نِعمَ المُصَلَّى " 22 " محور الصراع بين الحق والباطل

منذ 2017-11-27

وبحسب استقراء التاريخ ومجريات الأحداث تعتبر مدينة القدس في الأرض المباركة فلسطين، هي لب ومحور وعنوان وأصل الصراع بين الحق والباطل

الحمد لله والصلاة والسلام على عبده ومصطفاه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:

فهذه سلسلة حلقات مختصرة للتعريف بمكانة " المسجد الأقصى" من خلال القرآن والسنة الصحيحة، وارتباطه العقدي الإيماني التاريخي، بالوحي ورسالة التوحيد ودعوة الأنبياء، وإحياء تلك الحقائق في نفوس المسلمين، سميتها " نِعمَ المُصَلَّى " أسوة بحبيبنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم، الذي أطلق عليه هذه التسمية الجميلة.

الحلقات ستكون بطرح سؤال في كل حلقة، ثم نجيب عليه لتكون أرسخ وأثبت وأحفظ وأوعى، من حيث المعلومة والفهم وديمومة الأُثر.

س22/ ما هي نقطة ارتكاز الصراع في العالم؟

هنالك نقطة ارتكاز محورية يدور حولها الصراع بين الحق والباطل، هي محل جذب ومحط نظر جميع القوى، منذ أن أوجد الله الخليقة، وبحسب استقراء التاريخ ومجريات الأحداث تعتبر مدينة القدس في الأرض المباركة فلسطين، هي لب ومحور وعنوان وأصل الصراع بين الحق والباطل.

من خلال استقراء التاريخ يتبين أن المسجد الأقصى، يكون تحت حكم وسيطرة القوة العظمى في العالم، أيا كانت بحق أو باطل! والعكس تماما، فالقوة والدولة التي تسيطر عليه كتحصيل حاصل تكون هي العظمى والمسيطرة على المجريات والركائز الأساسية في العالم، وعليه فأمة الإسلام إذا ما أرادت استرجاع المقدسات ينبغي أن تكون رقما صعبا وأمة قوية بدينها وعقيدتها وسيادتها ومكانتها.

لو أخذنا لمحة تاريخية وتوقفنا بعجالة عند بعض المحطات المهمة والمفصلية، سنجد أن لتلك البقعة مكانة تاريخية عريقة بالإضافة لمكانتها الدينية، فهي من أقدم المدن عبر التاريخ، وأكثرها عرضة للغارات والتخريب والهدم والحرق، إذ تعرضت لأكثر من ثماني عشرة مرة للهدم الكامل ثم يعاد بنائها.

هذه المدينة أول من سكنها اليبوسيون، من العرب الكنعانيين الذين انحدروا من شبه الجزيرة العربية، لذلك من أقدم أسمائها "يبوس" نسبة لهم، وذكر المؤرخون أن بني إسرائيل نزحو في العام 1189ق.م. من مدينة أريحا إلى بيت المقدس وما جعلوا مدينة يمرون بها إلا أهلكوها وأحرقوها ثم استولوا عليها.

بعد مدة من الزمان توالت الحملات العدائية والإحلالية في تلك المدينة، حتى شملت الفرس والملك الآشوري سنحاريب، ثم بعد أن استولى عليها اليهود وأفسدوا فيها، وجعل الله تبارك وتعالى علامة ذهابهم ونهاية دولتهم العلو والإفساد، فسلط الله عليهم الملك البابلي نبوخذنصر فسباهم وقتل منهم عددا كبيرا، عام 586ق.م ودمر بيت المقدس.

بعد خمسين سنة أعادهم الملك الفارسي قورش إلى بيت المقدس، وعاشوا قرابة عقدين من الزمان تحت السيطرة الفارسية، وفي عام 79 م يذكر المؤرخون أن مدينة القدس شهدت أحداث دامية، فقد حاصرها السفاك الروماني تيطس، حتى هلك الآلاف من سكانها جوعا، واستمر القتل لمدة أشهر حتى قدر عدد القتلى بنصف مليون نسمة.

وهكذا يستمر الصراع بين القوى العظمى والامبراطوريات في العالم، على ثرى تلك الأرض حتى انتشرت فيها النصرانية بعد أن ترك الامبراطور قسطنطين الوثنية واعتنق النصرانية في القرن الرابع الميلادي، بقيت هكذا حتى فتحها عمر رضي الله عنه سنة 15 هـ "637م "، لأول مرة يرحب أهلها بالفاتح، ولم ترق قطرة دم واحدة، بشهادة المؤرخين من الأعداء!

وهكذا عاش النصارى بأمان وسلام في ظل دولة الإسلام، حتى ضعفت واستباحها الصليبيون واحتلوها سنة 492هـ، وقتلوا خلقا كثيرا من العلماء والزهاد والعباد والنساء والأطفال فاق السبعين ألفا، وبقيت هكذا حتى حررها صلاح الدين سنة 583هـ، إلا أن سلوكه يختلف عن سلوكهم!

بقيت فلسطين هكذا بيد المسلمين إلى قيام الحرب العالمية الأولى، لتحتلها بريطانيا عام 1919م فوجد اليهود فرصة مناسبة حتى أقاموا دولتهم سنة 1948م على معظم أراضي فلسطين، واستكملوا احتلال القدس سنة 1967م.

وهكذا يبقى الصراع بين الحق والباطل، بين القوى الكبرى يدور حول المسجد الأٌقصى في بيت المقدس وفلسطين، حتى آخر الزمان وظهور الدجال - الذي هو أعظم فتنة على وجه الأرض منذ خلق آدم -، وخروجه من المشرق من خراسان مارا بأصفهان داخلا الجزيرة بين الشام والعراق، قاصدا المدينة ومعه سبعون ألفا من يهود أصفهان.

ينزل عيسى عليه السلام – مسيح الحق- فيدرك المسيح الدجال – مسيح الضلال – فيُدْرِكُه عند بابِ لُدٍّ الشرقيِّ، فيقتلُه، فيَهْزِمُ اللهُ اليهودَ، فلا يَبْقَى شيءٌ مِمَّا خلق اللهُ عَزَّ وجَلَّ يَتَواقَى به يهوديٌّ، إلا أَنْطَقَ اللهُ ذلك الشيءَ، لا حَجَرٌ ولا شجرٌ ولا حائطٌ ولا دابةٌ، إلا الغَرْقَدَةُ، فإنها من شَجَرِهِم لا تَنْطِقُ، إلا قال: يا عبدَ اللهِ المسلمَ هذا يهوديٌّ فتَعَالَ اقتُلْه.

يقول عليه الصلاة والسلام: «لا تَزالُ طائفةٌ من أمَّتي يقاتِلونَ على الحقِّ ظاهِرينَ علَى من ناوَأَهُم حتَّى يُقاتلَ آخرُهُمُ المسيحَ الدَّجَّالَ» .

بعد ذلك يخرج يأجوج ومأجوج ويصلون إلى فلسطين، وعيسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين منحازين إلى الجبل، فيدعو عيسى عليه السلام ربه أن يخلصهم من شرهم، فيبعث الله عليهم دودا يسمى النغف فيُصرعون جميعا موتة رجل واحد.

ثم يتوسل عيسى عليه السلام الى الله تبارك وتعالى، ويدعوه أن يخلصهم من هذه الجثث المنتنة، فيرسل الله تعالى عليهم مطرا شديدا يحملهم إلى البحار ويخلص الناس منهم.

ثم يمكث عيسى عليه السلام في الأرض سنين تخرج الأرض بركتها وتعم الألفة والمحبة والمودة والاخوة والناس أجمعين، حتى لا يبقى بين اثنين خصومة ولا شحناء ولا عداوة ولا بغضاء، ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام «طوبى لعيش مع عيسى ابن مريم» .

وهذا فيه إشارة إلى أن الصراع بين الحق والباطل، تطوى صفحته وينتهي على وجه الأرض في فلسطين.

أيمن الشعبان

داعية إسلامي، ومدير جمعية بيت المقدس، وخطيب واعظ في إدارة الأوقاف السنية بمملكة البحرين.

  • 3
  • 1
  • 7,415

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً