التهيئة لرمضان (2) هيّئ قلبك

منذ 2017-05-13

لا زال لديك الوقت لتسترجع قلبك في شعبان لتُعان في رمضان!

قال الله جلّ جلاله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]. إذن التقوى هي مقصد الصيام وهدفه الأسمى.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التَّقْوَى هَاهُنَا» يُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

إذن التقوى محلها القلب وبين تحقيق مقصد الصيام.

وإشارة النبي صلى الله عليه وسلم أن القلوب هي أوعية التقوى وموطنها؛ رحلة طويلة من ترويض النفس، ومن التهيئة الجادة والسعي الدؤوب والمثابرة والمجاهدة؛ لكي نستعيد قلوبنا أولًا من كل ما ومَن اختطفها وشغلها على مدى أحد عشر شهرًا، لندخل شهر الصيام وكأننا نحمل قلوبنا بأيدينا نرى صفاءها ونقاءها من أي نكتة سوداء كانت قد نكتت فيها بسبب ذنوبنا، ونرى خلوّها من كل شيء إلا من الله عز وجلّ الذي نحتاج عونه وقربه وهدايته وعفوه وغفرانه وإحسانه... ندخل شهر الصيام حاملين شعار: إني ذاهب إلى ربي بقلبي الخالص له وحده، لعل الله جلّ وعلا يكرمنا بالقبول فيمنّ علينا بتحقق اليقين بـ{إِنَّ مَعِيَ رَبِّي} و{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ}.

واسترجاع القلب عملية مستمرة دائمة ليل نهار، فما أسرع ما يتفلت هذا القلب ويتقلب بين حب اتباع الشهوات يشده للدنيا، وبين وازع إيماني يسمو به للآخرة.

فهنيئًا لمن جاهد نفسه واسترجع قلبه كلما تفلّت منه وشغلته الدنيا بما فيها ومن فيها، وحرص على سلامته وعلى نقائه وتقواه؛ طمعًا أن يأتي ربه يوم القيامة بقلب سليم قدر ما استطاع، وأعانه الله جلّ وعلا عليه.

لا زال لديك الوقت لتسترجع قلبك في شعبان لتُعان في رمضان، في صيامك وقيامك وإقبالك على القرآن كتاب ربك وحبله المتين الذي طرفه بيد الله. فإياك أن تفلته وإلا هويت من سماء العلو والرفعة فتخطفك الطير أو تهوي بك الريح في مكان سحيق!

ولن تسترجع قلبك إلا إذا ذكّرته بالله وخوّفته بوعيده وأطمعته بوعده ورغّبته بجناته وأرهبته بناره، وهذه التذكرة لن تجدها إلا في كتاب ربك... القرآن هو الروح وهو حياة القلوب والأرواح، لا حياة لقلوبنا إلا به، وعلى قدر ما نملأ قلوبنا به يكون نصيبنا من التقوى التي هي الهدف الأسمى من الصيام.

رزقني الله وإياكم حسن مصاحبة القرآن والحياة مع القرآن وبالقرآن، حتى نهتدي به ونكون من المتقين {ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}.

 

بقلم سمر الأرناؤوط

المصدر: islamiyyat.3abber.com

سمر الأرناؤوط

كاتبة إسلامية فاضلة لها كتابات قيمة في عدد من المواقع والمدونات

  • 6
  • 0
  • 12,132

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً