الإخوان بين الانفتاح السياسي والالتزام السلفي
أعتقد أنه كما اقتربت السلفية من الانفتاح السياسي حان الوقت كي تقترب جماعة الإخوان أكثر من المنهج السلفي كي يستقيم الأمر
لا يخفى على كل مصري يراقب التاريخ المعاصر أن جماعة الإخوان
المسلمين مرت منذ نشأتها باضطهاد وقهر متواصل لا ينقطع بلغ ذروته
باستشهاد إمامها وإمامنا الفاضل حسن البنا في عهد الملكية ثم
إعدام واستشهاد المفكر العظيم سيد قطب وغيرهم من قافلة الشهداء في عهد
الناصرية الشمولي (نحسبهم كذلك ولا نزكى
على الله أحداً )بخلاف الاعتقال والسجن
والتعذيب لغالب أعضاء وقيادات الجماعة ولم يتوقف هذا العنت إلا في عهد
السادات فترة بسيطة ثم دارت الدائرة في عهد الطاغية مبارك بالمحاكمات
العسكرية الظالمة والسجن لعدد كبير ومحاربة الجماعة بكل الوسائل وإزاء
ذلك كله انتهجت الجماعة طرق وأساليب منهجية في العمل والتربية فعملت
بالمرجوح لتحافظ على وحدة الجماعة واستغلت كل ثغرة سياسية لتحقق مصلحة
للجماعة وفى ذلك وخلافه كان العذر لها موجود عند المنصفين في الكثير
من ذلك .
لكن بعد ثورة 25 يناير أصبحت مصر لأول مرة في عهد جديد لم يحدث منذ
عقود وكان لجماعة الإخوان دور بارز في الثورة على خلاف منهجيتها
الإصلاحية (قيل أن شباب الإخوان هم السبب )واستطاعت جماعة الإخوان
بتنظيمها التواجد بقوة في الحالة الثورية وقدمت تضحيات لا ينكرها إلا
جاحد ولأول مرة في أواخر عهد البائد يتصل بها عمر سليمان ويمحى لفظ
المحظورة ويجلس الأستاذ الفاضل سعد الكتاتني في مائدة حوار مع عمر
سليمان الرجل الذي كان يدير المخابرات ويخطط لمحو الإخوان ومن هذا
التاريخ كتبت جماعة الإخوان اسمها بطريقة جديدة في المشهد السياسي
المصري ومع تنحي الطاغية المخلوع من شعبه ازداد موقف الإخوان قوة جعلت
كل القوى السياسية تحقد عليها وتخطط لإضعاف هذه القوة وجعلت كثير من
الإسلاميين يراجعون موقفهم من نقد العمل السياسي للإخوان
وعملت جماعة الإخوان على محاولة التواضع المكشوف في المشهد السياسي
فقدمت الشيوعيين والليبراليين وغيرهم في المشهد كي تدلل على الموقف
الوطني واعتبره الكثيرون ذكاء سياسي
ومع نشوة النصر وفرحة التواجد السياسي وتيقن كل القوى من قوة الإخوان
على الأرض وعلى السطح وفي الشارع أصبحت الجماعة في واقع جديد لأول مرة
تشهده فكل من فيها عاش سنوات القهر ومنهجية العمل في ظل القهر
والطغيان ولا يوجد إلا أفراد من الشيوخ كبار السن هم من عاشوا مناخ
فيه حرية حقيقية لذلك كان من المتوقع أن تتغير منهجية العمل والتربية
عند جماعة الإخوان وثورة 25 يناير تُحدث ثورة منهجية داخل الجماعة
فتقترب من الالتزام السلفي بالنص الراجح عن المرجوح وتجعل مصلحة
الإسلام مهما كانت المخاطر فوق كل مصلحة للجماعة ولو تحققت بسهولة
نجاح
ولكن ظهرت مقولات لقيادات عزيزة أشارت إلى أن منهج الجماعة أكثر
وأكثر انفتاحاً سياسياً مثل القول بقبول البهائيين في حزب الإخوان
وهذا رغم مخالفتهم للإسلام مخالف للدستور أيضاً ومقولتهم
بالتقارب مع إيران والشيعة ودعم ثورة الشيعة في البحرين ومقولة لتولى
مسيحي لقيادة الحزب , وخطاب ضعيف عن ثورة الشعب السوري لا يرتقى
للحدث و لا يمثل قوة جماعة الإخوان التي شملها الظلم الكبير من النظام
الطائفي المستبد في سوريا وكلها مقولات تندرج نحو الخطاب السياسي
المصلحي وهو لم يتغير عما قبل الثورة بل زاد .
والمراقب المحب للجماعة يستغرب من عدم اقتراب الجماعة من الالتزام
السلفي بل وضعت نفسها في ظل حالة الحرب المعلنة ضد السلفيين في خانة
أخرى كأنهم ليسوا بسلفيين وكأن الأسس الشرعية الإسلامية للمخالفات في
الواقع المصري يوجد فيها خلاف !!!
ومما يزيد التعجب أن الجماعة يوجد في مكتب إرشادها
قيادات يصح نسبتها للسلفية اصطلاحاً كالدكتور عبد الرحمن البر
والدكتور محمود الغزلاني وغيرهم والمرشد الفاضل محمد بديع لا يختلف
خطابه عن منهج السلف لكن يوجد فرق بينهم وبين الخطاب والمنهج الواقعي
للجماعة ؟؟؟
أعتقد أن الجماعة في حاجة إلى ثورة داخلية كي تعيد ترتيب أوراقها فلم
يعد مقبولاً الالتزام المنهجي والتربوي عند أفراد الجماعة بما يتناسب
مع مناخ القهر بل أصبح لازماً للجماعة في مناخ الحرية أن تقترب من
العمل بالفاضل أكثر وأن تزداد تمسكاً بالعزائم لا الرخص .
فالرخص الشرعية ليست أساساً بل استثناءً وإذا كانت مصلحة الجماعة في
وقت تفرض خطاب معين فمصلحة الإسلام في ظل مناخ الحرية تفرض خطاب آخر
له قوته من حيث إعلاء كلمة الإسلام فوق كل كلمة
وتبقى إشكالية وهى أن المناخ ليس إسلامياً بل تسيطر عليه قوى معادية
فوجب التفاعل معها على قدر ضرورة الحالة وهذا واقع لكن الضرورة تُقدر
بقدرها والضرورة في ظل مناخ الطغيان بكل عدائه تختلف عن الضرورة في ظل
مناخ الحرية وإلا ما الفرق وما فائدة قيام ثورة وتعب وتضحيات وشهداء
ماتوا من الإخوان وغيرهم وتعب ليل نهار
أعتقد أنني و معي الكثير من رجال الإخوان وشبابهم وشباب الحركة
الإسلامية جميعاً الذين كانوا في الثورة من 25
يناير وتعرضوا للضرب والقنابل المسيلة للدموع والمطاردة والمبيت في
ميدان التحرير كان هدفنا رفع الظلم نعم وأيضاً أن يتحرر المسلمون من
الظلم كي يتحركوا للعمل بدينهم ويتغير مناخ القهر إلى مناخ حرية نعمل
فيه للإسلام ونجاهد أعداء الإسلام بالحجة والبيان وكل آليات المعارضة
.
ولم يكن من هدفنا أن نظل كما نحن أو أن يظل شباب الإخوان كما هم
يناورون ويترخصون في الحقيقة وإلا فالثورة تحتاج إلى ثورة داخل
الإخوان ليس مطلقاً للخروج على الجماعة ولكن لضبط منهج العمل كي يرضى
عنّا الله سبحانه وتعالى فهو القادر على التمكين لعباده الذي قال الله
فيهم (وَعَدَ اللَّهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى
لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا
يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ
ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) 55 النور.
وأخيراً أعتقد أنه كما اقتربت السلفية من الانفتاح السياسي
حان الوقت كي تقترب جماعة الإخوان أكثر من المنهج السلفي كي يستقيم
الأمر
ممدوح إسماعيل محام وكاتب
عضو مجلس النقابة العامة للمحامين
مقرر اللجنة العامة لحقوق الإنسان [email protected]
- التصنيف:
nada
منذnada
منذالشافعى احمد
منذرضا عبد العزيز
منذأحمد
منذnada
منذانسام كامل
منذابو عبد الرحمن سامح العشرى
منذأبو عبد الله
منذ