فضل التوحيد في القرآن الكريم والسنة النبوية

منذ 2016-12-10

إن توحيد الله تعالى هو أعظمُ عملٍ، وأشرف مهمة، وهو السبب الذي خلَق الله سبحانه من أجلِه الإنسَ والجن؛ قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

التوحيد سبب خلق الإنس والجن:
إن توحيد الله تعالى هو أعظمُ عملٍ، وأشرف مهمة، وهو السبب الذي خلَق الله سبحانه من أجلِه الإنسَ والجن؛ قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، وفي تفسير الآية الكريمة قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى: "قيل: إن هذا خاصٌّ فيمن سبَق في علم الله تعالى أنه يعبُدُه، فجاء بلفظ العموم ومعناه الخصوص، والمعنى: وما خلقتُ أهلَ السعادة من الجن والإنس إلا ليوحِّدون"[1].

قال الشيخ محمد بن إبراهيم التويجري في كتابه (أصول الدين الإسلامي): "إن الكون كلَّه خلقًا وتدبيرًا يشهد بوحدانيَّةِ الله تعالى؛ {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]، خلقُ السموات والأرض، واختلافُ الليل والنهار، وأصناف الجماد والنبات والثمار، وخلقُ الإنسان والحيوان - كلُّ ذلك يدل على أن الخالق العظيم واحدٌ لا شريك له {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [غافر: 62]، وتنوُّعُ هذه المخلوقات وعظمتها، وإحكامها وإتقانها، وحفظُها وتدبيرها - كلُّ ذلك يدل على أن الخالق واحدٌ يفعل ما يشاء، ويحكُمُ ما يريد {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر: 62]، وكل ما سبق يدل على أن لهذا الخلقِ خالقًا، ولهذا المُلكِ مالكًا، ووراء الصورة مصورًا، {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الحشر: 24]، وصلاحُ السموات والأرض، وانتظام الكون، وانسجامُ المخلوقات بعضها مع بعض - يدلُّ على أن الخالق واحدٌ لا شريك له، {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنبياء: 22]" انتهى.

وفي السُّنة النبوية بيانٌ لحقِّ الله سبحانه على العباد، وهو التوحيد؛ فعن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «يا معاذُ، تدري ما حقُّ اللهِ على العبادِ، وما حقُّ العبادِ على اللهِ؟، قال: قلت: اللهُ ورسولُه أعلمُ، قال: فإن حقَّ اللهِ على العبادِ أن يعبُدوا اللهَ ولا يشركوا به شيئًا، وحق العبادِ على اللهِ عزَّ وجلَّ أن لا يعذِّبَ من لا يشركُ به شيئًا، قال: قلت: يا رسولَ اللهِ، أفلا أبشِّرُ الناسَ؟ قال: لا تُبشِّرْهم فيتَّكلوا»[2]، والحديث الشريف يبيِّن العاقبةَ العظيمة لمن وفى حق الله تعالى عليه بالإقرار بتوحيد الله العظيم، وتجنب الشِّرك وما يُفضي إليه، وهو الأمر الذي يكون سبيلًا لتجنُّبِ العذاب وأهواله.

شروط التوحيد:
قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى: "لا إله إلا الله أفضلُ الكلام، وهي أصل الدين وأساسُ الملة، وهي التي بدأ بها الرسلُ عليهم الصلاة والسلام أقوامَهم، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]، وكلُّ رسولٍ يقول لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: 59]، فهي أساس الدين والملة، ولا بد أن يعرف قائلُها معناها، فهي تعني: أنه لا معبودَ بحقٍّ إلا اللهُ سبحانه، ولها شروط، وهي: العلم بمعناها، واليقين وعدمُ الشك بصحتها، والإخلاصُ لله تعالى في ذلك وحده، والصدقُ بقلبه ولسانه، والمحبةُ لما دلَّت عليه من الإخلاص لله تعالى، وقَبولُ ذلك، والانقياد له وتوحيده، ونبذُ الشرك به، مع البراءة من عبادة غيره واعتقاد بطلانها، وكلُّ هذا من شرائط قول لا إله إلا الله وصحة معناها، يقولها المؤمنُ والمؤمنة مع البراءة من عبادة غير الله تعالى، ومع الانقياد للحقِّ وقبوله، والمحبة لله تعالى وتوحيده، والإخلاص له سبحانه، وعدم الشك في معناها؛ فإن بعض الناس يقولها وليس مؤمنًا بها كالمنافقين الذين يقولونها وعندهم شكٌّ أو تكذيب، فلا بد من علمٍ ويقين، وصدقٍ وإخلاص، ومحبةٍ وانقياد، وقبول وبراءة، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وآله وصحبه" انتهى بتصرف يسير[3].

أنواع التوحيد:
التوحيد له أسسٌ شرعية للوفاء بتحقيقه، والعملِ على تأكيده، وهو يتمثل في ثلاثة أنواع، تم بيانُها في فتاوى موقع الإسلام سؤال وجواب كما يلي:
أولًا: توحيد الربوبية، وهو: إفراد الله تعالى بأفعاله؛ كالخَلقِ والملك والتدبير، والإحياء والإماتة، ونحو ذلك.
ثانيًا: توحيد الألوهية، وهو: إفراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة الظاهرة والباطنة قولًا وعملًا، ونفي العبادة عن كلِّ ما سوى الله تعالى، كائنًا من كان؛ كما قال الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23].
ثالثًا: توحيد الأسماء والصفات، وهو: إفرادُ الله عز وجل بما له من الأسماء والصفات، فيعتقد العبدُ أن الله لا مُماثل له في أسمائه وصفاته. انتهى.

والعبادة الخالصة التي يَقبَلُها الله تعالى هي التي قامت على توحيد الله عز وجل وتجنُّبِ أسباب الشرك؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21]، وقال الله تعالى:  {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} [النساء: 36]، وقال الله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام: 151]، وفي الآيات الكريمة بيانٌ لأعظم فريضة، وهي توحيد الله تعالى، وبيانٌ لأكبر جريمة، وهي الشِّرك بالله سبحانه.

التوحيد رسالة الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام:
إن الدعوة إلى توحيد الله سبحانه هي رسالةُ الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [النحل: 36]، وقال الله سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]، وأخبَرَنا الله تعالى بقول سيدنا عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام بشأن قيامِه برسالة التوحيد وبيانها لقومِه: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المائدة: 117]، وقال الله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأعراف: 59]، وقال الله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [الأعراف: 65]، وقال الله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأعراف: 73]، وقال الله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 85]، وقال الله تعالى: {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 16].

التوحيد أساس دين الإسلام:
والتوحيد هو أساس دينِ الإسلام العظيم، وهو الدين الذي شرَعَه اللهُ العزيز الحكيم لعباده؛ قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [آل عمران: 19]، وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[آل عمران: 85]، ولكي يُقبَلَ إسلامُ المرء لا بد أن يقوم بالوفاء بالتوحيد، ولا يصحُّ ولا يُقبَلُ إسلامُ المرء بدون تحقيق التوحيد؛ فعن عبدالله بن عمرو رضي الله تعالى عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإسلامُ على خمسةٍ: على أن يُوَحَّدَ اللهُ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، وصيامِ رمضانَ، والحجِّ»؛ (مسلم: 16).

التوحيد أهم أهداف الدعوة:
والتوحيد هو ركيزةُ الدعوة، وأول مقاصدها، وأجَلُّ أهدافها؛ فعن عبدالله بن عباس رضي الله تعالى عنه قال: لمَّا بعَثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم معاذَ بنَ جبلٍ إلى نحوِ أهلِ اليمنِ، قال له: «إنك تَقْدَمُ على قومٍ مِن أهلِ الكتابِ، فلْيَكُنْ أولَ ما تدعوهم إلى أن يُوَحِّدوا اللهَ تعالى، فإذا عَرَفوا ذلك، فأَخْبِرْهم أن اللهَ فرَضَ عليهم خمسَ صلواتٍ في يومِهم وليلتِهم، فإذا صَلَّوْا فأَخْبِرْهم أن اللهَ افتَرَضَ عليهم زكاةً في أموالِهم، تُؤْخَذُ مِن غنيِّهم فتُرَدُّ على فقيرِهم، فإذا أَقَرُّوا بذلك فخُذْ منهم، وتَوَقَّ كرائمَ أموالِ الناسِ»؛ (البخاري: 7372).

والحديث الشريف يرسخ قاعدةً للدعاة إلى الله تعالى بأهمية إقامة التوحيد، ونبذِ أسباب الشرك، فهذا النهجُ هو الأساس في اعتناق الإسلام وقبولِ العبادة من العباد، ويترتَّب عليه الصلاحُ والفلاح في الدنيا والآخرة تبعًا لذلك.

التوحيد سبب لقَبول العمل الصالح:
إن التوحيد شرطٌ لقبول العمل الصالح، والعمل لن يصبح صالحًا ولا مقبولًا إذا كان منافيًا للتوحيد وشروطِ الوفاء به؛ قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110]؛ ولذا فالتوحيد والإخلاص في تحقيقه هو السببُ لقبول العمل ودخول الجنة برحمة الله سبحانه، وورَدَ في القرآن الكريم الكثيرُ من الأدلة الشرعية على حبوط أعمال الكافرين والمشركين، وهم الذين لم يمتثلوا لأمرِ الله العزيز الحكيم بتوحيده والإخلاص في عبادته.

قال الله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23]، وفي تفسير الآية الكريمة يقول الإمام ابنُ كثير رحمه الله تعالى: "وقوله سبحانه: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23]، وهذا يوم القيامة، حين يحاسِب الله تعالى العبادَ على ما عملوه من خير وشر، فأخبَرَ الله سبحانه أنه لا يتحصل لهؤلاء المشركين من الأعمال - التي ظَنُّوا أنها منجاة لهم - شيءٌ؛ وذلك لأنها فقَدت الشرطَ الشرعي، إما الإخلاص فيها، وإما المتابعة لشرع الله تعالى؛ فكل عمل لا يكون خالصًا وعلى الشريعة المرْضيَّة، فهو باطل؛ فأعمال الكفار لا تخلو من واحد من هذين، وقد تجمعُهما معًا، فتكون أبعَدَ من القبول حينئذٍ؛ ولهذا قال الله تعالى: { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23]"[4].

وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [النور: 39]، وفي تفسير الآية الكريمة يقول الإمام السعديُّ رحمه الله تعالى: "هذان مثَلانِ ضرَبَهما الله تعالى لأعمال الكفار في بطلانها وذَهابِها سدًى وتحسُّر عامليها منها، فقال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا} بربهم وكذَّبوا رسله {أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ}؛ أي: بقاع، لا شجر فيه ولا نبت {يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً} شديد العطش، الذي يتوهم ما لا يتوهم غيرُه، بسببِ ما معه من العطش، وهذا حسبانٌ باطل، فيقصده ليزيلَ ظمأه، {حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} فندم ندمًا شديدًا، وازداد ما به من الظمأ؛ بسبب انقطاع رجائه، كذلك أعمالُ الكفار، بمنزلة السراب، ترى ويظنُّها الجاهل الذي لا يدري الأمور أعمالًا نافعة، فيغرُّه صورتُها، ويخلبه خيالها، ويحسبها هو أيضًا أعمالًا نافعة لهواه، وهو أيضًا محتاج إليها بل مضطرٌّ إليها، كاحتياج الظمآن للماء، حتى إذ قدم على أعماله يومَ الجزاء، وجدها ضائعةً، ولم يجدها شيئًا، والحال إنه لم يذهب، لا له ولا عليه، بل {وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ} لم يَخْفَ عليه من عمله نقيرٌ ولا قِطميرٌ، ولن يعدم منه قليلًا ولا كثيرًا، {وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} ؛ فلا يستبطئ الجاهلون ذلك الوعدَ، فإنه لا بد من إتيانه، ومثَّلها الله سبحانه بالسراب الذي بقيعةٍ؛ أي: لا شجر فيه ولا نبات، وهذا مثالٌ لقلوبهم، لا خيرَ فيها ولا بر، فتزكو فيها الأعمال؛ وذلك للسببِ المانع، وهو الكفر"[5].

وفي السُّنة النبوية دلالةٌ على عدم نفع الأعمال لمن لم يوفِّ حقَّ التوحيد وأشرَكَ بالله تعالى؛ فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «قال اللهُ تباركَ وتعالَى: أنا أغنَى الشركاءِ عن الشركِ؛ مَن عمِل عملًا أشرَكَ فيه معِي غيرِي، تركتُه وشِركَه»؛ (مسلم: 2958)، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: يا رسولَ اللهِ، ابنُ جُدْعَانَ كان في الجاهليةِ يصلُ الرَّحِمَ، ويُطعِمُ المسكينَ، فهلْ ذاكَ نافعُهُ؟ قال: {لا ينفعهُ؛ إنهُ لم يقُلْ يومًا: ربِّ اغفرْ لي خَطيئتي يومَ الدِّينِ}؛ (مسلم: 214).

التوحيد سبب الخلود في الجنة وتجنب الخلود في جهنم:
هناك العديد من الأدلة الشرعيةِ من القرآن الكريم والسُّنةِ النبوية على فضل التوحيد في الخلود في الجنة، وتجنُّبِ الخلود في جهنم؛ قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: 48]، وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 116].

وفي السُّنة النبوية الكثيرُ من البراهين على فضل التوحيد وعاقبة الشرك، يتم بيانُها فيما يلي:
عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «قالَ اللَّهُ تبارَكَ وتعالى: يا بنَ آدمَ، إنَّكَ ما دعوتَني ورجوتَني غفَرتُ لَكَ على ما كانَ فيكَ ولا أُبالي، يا بنَ آدمَ، لو بلغتْ ذنوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لَكَ ولا أبالي، يا بنَ آدمَ، إنَّكَ لو أتيتَني بقُرابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتَني لا تُشرِكُ بي شيئًا لأتيتُكَ بقرابِها مغفرةً»؛ (الترمذي: 3540).

عن عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن مات يُشرِكُ باللهِ شيئًا، دخَل النارَ»؛ (البخاري: 1238) و(مسلم: 92).

عن جابر بن عبدالله رضي الله تعالى عنه قال: أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رجلٌ فقالَ: يا رسولَ اللهِ، ما المُوجِبَتانِ؟ فقالَ: {من ماتَ لا يُشرِكُ باللَّهِ شيئًا دخلَ الجنَّةَ، ومن ماتَ يشركُ باللَّهِ شيئًا دخلَ النَّارَ} ؛ (مسلم: 93).

عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرجُ من النارِ من قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ، وكان في قلبِه مثقالُ شعيرةٍ من خيرٍ، ويخرجُ من النارِ من قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ، وكان في قلبِه مثقالُ برَّةٍ من خيرٍ، ويخرجُ من النارِ من قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ، وكان في قلبِه مثقالُ ذرَّةٍ من خيرٍ»؛ (ابن ماجه: 3499). وفي الحديث النبويِّ برهانٌ ساطع على عدم خلود الموحِّدين من العصاة في جهنم، وهم الذين أذنَبوا وحكَم الله تعالى عليهم بالدخول في جهنم - نسأل الله سبحانه أن يُعاملنا بإحسانه، ويجنِّبَنا والمسلمين النارَ وما قرَّب إليها من قول وعمل - وأنهم سيخرُجون من جهنم إلى الجنة والخلود في نعيمها، بفضل الله تعالى ورحمته، وذلك بكرم الله تعالى عليهم بالتوحيد.

عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللَّهَ لا يَظلِمُ مؤمنًا حسنةً، يُعطى بِها في الدُّنيا ويُجزى بِها في الآخرةِ، وأمَّا الكافرُ، فيُطعَمُ بحسناتِ ما عمِلَ بِها للَّهِ في الدُّنيا، حتَّى إذا أفضى إلى الآخرةِ، لم يَكُنْ لهُ حسنةٌ يُجزَى بِها»؛ (مسلم: 2808)، والحديثُ النبوي يبيِّن العاقبةَ الوخيمة للشِّرك في الآخرة بالخلود في النار، ولا ينفع الكافرَ فيها ما قام به من أعمال؛ مثل صِلةِ الرحم، والإنفاق على المحتاجين، وغير ذلك من أعمال الخير، واللهُ تعالى يجازيه على ذلك في الدنيا، ولكن هذه الأعمال لن تُقبَلَ في الآخرة؛ لمخالفتِها للتوحيد بالله سبحانه، والإيمانِ بالله عز وجل، والإخلاصِ لله الكريم، وأما المؤمن فيسعدُ بحسنته في الدنيا، ويجد خيرَ الجزاء لها في الآخرة؛ لتحقيقه التوحيد بالله تعالى، وعدم الشرك بالله سبحانه.

قال الشوكانيُّ رحمه الله تعالى: "لا خلاف بين المسلمين أن المشرك إذا مات على شركِه، لم يكن من أهل المغفرة التي تفضَّلَ اللهُ بها على غير أهلِ الشرك حسبما تقتضيه مشيئتُه، وأما غير أهل الشرك من عصاة المسلمين، فداخلون تحت المشيئة؛ يغفر لمن يشاء، ويعذِّب من يشاء" انتهى من (فتح القدير: 1 /717)[6].

فضائل التوحيد في الأذكار الشرعية:
ورَد في السُّنة النبوية الكثيرُ من الأذكار الشرعية في فضل قول "لا إله إلا الله"، وهي أسبابٌ عظيمة للقُرب من الله تعالى، وتحصيل الأجور، ويتم بيانُها فيما يلي:
عن عبدالله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللَّهَ سيُخَلِّصُ رجلًا من أمَّتي على رؤوسِ الخلائقِ يومَ القيامةِ فينشُرُ علَيهِ تسعةً وتسعينَ سجلًّا، كلُّ سجلٍّ مثلُ مدِّ البصرِ، ثمَّ يقولُ: أتُنكِرُ من هذا شيئًا؟ أظلمَكَ كتَبَتي الحافِظونَ؟ يقولُ: لا يا ربِّ، فيقولُ: أفلَكَ عذرٌ؟ فيقولُ: لا يا ربِّ، فيقولُ: بلَى، إنَّ لَكَ عِندَنا حسنةً، وإنَّهُ لا ظُلمَ عليكَ اليومَ، فتخرجُ بطاقةٌ فيها: "أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ"، فيقولُ: احضُر وزنَكَ، فيقولُ: يا ربِّ، ما هذِهِ البطاقةُ مع هذِهِ السِّجلَّاتِ؟ فقالَ: فإنَّكَ لا تُظلَمُ، قالَ: فتوضَعُ السِّجلَّاتُ في كِفَّةٍ، والبطاقةُ في كفَّةٍ، فطاشتِ السِّجلَّاتُ، وثقُلتِ البطاقةُ، ولا يثقلُ معَ اسمِ اللَّهِ شيءٌ»؛ (الترمذي: 2639).

عن جابر بن عبدالله رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضلُ الذِّكرِ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأفضَلُ الدُّعاءِ الحمدُ للهِ»؛ (الترمذي: 3383).

عن عبدالله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: إنَّ نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقولُ عند الكربِ: «لا إله إلا الله العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا الله ربُّ العرشِ العظيمُ، لا إله إلا اللهُ ربُّ السمواتِ وربُّ الأرضِ وربُّ العرشِ الكريمُ»؛ (مسلم: 2730).

عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إن الله تعالى اصطفى من الكلام أربعًا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فمَن قال: سبحان الله، كُتبت له عشرون حسنة، وحُطَّت عنه عشرون سيئة، ومن قال: الله أكبر، مثل ذلك، ومن قال: لا إله إلا الله، مثل ذلك، ومن قال: الحمد لله رب العالمين، من قِبَلِ نفسه، كُتبت له ثلاثون حسنة، وحُطَّ عنه ثلاثون خطيئة»؛ (صححه الألباني في صحيح الجامع: 1718).

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ أقُولَ: سُبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، أحَبُّ إليَّ مِمَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمسُ»؛ (صححه الألباني في صحيح الجامع: 5037).

عن عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقيتُ إبراهيمَ ليلةَ أُسْريَ بي فقالَ: يا محمَّدُ، أقرِئ أمَّتَكَ منِّي السَّلامَ، وأخبِرْهُم أنَّ الجنَّةَ طيِّبةُ التُّربةِ، عذبةُ الماءِ، وأنَّها قيعانٌ، وأنَّ غِراسَها: سُبحانَ اللَّهِ، والحمدُ للَّهِ، ولا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبرُ»؛ (الترمذي: 3462).

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ألا أدلُّك على غراسٍ هو خير من هذا؟ تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ يُغرَس لك بكل كلمة منها شجرةٌ في الجنة»؛ (صححه الألباني في صحيح الجامع: 2613).

عن أبي ذرٍّ الغفاري رضي الله تعالى عنه: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أوَليس قد جعل الله لكم ما تَصدَّقون؟ إن بكل تسبيحةٍ صدقةً، وكلِّ تكبيرة صدقةً، وكلِّ تحميدة صدقةً، وكلِّ تهليلة صدقةً»؛ (مسلم: 1006).

عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إِلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، تَنْفُضُ الخَطَايا كما تَنْفُضُ الشجرَةُ ورَقَها»؛ (صححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 3168).

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من سبَّح الله في دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمِد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبَّر الله ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسعةٌ وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلكُ وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غُفرت خطاياه وإن كانت مثل زَبَدِ البحر»؛ (مسلم: 597).

عن رجل من الأنصار رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قال نوح لابنه: إني موصيك بوصيةٍ، وقاصرُها لكي لا تنساها: أوصيك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين: أما اللتان أوصيك بهما، فيستبشر الله بهما وصالحُ خَلقِه، وهما يكثرانِ الولوجَ على الله: أوصيك بـ (لا إله إلا الله)؛ فإن السمواتِ والأرضَ لو كانتا حلقةً قصمتْهما، ولو كانتا في كفة وزنتْهما، وأوصيك بـ (سبحان الله وبحمده)؛ فإنهما صلاة الخَلق، وبهما يُرزَقُ الخَلقُ، {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء: 44]، وأما اللتان أنهاك عنهما، فيحتجب الله منهما وصالح خلقه: أنهاك عن الشِّرك، والكِبر»؛ (صححه الألباني في صحيح الترغيب: 1543).

عن عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من قال: أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، وأنَّ عيسَى عبدُ اللهِ وابنُ أَمَتِه وكلِمتُه ألقاها إلى مريمَ وروحٌ منه، وأنَّ الجنَّةَ حقٌّ، وأنَّ النَّارَ حقٌّ، أدخَلَه اللهُ من أيِّ أبوابِ الجنَّةِ الثَّمانيةِ شاء» ، وفي روايةٍ: «لأدخله اللهُ الجنَّةَ على ما كان من عملٍ» ولم يذكُرْ "من أيِّ أبوابِ الجنَّةِ الثَّمانيةِ شاء"؛ (مسلم: 28).

عن سمرةَ بن جندب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أحبُّ الكلامِ إلى اللهِ أربعٌ: سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، لا يضرُّك بأيِّهنَّ بدأتَ»؛ (مسلم: 2137).

عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من كان آخرُ كلامه لا إله إلا الله، دخل الجنة» ؛ (أبو داود: 3116).

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لقِّنوا موتاكم لا إلهَ إلَّا اللهُ؛ فإنَّه مَن كان آخرُ كلمتِه لا إلهَ إلَّا اللهُ عندَ الموتِ، دخَل الجنَّةَ يومًا مِن الدَّهرِ، وإنْ أصابه قبْلَ ذلك ما أصابه» ؛ (ابن حبان: 3004)، وصححه الألباني في (صحيح الجامع: 5150).

عن أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه قال: "أتيتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعليه ثوبٌ أبيضُ، وهو نائمٌ، ثم أتيْتُه وقد استيقَظَ، فقال: «ما مِن عبدٍ قال: لا إلهَ إلا اللهُ، ثم ماتَ على ذلك إلا دخَلَ الجنةَ، قلتُ: وإن زنى وإن سَرَقَ؟ قال: وإن زنى وإن سَرَقَ، قلتُ: وإن زنى وإن سَرَقَ؟ قال: وإن زنى وإن سَرَقَ، قلتُ: وإن زنى وإن سَرَقَ؟! قال: وإن زنى وإن سَرَقَ على رَغْمِ أنفِ أبي ذرٍّ!، وكان أبو ذرٍّ إذا حدَّثَ بهذا قال: وإن رَغِمَ أنفُ أبي ذرٍّ!» ؛ (البخاري: 5827) و(مسلم: 94).

عن زيد بن حارثة مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من قال: أستغفر اللهَ الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيومَ وأتوب إليه، غُفِرَ له وإن كان فرَّ من الزَّحفِ» ؛ (الترمذي: 3576).

عن أُبَيِّ بن كعب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يا أبا المُنذِرِ، أتدري أيُّ آيةٍ من كتاب اللهِ معك أعظمُ؟، قال: قلتُ: اللهُ ورسولُه أعلمُ، قال: يا أبا المنذِر، أتدري أيُّ آيةٍ من كتاب اللهِ معك أعظمُ؟، قال: قلتُ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]، قال: فضرب في صدري وقال: واللهِ! لِيَهْنِك العلمُ أبا المنذِرِ»؛ (مسلم: 810).

عن عُبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن تعارَّ من الليل فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملكُ وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم دعا: ربِّ اغفر لي، استُجيب له، فإن قام فتوضأ ثم صلى، قُبِلت صلاته»؛ (أبو داود: 5060).

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من قال: لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، له الملكُ وله الحمدُ وهو على كل شيءٍ قديرٌ، في يومٍ مائةَ مرةٍ، كانتْ له عِدْلَ عشرِ رقابٍ، وكُتبتْ له مائةُ حسنةٍ، ومُحيتْ عنه مائةُ سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطانِ يومَه ذلك حتى يمسيَ، ولم يأتِ أحدٌ أفضلَ مما جاءَ به إلا أحدٌ عمل أكثرَ من ذلك، ومن قال: سبحان اللهِ وبحمدِه، في يومٍ مائةَ مرةٍ، حُطَّتْ خطاياه ولو كانتْ مثلَ زبدِ البحرِ»؛ (مسلم: 2961).

حسين أحمد عبدالقادر

---------------------------------------------------------------------

[1] تفسير القرطبي على موقع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود.

[2] (البخاري: 6267)، و(مسلم: 30)، واللفظ لمسلم.

[3] موقع الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى.

[4] تفسير ابن كثير على موقع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود.

[5] تفسير السعدي على موقع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود.

[6] موقع الإسلام سؤال وجواب.

  • 3
  • 0
  • 43,002

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً