لقاء مع الدكتور عبد العزيز الرنتيسي رحمه الله - 5/01/2004

منذ 2004-04-18

شبكة الفرسان: الحمد لله والصلاة والسلام على امام المجاهدين وعلى آله وصحبه الكرام..إخوة الإسلام نقدم لكم من خلال هذا المنبر الثقافي الإسلامي حوارا خاصا مع المجاهد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي حفظه الله عضو قيادة حركة حماس الباسلة وهو غني عن التعريف..حوارنا معه حوارا متميزا من ناحية المضمون,حاورناه على انه ابن من ابناء فلسطين الحبيبه وعلى انه مثقف وصاحب موقع إلكتروني وكاتب مقالات رائعة وكذلك كعضو قيادي في حركة رائدة وطليعة من طلائع الأمة...وبهذه المناسبة نحيي كل قادة الجهاد والمجاهدين بغض النظر عن اسمائهم ومسمياتهم واينما كانوا وتعينوا..حوارنا مع الدكتور ليس حوار أهل الإعلام مع شخصية مهمة ولكننا حاورناه حوار الأبناء وهو والدنا ومعلمنا لأننا نحن القائمون على هذا الموقع لسنا من اهل الإعلام أو لسنا من أهل الصحافةو لكننا من المساهمين في نشر الثقافة والوعي الإسلامي...نشكر الوالد والأخ والحبيب الدكتور عبد العزيز الرنتيسي على سعة صدره وصراحته وصبره معنا...إننا ندعوا زوار الموقع للإطلاع على الحوار لكي يستفيدوا ويفيدوا فعلى بركة الله.


نبدأ بالجانب الشخصي والثقافي


س: نعرف أن مهنتك الأساسية هي طبيب أطفال, لماذا اخترت هذا التخصص؟

عندما أنهيت دراستي وعدت إلى قطاع غزة عام 1972 مع ثلة من الزملاء كتبنا رغباتنا في نماذج تم تقديمها لمديرية الصحة وكانت رغبتي التخصص في جراحة العيون ولقد دونت ذلك في كتاب طلب الوظيفة، ولكن قدر الله فاختير أحد الزملاء لجراحة العيون بينما وجدت أن اسمي قد أرسل إلى مستشفى الشفاء وهو مستشفى عام ولا يوجد فيه جراحة العيون بالطبع، وهناك تم تقديم طلب جديد لإبداء الرغبات، فكانت رغبتي إما جراحة عامة أو جراحة الأطفال، ففوجئت أنهم قد أرسلوا اسمي إلى قسم الأطفال ولم تلبى رغبتي للمرة الثانية، فانتابني شيء من الغضب لأنني شعرت بالظلم، وأدركت أن الأمور تجري وفق الأهواء والمحسوبية والواسطة فرضيت بما اختاره الله لي وأنا أشعر بالمرارة والألم وذهبت إلى قسم الأطفال، ولذا أستطيع القوا أن الاختيار تم بالإكراه وليس بناء على رغبتي الشخصية.


س: هل تستطيع التوفيق بين مهنتك كطبيب وبين اهتماماتك الأخرمثل الشؤون السياسية والجهادية والحركية وغيرها في هذا الوقت بالذات؟

لقد كنت أعمل في مهنة الطب حتى بداية الانتفاضة الأولى حيث بدأت رحلتي مع المعتقلات، فقد أمضيت في المعتقلات ما يزيد على عشر سنوات، وعندما خرجت منها وجدت أنه لم يعد هناك مجالا للعمل في مهنة الطب، فتفرغت للعمل الجهادي والسياسي في الوقت الذي كنت أمارس فيه عملي كمحاضر في الجامعة الإسلامية بغزة في كلية التمريض.


س: الشيخ أحمد ياسين حفظه الله, ماذا يمثل بالنسبة لك هذا الرجل؟

هو القدوة والقائد والأب والمعلم، فيه من الخصال ما لا يمكن أن ترى لها مثيلا في غيره، فهو القائد المقعد ولم يحدثنا التاريخ عن قائد لحركة جهادية بينما كان يعاني من شلل رباعي، وهو صاحب ذاكرة قوية تكاد لا تعرف النسيان، وقد أخبرني ذات مرة ونحن في زنزانة واحدة أنه لا يعرف كيف ينسى الناس، كما أنني أشهد أنه أصبر من عرفت ومن أراد أن يعرف معنى الصبر الجميل فعليه أن يصاحب هذا الرجل، فهو على ما أصابه من بلاء لا يشكو أبدا بثه وحزنه إلا لله سبحانه، وهو الرجل المبدع صاحب الحكمة حتى إذا ادلهم الخطب، وحزبنا أمر ما وجدنا الرأي السديد عند الشيخ أحمد ياسين، ومن عجيب خصاله أنه أنشط من عرفت، يعمل بطاقة عشرة من الرجال ولا يشعر بالملل ولا بالتعب، وهو الرجل القرآني، رجل يحمل القرآن في حنايا صدره وقد حفظه عن ظهر قلب في زنزانته في المعتقل بينما كنت رفيقه في زنزانته، لقد قلت في مقال خصصته له بأنه رجل بأمة أو أمة في رجل.


س: بتوفيق من الله تمكنت من إتمام حفظ القرآن الكريم (وهذه نعمة من الله)وأنت في المعتقل, كيف ترى نفسك بعد حفظه؟

أفضل نعم الله على الإنسان أن يمكنه الله من حفظ كتابه، فحفظة كتاب الله يرون فيه جديدا في كل تلاوة يتلونها، فهو يتجدد في قلوبهم بحلاوته ومعانيه وأسراره، قد تتذوق فيه شيئا جميلا في كل تلاوة جديدة لم تكن قد تذوقته من قبل، كما أن حفظ القرآن يقرب المسلم من ربه ويجعله يعيش الآخرة وكأنه يراها رأي العين، وهو سياج يحفظ صاحبه من الزلل إلى درجة عالية، كما أنه يبعث الهمة في صاحبه، فلا عجب أن ترى حفظة كتاب الله { أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ }


س: مسقط رأسك في قرية يبنا وهي بين عسقلان ويافا هل يمكنك أن تحدثنا عن هذه القرية وماذا تمثل بالنسبة لك هذه القرية؟

لقد أخرجت من قريتي يبنا وأنا ابن ستة أشهر، ولكن حبها ترعرع في قلبي كلما ترعرعت، فكم كنت أتوق إليها رغم أنني لم أرها بعين الإدراك حين أخرجت منها، ولقد زرتها عدة مرات بعيد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وذلك قبل الانتفاضة الأولى، وكنت في كل مرة أزورها أذهب إلى بيتي الذي ولدت فيه وهو بيت من طابقين يقع وسط أشجار البرتقال، تغتصبه أسرة يهودية قدمت من اليمن، إنه بيت جميل كان يسكنني ولا أسكنه، يقع في وسط القرية وعلي مقربة منه مدرسة البلدة والتي كان يؤمها التلاميذ من القرى المجاورة، وأيضا على مقربة من البيت يوجد مقام لأحد الصالحين يطلقون عليه في القرية مقام أبي هريرة، عندما زرت البيت فوجئت أن هناك لا تزال بعض أشجار البرتقال التي غرسها والذي بيده رحمه الله، يتخلل القرية الطريق العام القديم الذي يصل شمال فلسطين بجنوبها، بينما الطريق الجديد يمر ملامسا حدودها الغربية ولا تزال في القرية آثار البيوت المدمرة وكذلك المسجد وقد أصابه الدمار ولم يبق إلا بقية من مئذنته، وقريبا من المسجد تقع مقبرة القرية حيث يرقد فيها أجداث الأجداد، ومن جانبي لم أزل أرقب اليوم الذي أعود فيه إلى قريتي وبيتي، وأناعلى ثقة بأننا سنعود إليها ولكن لا أدري إن كنت سأكحل عيني برؤيتها وقد علا مئذنتها هتاف الله أكبر، أم أنها ستنهض عزيزة وقد احتوش الثرى جسدي.


س: وأنت في السنة السادسة الابتدائية اضطررت للعمل لتساهم في إعالة أسرتك الكبيرة, هل يمكنك أن تحدثنا عن هذه المرحلة من عمرك؟ وعن حياتك في مخيم خان يونس للاجئين (بإيجاز إن أمكن)؟

لم يكن هناك دخل للأسرة الكبيرة إلا ما نتلقاه من تموين من وكالة الغوث للاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة، مما اضطررت معه أنا وأخوتي أن نبحث عن عمل وإن كان يسيرا وكان العمل أحيانا لا يتناسب مع العمر والقدرة، فقد كنت أعمل في البيع أبيع فاكهة متواضعة تسمى "الجميز" لأعود في نهاية اليوم في معظم الأحيان بقرش واحد أو نصف القرش من ذلك، ثم عندما كبرت قليلا عملت في ري الشجر في البيارات، كما عملت في البناء أنقل الحجارة وغير ذلك، ثم عندما أصبحت في المرحلة الإعدادية كنت أذهب إلى مدينة "العريش" في سيناء لأحضر من هناك الصابون وبعض المواد الأخرى بكميات قليلة كانت تحقق قليلا ما الربح، وهناك مجالات عديدة أخرى عملت بها ولم تكن في مجملهاتتناسب مع حداثة سني.


س:ما هي المواد التي كنت تقوم بتدريسها في الجامعة الإسلامية بغزة؟ وكيف هي معاملتك مع الطلبة؟

لقد قمت في الجامعة الإسلامية بتدريس مادة الكيمياء الحيوية وكذلك مادة الإسعافات الأولية، والروح التي كانت تسود بيني وبين طلابي هي روح الأخوة، وكانوا يشعرون بهذه الروح ويتعاملون معي كصديق لهم، وكثيرا ما كنت أداعبهم، وكذلك أذكرهم بالله وبالدور المنوط بهم في هذه الحياة الدنيا خاصة أن الوطن محتل وأنهم يشكلون العمود الفقري للشعب الفلسطيني، كما يشكلون أمل الأمة وعدتها وهم في سن الشباب.


س: طيب..في الوقت الراهن كيف تتابع محاضراتك؟

بعد استهدافي بمحاولة الاغتيال الفاشلة لم يعد من السهل علي أن أتابع محاضراتي في الجامعة في ظل الإجراءات الأمنية المشددة التي نتخذها اليوم، وذلك عملا بقول الله عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ } ولذلك فقد توقفت عن مواصلة التدريس في الجامعة إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.


س: قضيت سنوات وشهور في معتقلات العدو الصهيوني والسلطة الوطنية ما هي إيجابيات وسلبيات هذه الفترة التي قضيتها في السجون؟ وهل أثرت على تفكيرك وأسلوبك في الحياة؟

ما من شك أن في الاعتقال الكثير من الإيجابيات، وعلي رأس هذه الإيجابيات أن الاعتقال يهيئ الإنسان لتحمل الأعباء الجسام في المستقبل، وهكذا تم إعداد سيدنا يوسف عليه السلام للمهمة الأكبر إذ قال الله سبحانه وتعالى بعد خروج سيدنا يوسف من المعتقل { وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ } ، والاعتقال مدرسة الصبر، كما أن المعتقل يجد وقتا كافيا للعلم والثقافة، وأيضا الاعتقال فرصة جيدة للتواصل مع الشباب، وعلي رأس الإيجابيات أنني تمكنت من حفظ كتاب الله عز وجل، وأما السلبيات فتنحصر في أن الإنسان في المعتقل يفقد القدرة على الحركة الواسعة التي تعود بالنفع على القضية والشعب والأهل، وإذا كان من أثر على تفكيري بعد الاعتقال فأستطيع القول أن تعلقي بالدنيا قد فتر كثيرا، فلا غرابة أن ترى معظم الشباب الذين استشهدوا كانوا قد أمضوا فترات من حياتهم في المعتقلات.



نأتي للجانب الإعلامي والأدبي أو الثقافي:


س: لديك موقع على شبكة الإنترنت, ما أهداف الموقع؟ وكم عدد زواره يوميا؟ حدثنا عنه وعن تواصلك مع الزوار.

أهم أهداف الموقع تتمثل في طرح الموقف الإسلامي من القضية الفلسطينية، ووضع المتابع للموقع أمام آخر المستجدات، ونقل أفضل ما يكتب عن القضية الفلسطينية من مقالات وأشعار للمتابعين للموقع، أيضا طرح الموقف الإسلامي من القضايا التي تهم الأمة العربية والإسلامية، وفضح أعداء الله وما يدبرون لهذه الأمة من كيد، أما عدد زواره فيزور الموقع قرابة الألف يوميا وأحيانا أكثر من هذا العدد بكثير، هناك صفحة لاستقبال رسائل الزوار وهؤلاء تنشر رسائلهم على الموقع، كما أن هناك عنوان بريدي استقبل من خلاله العديد من الرسائل التي أطالعها وأقوم بالرد عليها، وعادة أتلقى ردودا على الردود يعبر فيها أصحابها عن سعادتهم قائلين بأنهم لم يكونوا يتوقعون هذه السرعة في الرد، وأحيانا بسبب الظروف الأمنية الصعبة أتأخر في الرد على رسائل الزوار وعندما أتمكن من الرد عليهم أعتذر لهم لما حدث من تأخر في الرد.


س: هل أنت بنفسك تقوم بتحديث الموقع؟

في معظم الأحيان نعم أقوم بنفسي بتحديث الموقع، ولكن في الظروف الأمنية الصعبة يقوم بعض الشباب بهذا الأمر.


س: نريد أن نعرف وجهة نظرك في كيف يمكن لأبناء أمتنا الإسلامية الاستفادة من شبكة الإنترنت؟

الواقع أن شبكة الإنترنت هي عبارة عن باب معرفي واسع ييسر وصول المعلومة إلى القراء، كما أن الإنترنت بشكل فرصة أمام الشباب للوصول إلى المعلومات الصحيحة عبر المواقع الموثوقة وما أكثرها، كما أن الإنترنت يشكل فرصة طيبة للتواصل بين أبناء الأمة الواحدة والعقيدة الواحدة وتبادل الأفكار والمعلومات، كما أن هناك مواقع عديدة غنية بالمعلومات الدينية التي تشبع حاجات الشباب المسلم المتعطش لهذه المعلومات وهو يعود عودا حميدا إلى عقيدته وأصوله وهويته.


س: هناك من يقول أن شبكة الإنترنت هي بمثابة الإعلام البديل في المستقبل القريب، ما تعليقك؟

هذا الأمر متوقع خاصة أن نسبة عالية من أبناء الأمة لا يجدون اليوم حاجتهم عبر الوسائل الإعلامية الأخرى التي أغلقت أبوابها في وجه الإسلاميين، ولكن شبكة الإنترنت تفتح الباب واسعا أمام المحرومين من المسلمين أن يجدوا متنفسا لألمهم فيها، ففي الوقت الذي يجد الشباب موقعا على شبكة الإنترنت لحركة حماس وكتائب القسام فلن يجدوا لهما محطة بث تلفزيوني لأن الباب موصد في وجه الحركة.


س: أنت كاتب مقالات متميز ولله الحمد مقالاتك منشورة في عدة مواقع وصحف, هل يمكننا أن نعرف ما هي الأجواء الملائمة لك لكتابة المقالات؟ وخاصة أن مقالاتك مواكبة للأحداث.

أفضل الأجواء للكتابة الوحدة والهدوء، وأفضل المحفزات الأحداث التي تبعث في النفس السرور أحيانا وأحيانا أخرى تبعث الألم خاصة تلك التي تمس القضية الفلسطينية وقضايا أمتنا العربية، ومن هنا فإن المقالات عادة تأتي مواكبة للأحداث.


نأتي للجانب السياسي والحركي:


س: الإخوان المسلمون هي التي انبثقت منها حركة المقاومة الإسلامية حماس عام 1987..وفي الحقيقة نعاني من التباس هل ممكن أن توضح لنا ما هي العلاقة بين الحركة وبين جماعة الإخوان؟ حدثنا عن فكر ومنهج الحركة مقارنة بالإخوان المسلمون.

حركة المقاومة الإسلامية حماس هي حركة الإخوان المسلمين في فلسطين، في عام1987 عندما قررت قيادة الإخوان المسلمين وكنت أحد عناصر القيادة أن نشعل الانتفاضة في فلسطين اخترنا اسما للحركة الميدانية التي تمثل فعاليات الانتفاضة في الشارع الفلسطيني التي تقوم بها حركة الإخوان المسلمين فوقع اختيارنا لهذا العنوان "حركة المقاومة الإسلامية"، فأعضاء حركة المقاومة الإسلامية حماس عندما يعطون البيعة يعطونها لحركة الإخوان المسلمين.


س: متى يكون الإرهاب محمودا ؟ ومتى يكون مذموما؟

الإرهاب كمصطلح متعارف عليه الآن في العالم أصبح أمرا مذموما، لأنه لم يعد اسم المصدر للفعل أرهب، ولو أنه بقي في هذا الإطار لأصبح محمودا إذا كان إرهابا للمعتدين والطغاة والظلمة، كما جاء في كتاب الله سبحانه { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } ، ولأصبح مذموما إذا كان إرهابا للشعوب الآمنة المطمئنة وعدوانا عليها، وإرهابا للمستضعفين في الأرض، فإن ما يقوم به العدو الصهيوني من احتلال وعدوان على الشعب الفلسطيني هو الإرهاب بعينه وفق المصطلح الدولي، وما يقوم به الشعب الفلسطيني من إرهاب للمحتلين هي المقاومة المشروعة للاحتلال وفق كتاب الله، فإن أطلقوا على هذه المقاومة الفلسطينية مصطلح الإرهاب فهو عندئذ إرهاب محمود كما يقول الشاعر

لا عدل إلا إن تعادلت القوى وتصادم الإرهاب بالإرهاب

ولفظ الإرهاب في هذا البيت المعبر عن المقاومة يأتي من باب المشاكلة اللفظية.


س:كيف تؤثر عليكم الحرب الإعلامية عندما يصفون الأبطال الأشاوس بالإرهاب؟ وكيف تحاربون هذه الحرب الإعلامية ضد جهادكم المقدس؟

لم يعد لهذا المصطلح أية قيمة لأنه لا يعكس الصورة الحقيقية للإرهاب المقصود من هذا المصطلح، ولذا لم يعد له أي تأثير على الشعوب حتى الشعوب الغربية لأن الشعوب العربية والإسلامية تدرك حقيقة العداء الصليبي والصهيوني لأمة العربية والإسلامية، وبالتالي لا تحترم هذه المصطلحات ولا تحترم من يقف وراءها، فكما تعلمون فإن استطلاعات الرأي في أوربا قد أثبتت أن الشعوب الأوربية تدرك تماما طبيعة هذا العدو الصهيوني عندما أكدت الأغلبية أن هذا الكيان الصهيوني يشكل الخطر الأكبر على الأمن في الكرة الأرضية.


س: ألا ترى أن هناك خلط وتناقض بين ما تريده الحكومة الفلسطينية عبر إعطاء التنازلات للعصابة الصهيونية العنصرية وبين مطالب حركات الجهاد والمقاومة الفلسطينية الباسلة؟

التناقض كبير بين الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني التي تتبناها وتتمسك بها حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين وبين ما تمارسه السلطة الفلسطينية من انحدار سياسي خطير أدى إلى التنازل عن معظم الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، بل إن هناك تناقضا بين الأسس والقواعد والثوابت التي قامت عليها منظمة التحرير الفلسطينية عندما أنشئت، والمواقف المتردية الانهزامية التي تتبناها منظمة التحرير الفلسطينية اليوم ممثلة في السلطة.


س: ما هي النقاط الرئيسية التي يتمسك بها الفلسطينيون شعبا وحكومة وحركات مقاومة في صالح القضية الفلسطينية؟

عدم التنازل عن شبر من فلسطين من البحر إلى النهر وإن كنا لا نستطيع أن نحررها اليوم، عدم التنازل عن حق العودة والتعويض للفلسطينيين الذين أخرجوا من ديارهم، عدم التنازل عن المقدسات، قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة دون التنازل بالمقابل عن باقي الوطن هذه النقاط التي تتمسك بها الحركة الإسلامية في فلسطين، وهذه تمثل الغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني، ولكن النقاط التي تتمسك بها السلطة غير واضحة لأن السلطة تغير مواقفها باستمرار لتتأقلم مع ما يريده العدو الصهيوني، وكلنا سمعنا بوثيقة جنيف التي أجهزت على ما تبقى من حقوق وطنية.


س: قتل المدني الإسرائيلي بل والجندي الإسرائيلي عملية إرهابية ممنوعة لا تسكت عنها العصابة الصهيونية وتقوم حكومة فلسطين أحيانا باستنكارها وإدانتها, فمن للضحايا الفلسطينيين من أطفال ونساء وشيوخ, وبعبارة أخرى كيف يتعامل الإعلام العربي مع القتيل المدني للصهاينة والشهيد المدني للعربي الفلسطيني؟

إذا كانت كلمة مدني تعبر عمن لا يحمل السلاح فهناك مدنيون صهاينة لا ننكر ذلك، ولكن الذي ننكره أنهم مدنيون أبرياء، لا لشيء إلا لأنهم شركاء في احتلال الوطن وطرد الشعب الفلسطيني من أرضه وإقامتهم فيها بالقوة دون إذن من أهلها، وأنه لا يمكن إخراجهم من فلسطين وإعادة أهلها إليها إلا بقتالهم وطردهم منها بالقوة، فإدانة العمليات التي تستهدف المحتلين في واقع الأمر تعبر عن ضعف من أطلق الإدانة ولا تعبر عن حقيقته، وإنه لمن المؤسف أن يتعامل الإعلام العربي مع قتلى المحتلين على أنهم مدنيون وفي نفس الوقت لا يسلط الضوء بقوة على جرائم الاحتلال التي تستهدف الأطفال والنساء والشيوخ والشباب من أبناء فلسطين وتدمر الحياة الفلسطينية بتدمير الحجر والشجر.


س: ما هي نظرة حماس الباسلة فيما يجري من محاولات لإجراء السلام عبر خارطة الطريق؟

خارطة الطريق لا يمكن أن تقود إلى سلام، فأول بنود هذه الخارطة البنود المتعلقة بضرب المقاومة الفلسطينية وتصفيتها لصالح الاحتلال، أو قل إشعال حرب أهلية داخل الشارع الفلسطيني، وأنا أعتقد أن الحرب الأهلية الفلسطينية هي الهدف الأول والأخير من وراء خارطة الطريق، ومن ظن غير ذلك أو من اعتقد أن هناك أهدافا سلمية من وراء هذه الخارطة فهو غارق في الوهم، فهي غير قابلة للتطبيق وإن قدر لها أن تطبق فستقتصر على تدمير الشعب الفلسطيني وانتفاضته الباسلة. فطريق السلام معروفة لمن أراد أن يسلكه ويتمثل في إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، ووضع حد لمأساته التي بدأت عام 1948 ولا زالت مستمرة إلى يومنا هذا.


س: على الرغم من الدور الخطير الذي يلعبه الجواسيس خاصة الذي يعملون ضمن مواقع قيادية في الشعب الفلسطيني إلا أننا نلاحظ أن حركة حماس تكف يديها عنهم فكيف يمكنكم تفسير هذا الموقف لأصدقائكم وأعدائكم؟

كما تعلم لدينا في فلسطين حكومة قائمة، ومتابعة الجواسيس وملاحقتهم ينبغي أن تكون من أولى واجبات هذه الحكومة، فإذا قامت حركة حماس بهذا الدور ستعتبر الحكومة الفلسطينية أن حماس تطرح نفسها بديلا عن هذه الحكومة، أو أن حماس تعمل على تشكيل حكومة موازية، أو أن حماس تأخذ القانون بيدها، وكل ذلك من شأنه أن يؤدي إلى توتر في الشارع الفلسطيني، وقد يتخذ ذريعة للقيام بالدور الذي تريده أمريكا ويريده العدو الصهيوني من السلطة الفلسطينية والمتمثل بضرب الحركة الإسلامية، من هنا تقتصر حركة حماس في هذه المرحلة على رصدهم ومتابعتهم.


س: كيف تفسرون مطالبة العصابة الصهيونية بأن ينخرط العرب الفلسطينيين الذين يعيشون داخل ما يسمى بإسرائيل في الخدمة العسكرية كتعبير عن انتمائهم لدولة إسرائيل الهشة والمزعومة؟

هذه المطالبة هي مقدمة لممارسة التضييق على الفلسطينيين الذين حافظوا على هويتهم وانتمائهم ومقدمة لخلق الذرائع من أجل حرمانهم مما تبقى من حقوقهم المدنية، والصهاينة يدركون انتماء أهلنا في فلسطين المحتلة منذ عام 1948، ولكنهم لا يريدون احترام هذا الانتماء في الوقت الذي يجيزون فيه لأنفسهم الدفاع عن اليهود في جميع أرجاء المعمورة، وما تبنيهم لليهود الإيرانيين الذين اتهموا بالتجسس ضد دولتهم إيران عنا ببعيد.


س: ما هي الأمور التي ترى أن الشعب الفلسطيني في أمس الحاجة إليها في هذا الوقت الراهن؟

الشعب الفلسطيني الآن في أمس الحاجة أن يرى دعما حقيقيا وبكل الوسائل من قبل الشعوب العربية والإسلامية، لأن الشعب الفلسطيني اليوم يقف في الخندق المتقدم دفاعا عن كرامة الأمة ومن حقه على هذه الأمة أن تشكل رافعة لجهاده حتى يواصل صموده في وجه هذا العدوان الصهيوني الغاشم الذي لا يوجد له مثيل في التاريخ سواء في شدة بطشه أو في لاأخلاقيته .


س: ما هي طلباتكم للمواقع العربية والإسلامية عبر شبكة الإنترنت لتخدم قضية المسلمين الكبرى قضية فلسطين الجريحة؟

نطالبهم بإبراز جرائم العدو الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني أمام العالم، وأن يقوموا بتحريض الأمة للقيام بدورها في مواجهة هذا العدوان ومساندة جهاد شعب فلسطين، وأن يسلطوا الأضواء على عدالة القضية الفلسطينية، وعلي تاريخ فلسطين، وجذور المأساة الفلسطينية.


س: ما هو موقف حركة المقاومة الإسلامية حماس من الحرب الصليبية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ضد المسلمين في شتى أنحاء العالم وما هو دور الحركة في صد هذا العدوان؟

الواقع أن هذه الحرب المجنونة التي يقودها الغرب الحاقد هي حرب موجهة أولا وأخيرا ضد الإسلام فكرا وحضارة وعقيدة وقيما، وحركة المقاومة الإسلامية حماس هي في المقام الأول حركة إسلامية ومن هنا فإنها تهتم بقضايا المسلمين في كل مكان، فما يجري من العدوان الأمريكي على أهلنا في العراق تتأثر له كثيرا حركة حماس، كما أن المقاومة الإسلامية الباسلة في العراق لها تأثيرها الإيجابي على القضية الفلسطينية وعلي حركة المقاومة الإسلامية.


س: لماذا عارضتم الهجوم على المستوطنين الصليبيين في مجمع المحيا بأرض الجزيرة العربية، وأدنتم اغتيال محمد باقر الحكيم على الرغم من موقف حماس المعلن بعدم التدخل في شئون الدول الأخرى؟

هذا ليس من باب التدخل في شؤون الدول الأخرى، ولكننا نقول كلمتنا التي نؤمن أنها تصب في مصلحة المسلمين، الذين قتلوا في مجمع المحيا هم من المسلمين، ولقد اعتقد العديد من المحللين والمراقبين في حينه أن هناك أياد خفية تقف وراء هذه العملية، أما بالنسبة لاغتيال باقر الحكيم فلا ندري من يقف من وراء هذه العملية، ونشك أن تكون المقاومة العراقية، وأخشى ما نخشاه أن تضرب مثل هذه العمليات وحدة الشارع العراقي، ولن يكون ذلك في مصلحة المقاومة العراقية.


س: هل من كلمة توجهها إلى شباب الأمة الإسلامية ؟

إن أمر الأمة اليوم يشهد حالة من التراجع لا أكون مبالغا إن قلت أنها من أسوأ المراحل التي مرت بها الأمة، فقد فقدت الأمة استقلاليتها بعد أن فقدت هويتها الإسلامية، ولقد تكالبت عليها الأمم لتسلبها ماضيها وحاضرها ومستقبلها، وجاء دور الشباب المسلم لإنقاذ الأمة وانتشالها من الحضيض الذي وصلت إليه، فالشباب هم عماد الأمة، إذا استقاموا استقامت، وإذا نهضوا نهضت، بهم تنتصر، وبهم يعلوا شأنها بين الأمم، فلا يصلح حال الأمة إلا إذا صلح حال شبابها، ولن يصلح حال شبابها إلا بالإسلام، فاتقوا الله يا شباب الإسلام في أمتكم، وتمسكوا بعقيدتكم، واذكروا قول الله عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } ، واعلموا أن الإسلام سينتصر لا محالة، فإن لم ينتصر بكم فسينتصر بغيركم، واعلموا أن الجهاد في سبيل الله هو سنام الإسلام، فعليكم بالجهاد لتحرروا أرضكم ومقدساتكم وتوفروا الأمن لأبناء المسلمين، وتحفظوا دماءهم، ولتعيدوا للأمة مجدها.

س: هل من كلمة توجهها إلى أسرة موقع شبكة الفرسان الإسلامية؟ وهل لديك ملاحظات ونصائح واقتراحات للموقع ؟

إننا في معركة طاحنة مع أعداء الإسلام من الصهاينة والصليبيين ولقد جند العدو لكسب المعركة كل أدواته وعلى رأسها الإعلام وعلينا أن نجد له في هذه المعركة كل ما نملك من قوة، فأنتم إذن على ثغر من ثغور الإسلام فلا يؤتين من قبلكم، إننا فخورون بكم وبما تبذلون من جهد، وأمتكم فخورة بكم، أسأل الله أن يوفقكم لكل خير وأن يبارك خطواتكم وأن يجري خير هذه الأمة على أيديكم.


س: مع أن الحديث معك له حلاوة واستفادة هل هناك سؤال لم نسأله؟

. لقد شملت أسئلتكم كل ما يمكن أن يتبادر إلى الذهن فبارك الله فيكم


للإطلاع على موقع الرنتيسي وسيرته:

www.rantisi.net
المصدر: شبكة الفرسان
  • 6
  • 0
  • 19,496

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً