في ظلال رمضان - في ظلال رمضان.. (2) من (30)
والله تعالى لا يشرع ليشق على عباده ولا يقصد تعالى إعناتهم، بل إن الله ما يشرع لك إلا لمصلحتك، فإنه تعالى يشرع لك ليجمع لك الخير في الدارين ويحصل لك مصالحك.
(افتقار الخلق إلى تشريع ربهم كما هم مفتقرون إلى إطعامه إياهم وربوبيته لهم)
اعلم أن الله تعالى لا يشرع لك ليتكثر من قلة أو يغتني من فقر أو يتعزز من ذلة، حاشى لله..
والله تعالى لا يشرع ليشق على عباده ولا يقصد تعالى إعناتهم، بل إن الله ما يشرع لك إلا لمصلحتك، فإنه تعالى يشرع لك ليجمع لك الخير في الدارين ويحصل لك مصالحك..
والعبد فقير إلى الله تعالى، فقير إليه من جهة الربوبية، فيحتاج إلى ربه تعالى يطعمه ويسقيه وبغذوه ويشفيه ويعافيه..
وثمة فقر آخر، كهذا وأشد، الى الله تعالى من جهة ألوهيته، فالعبد مفتقر إلى الله تعالى، مفتقر إلى عبادته وطاعته والسعي والحفد اليه وطلبه وقصده وإيثاره ومحبته، فلا سرور للقلب ولا نعيم ولا صلاح ولا اطمئنان إلا بهذا القصد وهذه المحبة وهذا العمل.
وتحصيل العبد لمصالحه لا يستقل بها أبدا، فالعبد من حيث هو إنسان، محتاج إلى الله تعالى، إلى أن يشرع له ويبين له {يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم} ، ولهذا سمى تعالى ما أنزل نورا مبينا {قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا اليكم نورا مبينا}وقال {أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثَله في الظلمات ليس بخارج منها}.
ومن هنا شَرع تعالى الصيام لا لإعنات ولا لمشقة، بل لتحصل مصالحك، فالله أعلم بك منك، وأعلم بما يصلحك، وما تقترحه هو الذي يشق عليك بينما ما شرعه لك هو تحقيق لرحمته { و اعلموا أن فيكم رسول الله، لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم} يعني لو يطيعكم في اقتراحاتكم لكانت مشقة عليكم.
فشرعُ الله تعالى لكم هو الرحمة، ورأيكم لأنفسكم أحمق في مقابل ما شرع تعالى..
فمن هذا المأخذ شرع لك الصيام.. فبهذا المأخذ يتناول العبد تكليف الصيام ويتقبله ويتلقاه من ربه تعالى.
- التصنيف: