخليج الثلاثة، وانتهاءًا بالثورات العربية، فستجد أن كل تفاعلاتها تنبئ عن صراع المعتقدات الذي يُطلقون عليه (صدام الحضارات)!! وهو صدامٌ حاصل اليوم في صورة (صدام المشروعات في أرض النُبوات والنبوءات)، التي تشمل جزيرة العرب كلها، وماحولها من أراضي النيل، مرورًا بالشام، وحتى أرض دجلة وإلى الفرات !

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 3,028

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً