أسامة بن لادن.. جدلٌ في الحياة وبعد الممات !

منذ 2011-05-05

لقد ظل "جيرونيمو"-وفق تسمية المخابرات الأمريكية-، أو "أمير المجاهدين" -على حد وصف "قلب الدين حكمتيار"- شخصية مثيرة للجدل طيلة حياته، ولم يستطع حتى الموت وضع حد لهذه الإثارة.. رحمه الله وغفر له.


ما مدى تأثير اغتيال ابن لادن، على العلاقات الأمريكية الباكستانية، والحرب الأفغانية، والعلاقات بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونجرس، والسباق الرئاسي الأمريكي، وشعبية أوباما؟ وما هي التسريبات التي ستقدمها الحكومة الأمريكية لتأكيد مقتل ابن لادن؟ تساؤلات طرحتها محطة (ام اس ان بي سي) التلفزيونية الإخبارية الأمريكية، على عدد من المحللين السياسيين، هم: "تشاك تود"، و"مارك موراي"، و"دومينيكو مونتانارو"، و"علي وينبيرج"، الذين اتفقوا على أن الأيام المقبلة قد تشهد جلسات استماع في الكونجرس لكشف ملابسات تواجد ابن لادن طيلة الفترة الماضية داخل أحد المنازل الفخمة بالقرب من أحد المقرات الحكومية الباكستانية.

وقد دفع هذا التشكك الرئيس الباكستاني علي آصف زرداري إلى إنكار تورط حكومته في إيواء ابن لادن، وهيأ مناخًا خصبًا في باكستان لنظريات المؤامرة التي رصدتها صحيفة "إيكونوميك تايمز" الهندية، التي وصلت لدرجة التشكيك في صدق الخبر من الأساس.

وفي هذا السياق أعد موقع هيئة الإذاعة البريطانية تقريرًا مطولًا حول "طريقة حياة ابن لادن داخل المجمع الفسيح بصحبة عدد من زوجاته وأولاده ومساعديه، والسرية التي أحيط بها خلال الفترة الماضية، والعزلة التي فرضت على ساكنيه".


وفيما يتعلق بحرب أفغانستان، رجح محللو المحطة الأمريكية ألا تشهد الساحة الأفغانية هدوءًا قريبًا، رغم التخلص من زعيم تنظيم القاعدة، مستشهدين بتصريحات جون بوينر، رئيس مجلس النواب الأمريكي، التي رأى فيها أن استمرار التواجد الأمريكي في أفغانستان ربما يكون أكثر أهمية في الفترة المقبلة.

لكن مجلة "ذي أتلانتيك" الأمريكية خالفت هذا التحليل حين قالت: إن اغتيال ابن لادن سيعيد صياغة الحرب الأمريكية الجارية في أفغانستان ضد القاعدة وغيرها من الجماعات المسلحة، وقد يكون له تأثير أكبر على الدعم الشعبي للحرب ذاتها، حيث إن غالبية الأمريكيين يعتبرون الخلاص من ابن لادن دليلًا على إتمام المهمة الأمريكية في أفغانستان، ومن ثم ينبغي إخماد نيران هذا الصراع المشتعل منذ سنوات.

وحول العلاقات بين الإخوة الأعداء داخل الكونجرس، توقف محللو (ام اس ان بي سي) أمام تصريحات الرئيس أوباما أمس خلال حفل عشاء مشترك: "يحدوني أمل كبير في أن نتمكن من تسخير بعض من تلك الوحدة، وبعض من ذلك الفخر؛ لمواجهة العديد من التحديات التي ما زلنا نواجهها"، الأمر الذي قد يفتح آفاقًا جديدة في التعامل بين الجمهوريين والديمقراطيين داخل الكونجرس.

ولأن الهزيمة يتيمة، والنصر له ألف أب، ادعى الجمهوريون أن الفضل في اقتناص ابن لادن يعود إلى الأساليب الاستخباراتية التي وضع بوش قواعدها منذ ست سنوات!

وذكر المحللون أن بحوزة الإدارة الأمريكية مجموعة من الصور والتسجيلات التي توثق عملية قتل ودفن ابن لادن، ومن المرجح أن يتم نشر بعضها قريبًا لمواجهة نظريات المؤامرة التي تنشر عالميًّا أسرع من الصوت، ربما بموازاة زيارة أوباما يوم الخميس المقبل للموقع صفر. لكن جدالًا كبيرًا لا يزال يحيط بهذا القرار، دفع جون باكون، لتسليط الضوء عليه في تقرير نشرته صحيفة يو اس ايه الأمريكية.


أما مجلة تايم الأمريكية فسلطت الضوء على "جارى ويدلى"، البالغ من العمر 46 عامًا، الذي قرر بعد هجمات 11 سبتمبر عدم حلاقة لحيته حتى يتم القبض على ابن لادن أو قتله، وكان يتوقع أن يستغرق الأمر أسبوعًا أو شهرًا، وليس سنوات طوالًا. فيما تحدثت أسبوعية بزنس ويك عن تراجع أسعار خام برنت، وهبوط المعادن النفيسة، وارتفاع سعر الدولار، مع انتشار نبأ مقتل زعيم تنظيم القاعدة. فيما قال محللون في "كومرتس بنك": إن "علاوة المخاطر قد ترتفع من جديد إذا أعقبت ذلك أعمال انتقامية.. ومادامت الاضطرابات مستمرة في دول عربية لن يهبط سعر النفط هبوطًا كبيرًا بأي حال من الأحوال".

وتحدثت كاثرين ويستكوت بي بي سي نيوز عن سبب اختيار اسم "جيرونيمو"- (أي "المتثائب" بلغة شيراكاهوا)- ليكون الاسم الحركي لـ ابن لادن في غرفة العمليات الأمريكية، وما لذلك من ارتباط بالعداء ضد القائد البارز من السكان الأصليين لأمريكا من قبيلة شيراكاهوا أباتشي، الذي حارب ولفترة طويلة ضد توطن المستوطنين من أصول أوروبية في أراضي القبائل الهندية قبل أن يستسلم ويتم نقله إلى فورت سيل بأوكلاهوما عام 1894 ليعيش هناك بقية حياته.


وقد كان قال أحمد موفق زيدان مراسل الجزيرة في باكستان، موفقًا حين لخص حياة ابن لادن في كلمات قال فيها: "لم تثر شخصية عالمية في أواخر القرن العشرين ومطلع القرن الحالي جدلًا وإثارة بمثل ما أثارته شخصية أسامة بن لادن؛ فإن كان كارلوس قد ملأ الدنيا وشغل الناس في عصره وعُدّ حينها بأنه (إرهابي من نوع فريد)، إلا أن أسامة بن لادن نكهة أخرى؛ إذ يعيش ويقوم بنشاطاته التي تعد إرهابًا في نظر خصومه، ومقاومة في نظر المعجبين به، في زمن عالم القطب الواحد. وسيظل أسامة بن لادن لغزًا للكثيرين، يحوطه الغموض لا بسبب شخصيته؛ إذ إن كل من قابله يجزم ببساطته ودفئه مع محدثه، ولكن لطبيعة تحركاته والأساليب التمويهية التي استطاع من خلالها التعمية على وجوده، رغم التنسيق الهائل بين أنظمة مخابرات دولية لديها إمكانيات مالية وبشرية هائلة وضخمة".


لقد ظل "جيرونيمو"-وفق تسمية المخابرات الأمريكية-، أو "أمير المجاهدين" -على حد وصف "قلب الدين حكمتيار"- شخصية مثيرة للجدل طيلة حياته، ولم يستطع حتى الموت وضع حد لهذه الإثارة..

رحمه الله وغفر له.


الثلاثاء 29 جمادى الأولى 1432 هـ الموافق 03 مايو 2011 م
 

المصدر: علاء البشبيشي - موقع الإسلام اليوم
  • 0
  • 0
  • 3,990

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً