استدلال المهدية بالكرامات و المعجزات
ويكذب هذا الكلام علماء الشِّيَعة فيقولون:"وقد طلبنا من دجال البصرة معجزة فعجز، ثم وعدنا وبها ونكص، فعرفنا أنه من الكذابين المفترين"
كما أن المهديين طرقوا كل باب لنشر دعوتهم عبر أكثر من وسيلة، مسموعة أو مقروءة أو مرئية، ومن خلال شبكات الإنترنت، من الموقع الرسمي، والمجلة الرسمية لهم، والقناة الفضائية، وإقامة المناظرات، كذلك لم يألوا جهداً في الإتيان بالأدلة على دعوة يمانيهم، ويؤكد هذا رئيس تحرير مجلة الصراط المستقيم-عبدالرزاق الديراوي-، فيقول:"لم يترك السيد أحمد الحسن عليه السلام باباً لم يطرقه، ولم يترك حجة لمحتج، ولا عذر لمعتذر، ومن بين الأدلة التي جاء بها؛ الإتيان بالمعجزة فيما لو طلبها منه أحد المراجع الخمسة (السيد السيستاني[1]، والسيد محمد سعيد الحكيم[2]، والسيد الخامنئي[3]، والسيد محمد حسين فضل الله[4]، والشيخ الفياض[5]، وقال: لهم أن يحددوا أي معجزة من معاجزالأنبياء، واشترط أن يكون الأمرعلنياً، وأن تحضر وسائل الإعلام والناس، ولكن كما هو ديدنهم وضعوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم"[6].
ويكذب هذا الكلام علماء الشِّيَعة فيقولون:"وقد طلبنا من دجال البصرة معجزة فعجز، ثم وعدنا وبها ونكص، فعرفنا أنه من الكذابين المفترين"[7].
ومن الطرائف التي نقلوها عن بَرَكة اسم اليماني: ما جاء في العدد )114( من صحيفة الصراط المستقيم بتاريخ: 24 أبريل 2102م، طفل يدعى حيدر بمدينة الديوانية بالعراق تم إعلان وفاته من قبل الطبيب، وقد قال والده -ويدعى صالح رحيم وهو من أتباع اليماني- إنه في بداية دخوله وإيمانه بالدعوة اليمانية كان عمر ابنه 11 سنة وقد أصيب بالحمى التي أدت إلى وفاته، حينها توجه الوالد بدعاءه إلى الله بجاه السيد أحمد الحسن اليماني أن يعيد الحياة إلى ابنه، يقول: سبحان الله ما إن أتممت الدعاء حتى عطس ابني خمس عطسات ورجع إلى الحياة مرة ثانية ببركة الدعاء باسم اليماني.
تعليق وتعقيب:
إن الذي انفرد بالإحياء والإماتة، هو الله سبحانه وتعالى وليس غيره، والذي يدعي إحياء الموتى فقد شارك الله في ربوبيته وألوهيته، ولعل هذه القصة الزائفة تذكرنا بقصة الذي حاج سيدنا إبراهيم عليه السلام في ربه، والتي حكاها لنا القرآن الكريم، فقد قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: ٢٥٨].
وقد علق صاحب التحرير والتنوير بقوله:"إن في الآية دلالة على أن إبراهيم هو الذي بدأ بالدعوة إلى التوحيد واحتج بحجة واضحة يدركها كل عاقل وهي أن الرب الحق هو الذي يحيي ويميت فإن كل أحد يعلم بالضرورة أنه لا يستطيع إحياء ميت فلذلك ابتدأ إبراهيم الحجة بدلالة عجز الناس عن إحياء الأموات"[8].
ففي هذه الآية حجة قوية وبرهان ساطع ضد من يدعي إحياء ميت أو إماتة حيّ ببركة شخص أو بجاه فلان، وهذا بلا شك افتئات[9] على رب العزة، وتطاول على القدرة الإلهية التي لا تكون إلا لله وحده.
وقد عدد الإمام الأشعري فرق الشِّيَعة في ظهور المعجزة على يد الإمام، حيث قال:"واختلف الروافض في الأيمة هل يجوز أن تظهر عليهم الأعلام أم لا وهم أربع فرق: فالفرق الأولى منهم يزعمون أن الأيمة تظهر عليهم الأعلام والمعجزات كما تظهر على الرسل لأنهم حجج الله سبحانه كما أن الرسل حجج الله، ولم يجيزوا هبوط الملائكة بالوحي عليهم،..."[10].
وعليه فإن اليماني وأتباعه يندرجون تحت هذه الفرق، حيث ادعى اليماني المعجزة، وهذا ادعاء عريض، ومرفوض نقلاً وعقلاً عند أهل السنة والجماعة، فالمعجزة لا يدعيها أحد ومن ادعاها فهو كذاب لأن المعجزة لا تكون إلا لنبي أو رسول يوحى إليه، يقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ } [الشورى:51].
بل ويبين اليماني أنه مؤيد بمعجزة تدل على صدق دعوته، حيث قال: "وأول معجزة أُظهرها للمسلمين وللناس أجمعين هو أني أعرف موضع قبر فاطمة -عليها السلام- بضعة محمد صلى الله عليه وسلم ، وجميع المسلمين مجمعين على أن قبر فاطمة مغيب لا يعلم موضعه إلا الإمام المهدي عليه السلام وهوأخبرني بموضع قبر أمي فاطمة وموضع قبر أمي فاطمة بجانب قبر الإمام الحسن وملاصق له، وكأن الإمام الحسن المجتبى مدفون في حضن فاطمة، ومستعد أن أقسم على ما أقول والله على ما أقول شهيد ورسوله محمد وعليّ الذي دفن فاطمة، والحمد لله وحده "[11].
هكذا يعتبر اليماني أن معرفته بموضع قبر فاطمة هو المعجزة التي جاء بها، لأن هذه المعجزة لا يعلم بها إلا المهدي أو من أرسله أو كان وصيه، ففي هذا دلالة على صدق دعواه أنه أتى بما لم يأت به الشِّيَعة وما قد عجزوا عنه.
الرد على ادعاء اليماني المعجزة:
يزعم اليماني في بيانه السابق أن عنده علم ما ليس عند أحد، حيث معرفته بموضع قبر السيدة فاطمة، وهذا في نظره معجزة ودليل من الأدلة التي تدل على صدق دعواه، والذي أخبره بها الإمام المهدي، بأن قبر السيدة فاطمة بجوار قبر الإمام الحسن، ويقدم اليماني هذه المعجزة لجميع المسلمين-أهل السنة والشِّيَعة-.
وللرد عليه:
صدر من مراجع الشِّيَعة-والكلام للصدوق-: "والصحيح عندي في موضع قبر فاطمة عليه السلام ما حدثنا به أبي-رحمه الله- قال: حدثني محمد بن يحيى العطار[12]، قال: حدثني سهل بن زياد الادمي[13]، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي[14]، قال: سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عن قبر فاطمة صلوات الله عليها، فقال: دفنت في بيتها فلما زادت بنو أمية في
المسجد صارت في المسجد"[15].
ويبين أحد أعلام الشِّيَعة الأقوال في هذه المسألة، فيقول:"وأما موضع قبرها فاختلف فيه فقال بعض أصحابنا: إنها دفنت بالبقيع، وقال بعضهم: إنها دفنت في بيتها فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد، وقال بعضهم: إنها دفنت فيما بين القبر والمنبر، والقول الأول بعيد، والقولان الآخران أشبه وأقرب إلى الصواب، فمن استمعل الاحتياط في زيارتها زارها في
المواضع الثلاثة"[16].
ومنه يتضح أن موضع قبر فاطمة معلوم ومعروف عند علماء الشِّيَعة، وما جاء به اليماني ليس بجديد، ولا يصلح ما قاله أن موضع قبرها قد غاب عن الشِّيَعة، كيف وقد تبين من الآراء
السابقة أن موضعها لا يخرج عما ذكروه، ولو افترضنا أن الشِّيَعة ليس لديهم ما يعرفون به موضع قبر فاطمة، فهل ما يدعيه اليماني يصل إلى درجة المعجزة ؟ وهل المعجزة يدعيها أي أحد؟
أما من ادعى المعجزة كاليماني، أو من اُدعيت لهم كالأئمة، فليس له أساسٌ من الصحة، ومرفوض شرعاً وعقلاً، فمن المُسَلَّم به عندنا-أهل السنة والجماعة- "بأن المعجزات لا يأتي بها إلا الأنبياء ، وأن الشِّيَعة قالت بها في حق الأئمة، لأنها أعطتهم معنى النبوة دون اسمها، وزعمت أنهم الحجة على العباد، وليس لهم في ذلك من برهان، إلا اتباع ما وضعه زنادقة العصور الماضية"[17].
فالمعجزة لا تكون إلا من نبي أو رسول، أرسله الله U للناس، ولا تَصْدُقُ على أي أحد، ولا تُقبَل من أي أحد، فَزَعْمُ اليماني تلك المعجزة مردود عليه.
---------------------------------------------
[1] هو: السيد علي الحسيني السيستاني، ولد في ربيع الأول سنة 1349ه، في المشهد الرضوي الشريف، ونشأ فيه، وفي عام 1368ه انتقل إلى الحوزة العلمية في قم، وحضر بحوث المرجع الكبير الطباطبائي البروجردي في الفقه والأصول، وفي أوائل عام1371ه، غادر قُم إلى النجف الأشرف وحضر البحوث الفقهية لأبي القاسم الخوئي، ويعد السيستاني أحد أكبر مراجع الشِّيَعة المعاصرين، انظر: السيرة الذاتية على موقعه الرسمي، والرابط على شبكة الانترنت: www.sistani.org، بتاريخ: 28/8/2014م، في تمام الساعة الواحدة ظهراً.
[2] سبق التعريف به في التمهيد، ص32.
[3] هو: السيد علي الحسيني الخامنئي، ولد في مدينة مشهد المقدسة بإيران عام 1939م، وفي عام 1958م التحق بالحوزة العلمية في قم وتتلمذ فيها على يد البروجردي والخميني والطباطبائي، وقد شغل الخامنئي عدة مناصب، منها: نائب وزير الدفاع الإيراني عام 1979م، وإمام جمعة طهران، وممثل الخميني في مجلس الدفاع الأعلى 1980م، ثم منصب رئيس جمهورية إيران 1981م، وأعيد انتخابه لفترة ثانية حتى عام 1989م، وهو الآن يشغل منصب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية بإيران، أو ما يعرف بالولي الفقيه. انظر: السيرة الذاتية على موقعه الشخصي، والرابط على: www.learer.ir.com، بتاريخ: 14/9/2014م، في تمام الساعة الخامسة عصراً.
[4] ولد في مدينة النجف الأشرف عام 1354ه، الموافق 1935م، والده السيد عبد الرؤوف فضل الله، وعائلته (آل فضل اللهـ) معروفة بالعلم والأدب والفكر، توفي عام 1430ه، من أبرز مؤلفاته: الحوار في القرآن، خطوات على طريق الإسلام. انظر: السيرة الذاتية على موقعه الشخصي، ورابطه على شبكة الانترنت: www.bayynat.org، بتاريخ: 9/9/2014م، في تمام الساعة الثالثة عصراً.
[5] سبق التعريف به في التمهيد، ص31.
[6] مجلة الصراط المستقيم، العدد( 117)، الصفحة رقم(3).
[7] دجال البصرة، ص58(مرجع سابق).
[8] انظر: التحرير والتنوير، ج3/33، بتصرف(مرجع سابق).
[9] افْتَأَتَ الرجلُ عَليَّ افتِئاتاً، وَهُوَ رَجُلٌ مُفْتَئِتٌ، وَذَلِكَ إِذا قَالَ عَلَيْكَ الباطلَ. انظر: لسان العرب، باب الفاء، مادة (فأت)، ص3333.
[10] انظر: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، ص50(مرجع سابق).
[11] حوار قصصي مبسط في الدعوة اليمانية المباركة، ص467(مرجع سابق).
[12] هو: أبو جعفر العطار القمي، شيخ أصحابه في زمانه، ثقة، عين، كثير الحديث، انظر: رجال النجاشي، ص337.
[13] هو: سهل بن زياد الآدمي الرازي، يكنى أبا سعيد، ضعيف، انظر: الفهرست، للطوسي، ص142.
[14] هو: أحمد بن محمد بن أبي نصر زيد، مولى السكوني، أبو جعفر، وقيل : أبو علي، المعروف بالبزنطي، كوفي ثقة، لقي الرضا عليه السلام وكان عظيم المنزلة عنده، وروى عنه كتاباً، انظر: الفهرست للطوسي، ص61.
[15] معاني الأخبار، للشيخ الصدوق-ابن بابويه القمي-، ص268، عني بتصحيحه: علي أكبر الغفاري، تاريخ الطبعة: 1399ه = 1979م، بدون رقم، دار المعرفة، بيروت- لبنان.
[16] إعلام الورى بأعلام الهدي، ص165(بتصرف)(مرجع سابق).
[17] أصول مذهب الشِّيَعة الإمامية الاثني عشرية، ص676(مرجع سابق).
- التصنيف: