أيها العلمانيون ... لكم الفضائيات والصحف ولنا الشارع
منذ 2011-04-10
وبعد نجاح الثورة فى الإطاحة بنظام مبارك البائد، بدأ الإعلام فى إحداث نوع من التوازن بين كافة التيارات وتوقف الهجوم الشديد على الإخوان المسلمين وبقية التيارات الإسلامية، لكن ما لبثوا أن عادوا بالهجوم من جديد على كل التيارات الإسلامية..
الإعلام كان قبل سقوط نظام مبارك البائد مسلطا على الإسلاميين، لا
يمر يوم إلا وهناك إساءة متعمدة موجهة لهم، وكان التركيز على جماعة
الإخوان المسلمين، فتجدهم يتحدثون عن الجماعة المحظورة وغسيل الأموال
والتنظيم السرى والسعى نحو السلطة والعلاقة مع طهران وغير ذلك كثير،
وطبعا كان الهجوم على النقاب لا ينقطع وكذلك اللحى والإستهزاء بكتاب
الله وسنة رسوله فى الأعمال الدرامية والأفلام السينمائية، كل هذا كان
يحدث بأوامر من الحزب الوطنى وأمن الدولة.
وبعد نجاح الثورة فى الإطاحة بنظام مبارك البائد، بدأ الإعلام فى إحداث نوع من التوازن بين كافة التيارات وتوقف الهجوم الشديد على الإخوان المسلمين وبقية التيارات الإسلامية، لكن ما لبثوا أن عادوا بالهجوم من جديد على كل التيارات الإسلامية بعد تشكيل لجنة تعديل الدستور برئاسة المستشار طارق البشرى وعضوية الأستاذ صبحى صالح عضو جماعة الإخوان المسلمين، وزادت الهجمة حدة بعدأن وافق الإخوان ومعهم كافة التيارات الإسلامية بما فى ذلك حزبى العمل والوسط على التعديلات الدستورية، ثم كانت الصدمة للتيار العلمانى بالموافقة بأغلبية كاسحة على التعديلات الدستورية.
هنا شعر العلمانيون بحقيقة حجمهم فى الشارع، وشعروا أنهم لا
يمثلون شيئا فى الشارع المصرى، فمن المعروف أن النصارى قد ذهبوا جميعا
إلا الإستفتاء ليرفضوا هذه التعديلات، فإذا قلنا أن عدد أصوات النصارى
مليونى صوت فهذا يعنى أن عدد الأصوات الرافضة للتعديلات من غير
النصارى تمثل مليونى صوت أيضا عبارة عن كافة الأحزاب العلمانية
الموجودة وكذلك حركة 6 أبريل والجمعية الوطنية للتغيير ومؤيدو عمرو
موسى والبرادعى طبعا بالإضافة إلى الحزب الوطنى الذى كان يحشد أتباعه
ليصوتوا برفض هذه التعديلات.
هذا الشعور بالضعف جعلهم يشنون هجوما عنيفا على التيارات الإسلامية ويتهمونها بخلط الدين بالسياسة وهذا شئ طبيعى فكل التيارات الإسلامية لم تقل أنها تفصل بينهما، وإن كنا نرفض الفتاوى التى أوجبت التصويت بنعم، لقد أصيبوا بالذعر، أبعد كل هذه الحملة من أجل رفض التعديلات لا يرفضها سوى أربعة ملايين فقط؟!، أبعد أن شوهنا صورة الإخوان والسلفيين واتهمناهم بالرجعية وبالإنتهازية يستطيعون حشد الناس للموافقة على التعديلات؟!
الفضائيات والصحف والمجلات تعمل ليل نهار على تشويه صورة الإسلاميين، يطلقون الشائعات المثيرة للسخرية ويروجونها بين الناس، يكذبون ويصدقون كذبتهم، والأقلام المسمومة لا تتوانى عن ركوب الموجة، كل يظن نفسه صاحب فكر وأكثرهم أفاقون كانوا بالأمس يمدحون أحمد عز ولا يذكرونه إلا ويقولون المهندس ... ، اليوم يشنون حملة على السلفيين بتهمة هدم الأضرحة وإن كنا نرفض ذلك، إلا أن هؤلاء الذين يدافعون عن الأضرحة كانوا بالأمس يتأذون منها ويرفضونها.
التيارات العلمانية لا تعرف بعد طبيعة الشعب المصرى، فهم يتحدثون
إليه من خلال الفضئيات والصحف، يجلسون فى الإستوديوهات المكيفة
ويخاطبون الشعب الفقير، فأنى للشعب أن يستمع إليهم، إن الناس تريد أن
تشعر بمن يعيش بينهم، يذوق من مرارة الفقر ما يذوقون ويلاقى ما يلاقون
يفرح كما يفرحون ويحزن كما يحزنون، وهذا هو أصل قوة التيار الإسلامى
بكافة فصائله.
الإسلاميون بفصائلهم المختلفة يعيشون بين الناس، يحدثونهم بأسلوب مباشر حديث الأخ إلى أخيه، وليس حديث المتكبر المتعال الذى يظن نفسه خبيرا فى كل شئ، وعالما بكل شئ، الإسلاميون يعيشون فى القرى والنجوع والأحياء يختلطون بالناس يشعرون بما يشعر الناس ويشعر الناس بما يشعرون، يتحملون من متاعب الحياة كما يتحمل الناس، يدرك الناس أن هؤلاء لم ينزلوا إليهم (بالباراشوت) بل كانوا دائما وأبدا موجودين معهم، يشاطرونهم الآلام والآمال.
إن العلمانيين يراهنون على الشعب والإسلاميين أيضا كذلك،
العلمانيين يحاولون التواصل مع الشعب من خلال الفضائيات والصحف
والمجلات، والإسلاميين يتواصلون مع الناس وجها لوجه بلا حائل ولا عائق
ولا مواعيد مسبقة، العلمانيون يفرضون على الشعب أن يخالف هويته ودينه
وتقاليده، والإسلاميون يحثون الشعب على التمسك بما يحفظ أمنه
واستقراره، العلمانيون إذا أقاموا المؤتمرات جعلوها فى المدن الكبيرة
حيث الفئة المتوسطة من الناس أما الإسلاميون فمؤتمراتهم فى كل قرية
ونجع، وعلى سبيل المثال أعلم مدينة منذ نجاح الثورة لم يقام فيها
مؤتمر واحد لأى حزب علمانى فى حين أقيمت ما لا يقل عن خمس مؤتمرات
للتيارات الإسلامية وافتتح مقر لحزب الوسط بالمدينة.
هذا هو الفارق بين العلمانيين والإسلاميين، العلمانيين يريدون للشعب أن يسير خلفهم دون أن يقدموا أية ضمانة لهذا الشعب، ودون أن يشعروا بآلامه وحتى دون أن يتعبوا أنفسهم بالتواجد القوى بالشارع للتواصل مع الناس بل يريدون الظهور الإعلامى، أما الإسلاميين فقد أدركوا أن الشعب يريد من يتواجد بالشارع حيث هو الضمانة الحقيقية أنهم يسعون لتحقيق مطالبه، فهنئيا للعلمانيين صحفهم وفضائياتهم وهنيئا لنا الشارع وليعلموا أننا سنزاحمهم أيضا فى الفضائيات والصحف.
المصدر: مجدي داود - موقع جريدة المصريين
- التصنيف: