مع القرآن - "وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ"
كل أهل المكر والعناد ينسون أن مكر الله أكبر من مكرهم مهما بدا لهم مكرهم مرتفعاً
المكر بالإسلام وبأتباع الرسالة ليس بجديد بل التاريخ الإنساني ينضح بتكرار السنن وتكرار المكر والعناد ومحاولات تشويه الرسل والأتباع والرسالات.
كل أهل المكر والعناد ينسون أن مكر الله أكبر من مكرهم مهما بدا لهم مكرهم مرتفعاً، وكيف لا والله تعالى يعلم سرهم ونجواهم وعلانيتهم ويعلم ما تخفي صدورهم، فالكل مملوك له والكل تحت أمره وجبروتهن وسيعلم كل معاند مستكبر ماكر لمن العاقبة وإن طال الزمان وإن انتفش مكرهم في بعض الأحيان فإنما هي الابتلاءات لهم و للمؤمنين أتباع الرسل في كل أمة و لن يستمر هذا الانتفاش طويلاً فالأيام دول و العاقبة للمتقين.
{وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 42]
قال السعدي في تفسيره: يقول تعالى: {وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} برسلهم وبالحق الذي جاءت به الرسل، فلم يغن عنهم مكرهم ولم يصنعوا شيئا فإنهم يحاربون الله ويبارزونه، {فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا} أي: لا يقدر أحد أن يمكر مكرا إلا بإذنه، وتحت قضائه وقدره،
فإذا كانوا يمكرون بدينه فإن مكرهم سيعود عليهم بالخيبة والندم، فإن الله {يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ} أي: همومها وإراداتها وأعمالها الظاهرة والباطنة.
والمكر لا بد أن يكون من كسبها فلا يخفى على الله مكرهم، فيمتنع أن يمكروا مكرا يضر الحق وأهله ويفيدهم شيئًا، {وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ} أي: ألهم أو لرسله؟ ومن المعلوم أن العاقبة للمتقين لا للكفر وأعماله.
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف:
- المصدر: