إلى مسيحيِّي مصر
حتى أن أحد الشبان الأرثوذكس حين خرج إلى ميدان التحرير علق لافته كتب عليها: أتظاهر رغم أنف البابا شنودة !
وبالأخص أبناء الطائفة الأرثوذكسية.. حيث أن أغلبهم بل جلهم لم يشارك في فاعليات الثورة، وإنما من شارك وأقام قداساً كانوا من أبناء الطائفة الإنجيلية.
وهذا الأمر وإن كنا سنتغاضى عنه، إلا أنه كان ينبغي عليكم أن تكونوا على مستوى الحدث؛ وأن تخرجوا من الإطار الطائفي البغيض الذي وضعتكم فيه قيادتكم في الداخل والخارج.. القيادات الروحية والزمنية، ولتأخذوا المثل من أبناء الملة الإنجيلية.
فغير خفي أن المدعو نجيب جبرائيل قد وصف ثورة الخامس والعشرين من يناير في حينها بالفوضى الهدامة، وأضاف المذكور آنفا في بيان منظمته : "تحث المنظمة كافة الشباب القبطي بعدم الخروج في مظاهرات 25 يناير لأنه ليست بالمظاهرات وعلو الحناجر تحل المشكلات، ولكن بالمواجهة الموضوعية القائمة على الشرعية ومن خلال القنوات الرسمية".
وغير خفي أن بطرك الأرثوذكس شنودة كان دائم التأييد للرئيس المخلوع، ولتوريث مصر لابنه. وأن الكنائس حرضت ضد ثورة مصر، وكانت تمنع أبنائها من الخروج، حتى أن أحد الشبان الأرثوذكس حين خرج إلى ميدان التحرير علق لافته كتب عليها: أتظاهر رغم أنف البابا شنودة !
وتصريحات عبد المسيح بسيط مبثوثة على اليوتيوب، وكذا خروج بعض القساوسة في مظاهرات تأييد للرئيس المخلوع قبل خلعه، فيما عرف بمظاهرات ميدان مصطفى محمود.. إضافة لتحسر الأنبا شنودة وبكائه على عزل الرئيس.
كل هذا يمكن التغاضي عنه؛ ولكن الذي لا يمكن التغاضي عنه هو التحالف مع فلول أمن الدولة والحزب الوطني من أجل إثارة الفتن الطائفية، في تلك المرحلة.. فقد انكشف المستور وبان، والمسلمون لم يكونوا يوما مثيري فتنة، ولم تكن لهم رغبة في هدم كنيسة أو قتل نصراني، أو القيام بتفجيرات، وإنما كانت أحداث تقوم بها أمن الدولة ليستفيد منها النظام في قمع المسلمين، وتستفيد منها الكنيسة لتحقيق مزيد من التغول في المجتمع وفرض سيطرتها على أتباعها.
فلا ينبغي لكم أن تظلوا ألعوبة في أيدي المتاجرين بدمائكم وقضاياكم، فهؤلاء كانوا يستفيدون من التمويلات الخارجية في ظل الوضع السابق، وأموال العشور التي ليس عليها حسيب ولا رقيب، وكيف تطلب أن تحاسب من يعرض نفسه للمخاطر والأهوال من أجل نصرتك هكذا يزعمون، كما كان يزعم صاحب الضربة الجوية والقيادة التاريخية.
نحن نتفهم التظاهر من أجل حادث كنيسة أطفيح، ونوافق على ما قاله اللواء الرويني، وما أقره المجلس العسكري ورئيس الوزراء من إعادة بناء الكنيسة في نفس المكان وعلى نفس الصورة السابقة للحادثة. وهذه هي الشريعة التي يدفعونكم للتظاهر ضدها، ولإلغائها.
ولكن ما علاقة استمرار التظاهر من أجل قس مزور؟!، لو كان هذا القس معتقل بدون محاكمة لقلنا معكم كل الحق، لو كان حوكم أمام القضاء العسكري أو محاكم أمن الدولة لكنا معكم، ولكنه حوكم أمام القضاء الطبيعي في جناية تزوير، فأي دولة مدنية هذه التي تطالبون بها..؟!
هل من مدنية الدولة أن يكون لرجال الدين حصانة ضد القانون فلا يحاكمون، ولا يطبق عليهم القانون؟!
ليست هذه بدولة دينية ولا مدنية، بل دولة البلطجية.. دولة أمن الدولة والرئيس المخلوع والحزب الوطني، أفمن أجل هذا كانت قيادتكم تؤيد النظام السابق وأنتم من ورائه؟!
لا بأس ولكن أما كان لكم عظة فيما كشف عمن وراء تفجيرات عيد الميلاد في كنيسة القديسيين؛ فدولة البلطجية لا تبقي على أحد، والبلطجية في النهاية يغدر بعضهم ببعض، لأن هذا هو قانون البلطجة !
إن دولة الشريعة لا يوجد فيها أحد فوق القانون، والجميع أمام القانون سواء بغض النظر عن دياناتهم، والأمثلة على هذا كثيرة في التطبيق العملي عبر التاريخ الذي كانت مقامة فيه. وتأمين الكنائس والصوامع وغيرها من دور العبادة عند أهلها هو من الشريعة.
وحتى الدولة المدنية التي تصور لكم على أنها الجنة الموعودة، ليس من حق الكنيسة فيها أن تحتجز مواطنين داخل أديرتها حتى ولو كانوا من أهل ملتهم.. هذا لا يكون إلا في دولة البلطجة.
هل ستسمح لكم الدولة المدنية بسبِّ الدين في التظاهرات؟!
هل ستسمح لكم بترديد شعارات طائفية؟!
إن الثوار في ميدان التحرير وأنا شاهد على ذلك لم يرفعوا أي شعار إسلامي على الرغم من وجود الزخم الإسلامي الأيدولوجي بكثافة، فضلا عن البقية من المسلمين غير المسيسين، فلو كنا رفعنا شعارات إسلامية ما كانت هناك غضاضة.
في ميدان التحرير لم نقم بضرب أحد، بل كان من يقبض عليه من العملاء تتم حمايته ويظل حراسه يرددون سلمية سلمية حتى يمنعون من يحاول الاعتداء عليه، فما الذي دفعكم أمام ماسبيرو لضرب شاب مسلم وفتاة محجبة، هل منكم من يريدها فتنة، فلصالح من ولخدمة من؟؟!! ولمصلحة من ولخدمة من الاعتداء بإلقاء الحجارة وزجاجات الملوتوف على المسلمين في منطقة منشية ناصر؟؟!!.
لمصلحة من وخدمة من خاصة وأن المواقع النصرانية تذكر أن المحرضين على حادثة أطفيح شخصيات تنتمي للحزب الوطني وعناصر من أمن الدولة.
للأسف مازال الأرثوذكس طائفيين.. هذا ما نشاهده في جميع مظاهراتهم، كالتي خرجت في شبرا الخيمة.. إن الطائفة الأرثوذكسية لم تسري فيها بعد روح الثورة، حيث أن قادتها من زمن العهد البائد، يفكرون بنفس الطريقة، ويعملون بنفس الأسلوب، ويودون لو أن عقارب الزمن عادت للوراء.
- التصنيف: