مع القرآن - يوم يبحث كل صاحب صنم عن صنمه
يوم يبحث كل صاحب صنمٍ عن صنمه لينقذه فلا يجيب
يوم يبحث كل صاحب صنمٍ عن صنمه لينقذه فلا يجيب، صاحب هُبل سينادي هُبل، وصاحب الضريح سينادي ضريحه، وصاحب المسيح عليه السلام سينادي المسيح، وصاحب ماركس سيناديه، وصاحب المنهج العلماني سيناديه، والملحد سينادي هواه وجهله الذي عبده من دون الله، الكل أمام الحقيقة المطلقة، ويومها الملائكة الكرام والأنبياء والأولياء ونحوهم يتبرؤون ممن عبدهم يوم القيامة ويتنصلون من دعائهم إياهم.
{وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ ۚ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ ۖ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ * فَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ * هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ ۚ وَرُدُّوا إِلَى اللَّـهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ ۖ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [ يونس: 28 - 30] .
قال السعدي في تفسيره :
يقول تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا} أي: نجمع جميع الخلائق، لميعاد يومٍ معلوم، ونحضر المشركين، وما كانوا يعبدون من دون الله.
{ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ} أي: الزموا مكانكم ليقع التحاكم والفصل بينكم وبينهم.
{فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} أي: فرقنا بينهم، بالبعد البدني والقلبي، وحصلت بينهم العداوة الشديدة، بعد أن بذلوا لهم في الدنيا خالص المحبة وصفو الوداد، فانقلبت تلك المحبة والولاية بغضًا وعداوة.
وتبرأ شُرَكَاؤُهُمْ منهم وقالوا: {مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ} فإننا ننزه الله أن يكون له شريك، أو نديد.
{فَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ} ما أمرناكم بها، ولا دعوناكم لذلك، وإنما عبدتم من دعاكم إلى ذلك، وهو الشيطان كما قال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [يس: 60].
وقال: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَـٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ* قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم ۖ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ ۖ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ} [سبأ: 40-41].
فالملائكة الكرام والأنبياء والأولياء ونحوهم يتبرؤون ممن عبدهم يوم القيامة ويتنصلون من دعائهم إياهم إلى عبادتهم وهم الصادقون البارون في ذلك، فحينئذ يتحسر المشركون حسرة لا يمكن وصفها، ويعلمون مقدار ما قدموا من الأعمال، وما أسلفوا من رديء الخصال، ويتبين لهم يومئذ أنهم كانوا كاذبين، وأنهم مفترون على الله، قد ضلت عبادتهم، واضمحلت معبوداتهم، وتقطعت بهم الأسباب والوسائل.
ولهذا قال تعالى: {هُنَالِكَ} أي: في ذلك اليوم {تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ} أي: تتفقد أعمالها وكسبها، وتتبعه بالجزاء، وتجازي بحسبه، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، وضل عنهم ما كانوا يفترون من قولهم بصحة ما هم عليه من الشرك وأن ما يعبدون من دون الله تنفعهم وتدفع عنهم العذاب.
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف:
- المصدر: