الحرب العالمية القائمة.. والأخرى القادمة
ملامح الملاحم الآخرة.. ستظل تُطل برأسها من بين أطلال الحروب الحاضرة، في العراق والشام، وغيرهما من حواضر الإسلام.. وسيظل أهل هذا الدين- رغم كل شيء - هم أولياء الله الذين آذن من عاداهم بالحرب، في أي حربٍ قائمةٍ أو قادمة..
الحرب القائمة المستمرة والمستعرة منذ شنَّها بوش الابن على المسلمين في بداية الألفية الثالثة تحت عنوان (الحرب العالمية على الإرهاب)؛ استغرقت مدتيه الرئاسيتين، ومدتيْ أوباما بعده؛ بل عمل الأخير على توسيعها وتفريعها، خاصة بعد الثورات العربية التي غلبت عليها الصبغة الإسلامية السُّنية، وهذه الحرب تدخل اليوم مرحلةً أخطر وأكبر؛ مع مجيء الأحمق الجريء - ترامب القميء - الذي جدد مؤخراً صِفتها العولمية الصليبية فقال : " سأمحو الإسلاميين الإرهابيين من الكرة الأرضية لأنهم يقتلون المسيحيين (الأبرياء)"!.. وكأن عشرات بل مئات الآلاف من المسلمين المدنيين (الأبرياء)، الذين قتلهم أو شردهم الأمريكيون وحلفاؤهم على مدى العقدين الماضيين؛ كانوا مُدانين بحكم القضاء!
• القرار واضحٌ بإبقاء جذوة تلك الحرب مشتعلة حتى تحقق أهدافها، وهي إعادة إحكام الحصار لكسر إرادة أُمتنا في تحطيم القيود والآصار، خاصةً بعد أن كادت تكسر تلك القيود بعد انطلاق الثورات العربية التي تصدرتها الاتجاهات الإسلامية؛ حيث أعاد ذلك لفت الأنظار إلى تلك القوة الكامنة في الإسلام، فقد أبطلت تلك القوة رغم استضعاف أهلها نظرية (نهاية التاريخ) التي بشر فيها (فوكوياما) بانتصار الفكر الغربي الليبرالي الرأسمالي البروتستانتي، وبددت مبكرًا أوهام الانتصارات في(صِدام الحضارات) كما نظَّر لها اليهودي" صمويل هنتجتون".. وقوة الإسلام هذه هي التي عرقلت على أرض الجهاد بالعراق مشروع يهود أمريكا المُسمى (مشروع القرن الأمريكي) للإبقاء على زعامة أمريكا للعالم مدة مئة عام؛ كما اعترف بذلك الكاتب السياسي الراحل؛ محمد حسنين هيكل؛ عندما قال بالعامية المصرية: " مشروع القرن الأمريكي (اتكعبل) على يد المقاومة في العراق"!! .
• دخول نصارى الروس مع رافضة الفُرس المجوس على خط المواجهة، إلى جانب نصارى الروم في تلك الحرب العالمية القائمة.. سيقرب العالم إلى أعتاب حربٍ عالميةٍ قادمة.. وهي حربٌ سيُسرِّع قدومها اختلاف أجندات الأحلاف، وتضارب مصالح الأطراف، وتناقض رؤاهم، وتنافر عقائدهم بما يفسد خطاهم ويعرقل خططهم، مما سيكون - والله أعلم - أدواتًا قدريةً لنفاذ السُنن الإلهية على الطريقة التي شهدها العالم في الحربين العالميتين الأولى والثانية، حيث تقضي تلك السُنن بضرب قلوب الكفار بعضها ببعض، وبخاصة النصارى؛ الذين هم رواد الحروب ضد المسلمين على مر القرون والسنين، فقد قال الله تعالى عنهم {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّـهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة: 14]. وقد كانت الحربان العالميتان مثالًا تفسيريًا مصيريًا لهذه الآية الإلهية والسُنة الربانية.
• وكذلك أساتذتهم التاريخيون في التأليب على حرب المسلمين – وهم اليهود - حالهم هو ما قال الله تعالى فيهم {بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ} [الحشر جزء من الآية: 14] وقال عنهم: {كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۚ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة جزء من الآية: 64] .. ولم يبق في أطراف الحرب القائمة والقادمة ضد أهل الإسلام من غير هؤلاء وهؤلاء؛ إلا المبتدعة المعادون للمنهاج القويم، وعلى رأسهم رافضة الحق المفترون، الذين قال الله تعالى في أمثالهم من زنادقة المبتدعة المفترين من أهل الكتاب الأقدمين: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} [الأعراف: 152]، نقل الطبري في تفسيرها عن أبي قلابة قال: "هو جزاء كل مفترٍ إلى يوم القيامة، أن يذله الله".. وقال ابن عُيَينة :" كل صاحب بدعة ذليل".. أما أنظمة (الخشب المسندة) فهي تسقط بسقوط من تولى إسنادها من أسيادها!..وهذا التناقض والتباغض بين الفرقاء، لابد أن يرتد أثره تفريقاً بين صفوفهم التي تظهر متراصة، وتمزيقًا لخطواتهم التي تبدو متماسة..
• الحرب العالمية القادمة بين الأخوة الأعداء - وإن استبعد البعض وقوعها - لن تكون بالضرورة حرباً نووية فيها نهاية العالم – كما يهول المهوِّلون – بل هي ستكون ولو على مراحل؛ طريقًا وحيدًا لدمار نادي المكر الكُبَّار، الراعي لمصالح الكفار والفجار، حتى يُفسَح طريق التمكين أمام المؤمنين الأبرار، مثلما حدث عندما غُلبت الروم من الفُرس ثم غَلبتهم، فكان هذا تحطيمًا إلهيًا أوليًا لقوتهما، ريثما يُجهِز المسلمون عليهما..وهو ماحدث! وعالم اليوم يُستدرج بالسُنن الإلهية رغم أنفه – كما حدث في الحرب العالمية الأولى ثم الثانية - حيث حُطمت امبراطوريات وأُنشئت أخرى، حتى نشأ (النظام العالمي) الراهن بتماسكه الواهن، فهو نظامٌ يسرع الخطا بانتظام إلى كُناسة التاريخ..وما على المستضعفين المذبوحين على عتباته إلا التصبر والتربص {فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ} [التوبة جزء من الآية: 52]
• ملامح الملاحم الآخرة.. ستظل تُطل برأسها من بين أطلال الحروب الحاضرة، في العراق والشام، وغيرهما من حواضر الإسلام.. وسيظل أهل هذا الدين- رغم كل شيء - هم أولياء الله الذين آذن من عاداهم بالحرب، في أي حربٍ قائمةٍ أو قادمة..
فليكن هذا ظنهم بربهم.. حتى يكون عند ظنهم.. فيعلي شأنهم ويتولي أمرهم، ويهلك ويدمر عدوه وعدوهم، فهو القائل سبحانه عن هؤلاء الأعداء وأسلافهم.. {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ دَمَّرَ اللَّـهُ عَلَيْهِمْ ۖ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا * ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَىٰ لَهُمْ} [محمد: 10-11].
- التصنيف: