راية الإسلام - إياك وترك راية الإسلام (21)
لم تجمع القوميةُ الأمةَ، بل جمعها هذا الدين.. ولم يفرق هذا الدين الأمة بل فرقته القوميات
(حجة القومية).. راية الإسلام وتجربة التاريخ:
يقول الأفاقون اليوم أن راية الإسلام مُفرقة!، بخلاف راية القومية!!، بينما تجربة التاريخ تنبيء عن أمرٍ آخر وهو أن الإسلام قد ذابت فيه القوميات المختلفة، وامتزجت جميعًا فيه في مزيجٌ حضاري فريد..
وتبادلت شتى القوميات القيادة للأمة الواحدة، التي ليس لها اسم آخر غير الأمة الإسلامية، وخاضت الحركةَ بهذا الدين بإخلاص فريد وعجيب..
لقد تقدم العرب وقادوا، وتقدم الفرس الذين أسلموا وقادوا، وتقدم الترك السلاجقة يدافعون عن هذا الدين ويذلّون الروم البيزنطيين، وتقدم البربر يفتحون الأندلس ويفتحون افريقيا جنوب الصحراء ويقيمون ممالك عظمى للإسلام، وكان الأكراد الأيوبيون أبطال الإسلام، وصلاح الدين الأيوبي ببطولته وفتوحاته واسترداده وتوحيده للجبهة، والذي سيطر على الأدب الأوروبي حينا من الدهر ورووا عنه الأساطير، ثم تقدم المماليك من أقاصي الدنيا حبّا لهذا الدين وإخلاصا له، ورفعوا رايته ودافعوا عنه وأذلوا التتار وأوقفوا زحفهم وأذلوا الصليبيين وأسروا ملوكهم..
ثم تقدم الأتراك العثمانيون فأوصلوا الإسلام إلى قلب أوروبا وحققوا بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح القطسنطينية..
لم يكن ثمة قوميات تمزق الأمة، وما كان يقع من بعض العصبيات كانت الأمة توجهه وكذا علماؤها يذكّرون وينهون عن العصبية الجاهلية وعن الراية العميّة وعن الفخر المحرّم، وبقي الإخلاص لهذا الدين، وإذا سُئل المسلم في أي مكان في الدنيا عن جنسيته كانت إجابته (أني مسلم).
حتى مزّقت القوميات راية هذا الدين ووجود هذه الأمة؛ فكانت الطورانية التركية ثم العربية والكردية والفارسية والأمازيغية والعصبية للأفارقة، فهذه هي التي فرّقت الأمة، ثم إن بعضها لم يصمُد! كالقومية العربية، وتحولت الى قوميات وطنية متعصبة وغبيّة، ولجّوا في حُمقٍ وعتوٍّ ونفور!.
(لم تجمع القوميةُ الأمةَ، بل جمعها هذا الدين.. ولم يفرق هذا الدين الأمة بل فرقته القوميات)، التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنتنة، ولن يجد الناس في النتن خيرا.. إلا من انتكست فطرته فعادى دينه وأمِل خيرًا فيما استقذره الله ورسوله..
- التصنيف: