بلاغ للمجلس العسكري ضد وزير الداخلية الجديد
لا أستطيع أن أفهم سببا للدفاع غير المسؤول لوزير الداخلية الجديد اللواء محمود وجدي عن الجرائم التي ارتكبها بعض منتسبي أجهزة الشرطة أثناء ثورة 25 يناير ، وتحميله مسؤولية مقتل المئات من المصريين إلى "مجهولين" أو أجانب !!
لا أستطيع أن أفهم سببا للدفاع غير المسؤول لوزير الداخلية الجديد
اللواء محمود وجدي عن الجرائم التي ارتكبها بعض منتسبي أجهزة الشرطة
أثناء ثورة 25 يناير ، وتحميله مسؤولية مقتل المئات من المصريين إلى
"مجهولين" أو أجانب حسب ما يفهم من كلامه ، مثل الذي قاله أمس في مجلس
الوزراء ، كما لا أستطيع أن أفهم معنى أخلاقيا لنفيه وجود أي معتقل من
أبناء الثورة حتى الآن في السجون المصرية .
هل اللواء محمود وجدي لا يعرف أن هناك أكثر من مائتين وخمسين معتقلا
من ثوار 25 يناير ما زالوا معتقلين حتى الآن في سجن الوادي الجديد ،
في العنبر 8 والعنبر 9 ، وبعضهم مصاب ولا يتم توفير العلاج المناسب له
، إذا كان الوزير لا يعلم فتلك مصيبة ويعني أنه غير أهل للمنصب وأن
هناك في وزارة الداخلية من يلعب من وراء ظهره ، وتلك كارثة ، وإن كان
الوزير يعلم ويضلل الرأي العام فإن المصيبة تكون أعظم ، وتكشف عن أن
السيد اللواء الجديد يضمر الشر لمصر وثورتها وأبنائها ، وأنه فقط يريد
أن يلتقط أنفاسه وأنفاس أجهزته لكي يواصل رحلة القمع والاستباحة ،
وأنا أناشد المجلس الأعلى للقوات المسلحة إرسال بعثة تقصي حقائق على
وجه السرعة إلى سجن الوادي الجديد للاطلاع بنفسها على الحقيقة ،
وكإجراء احترازي إصدار أوامر فورية بمنع تحريك أي معتقلين أو مساجين
من هناك حتى إشعار آخر ، حتى لا يتم التلاعب بالموضوع وإعادة توزيعهم
على سجون أخرى ، وأتمنى أن تعلن النتائج أمام الرأي العام ، وأن تتم
معاقبة أي مسؤول أخفى الحقيقة وضلل الناس وتستر على الجريمة .
أما حديثه عن تبرئة الشرطة من جرائم 25 يناير وما بعدها ، وقوله
الحرفي (أن ما يقال حول اندساس بعض العناصر الأمنية التى تحمل السلاح
بملابس مدنية، وقامت بإطلاق النار على المتظاهرين غير صحيح إطلاقاً،
حيث تم القبض على بعض الأفراد الغرباء الذين لا يتحدثون المصرية
بأسلحة متطورة خلال الثورة) ، فهذا كلام سخيف جدا ، ولا يبشر بأي خير
من الوزير الجديد ، ومن عايش وقائع ويوميات الثورة ، وخاصة في ميدان
التحرير وما حوله يعرف جيدا أن الأجهزة الأمنية كانت حاضرة بين الحشود
التي كانت تهاجم المتظاهرين وبعضهم تم القبض عليه وتسليمه للجيش ،
وهناك عشرات من البطاقات والكارنيهات الخاصة بالداخلية التي تم التحفظ
عليها ، كما أن خبرتي الشخصية ومن معي من زملاء وأصدقاء في ميدان
التحرير وأطراف الميدان والشوارع المحيطة وميدان عبد المنعم رياض كانت
كافية وزيادة لتمييز شخصيات أمنية محترفة في تحركاتها ومراقبتها
وأسلوب تجميعها ، كما أن عمليات القنص التي كانت تتم من الأدوار
العليا لفندق رمسيس هيلتون قبيل فجر يوم الخميس 3 فبراير ، كانت
تستخدم أجهزة متطورة يستحيل استخدامها إلا من قبل أجهزة رسمية ، ومنها
أجهزة الرؤية الليلية والتوجيه ، وكان مفهوما أن قناصة محترفين من
الداخلية يقومون بتلك العملية القذرة الي اغتالت حوالي ثمانية من
الشهداء بإصابات دقيقة في الرأس والقلب ، وأصابت قرابة عشرين بإصابات
أخرى مختلفة ، ولم تتوقف إلا مع خيوط الصباح .
هناك ما يريب ويقلق الناس بالفعل في أفكار الوزير الجديد ، كما أن
بعض الأحداث الغامضة التي تقع في وزارة الداخلية منذ مجيئه تضع علامات
استفهام كثيرة ، مثل المسيرات والمظاهرات البادي عليها الترتيب من قبل
ضباط وأمناء شرطة ، ومثل واقعة حرق أجزاء من وزارة الداخلية بما فيها
أماكن سجلات مهمة أمس وهي واقعة خطيرة وينبغي التحقيق فيها بكل صرامة
وجدية .
والحقيقة أن وضع الداخلية الثابت كما هو حتى الآن مقلق للغاية ، ولم
يتغير شيء حقيقي سوى شعار الشرطة والتفكير في تغيير الزي !! ، إن شيئا
حقيقيا أو ملموسا لم يحدث في هيكلة وزارة الداخلية ، وعلى الرغم من
تردد أنباء عن إعادة هيكلة جهاز مباحث أمن الدولة مثلا ، إلا أن الأمر
لم يتعد الخواطر حتى الآن ، وإذا كنا نريد أن نعيد الثقة والاحترام
بين الشعب وبين الداخلية ، وهو مطلب ضروري بالفعل ، فإن على أصحاب
القرار الآن أن يتخذوا من الإجراءات وإعادة الهيكلة ما يطمئن الناس ،
والأزمة الحقيقية ليست مع شرطة المرافق مثلا أو رجال المرور أو
المطافي أو الأحوال المدنية ، الأزمة مع الداخلية معروفة ومحصورة في
أمن الدولة والأمن المركزي ، فإذا كنا جادين في إصلاح العلاقة
وتطبيعها ، وعودة اللحمة الوطنية بين الشرطة والشعب ، فلا بد من إصدار
القرارات العاجلة التي ينتظرها الناس ولا تحتمل التأجيل بتفكيك أجهزة
القمع والاستباحة التي ارتبطت في ذاكرة الناس بأسوأ صور الديكتاتورية
، كما أن تصريحات اللواء محمود وجدي تؤكد من جديد على أن وزير
الداخلية لا يصلح نهائيا أن يكون رجل أمن في بلد ديمقراطي ، وزير
الداخلية لا بد أن يكون شخصية سياسية .
[email protected]
24-02-2011 م
- التصنيف: