نعم المصلى (26) مصطلحات خاطئة
لما كان المسجد الأقصى من المقدسات، وارتباطنا فيه ارتباطا شرعيا عقديا، لابد أن تنضبط المصطلحات والمسميات المتعلقة به وتوزن بميزان الشرع.
الحمد لله والصلاة والسلام على عبده ومصطفاه، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:
فهذه سلسلة حلقات مختصرة للتعريف بمكانة "المسجد الأقصى" من خلال القرآن والسنة الصحيحة، وارتباطه العقدي الإيماني التاريخي، بالوحي ورسالة التوحيد ودعوة الأنبياء، وإحياء تلك الحقائق في نفوس المسلمين، سميتها " نِعمَ المُصَلَّى " أسوة بحبيبنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم، الذي أطلق عليه هذه التسمية الجميلة.
الحلقات ستكون بطرح سؤال في كل حلقة، ثم نجيب عليه لتكون أرسخ وأثبت وأحفظ وأوعى، من حيث المعلومة والفهم وديمومة الأُثر.
س26/ ما أهمية صراع المصطلحات في المسجد الأقصى؟
لما كان المسجد الأقصى من المقدسات، وارتباطنا فيه ارتباطا شرعيا عقديا، لابد أن تنضبط المصطلحات والمسميات المتعلقة به وتوزن بميزان الشرع، لما لذلك من أبعاد وآثار مهمة سلبا وإيجابا.
حثنا الله سبحانه على انتقاء واختيار الطيب من الكلام وأحسنه، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}، وحذرنا من أن نستقي الألفاظ من غير كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، لأن اليهود اتصفوا بالتحريف والتغيير ونهى الله المؤمنين موافقتهم واتباعهم على ذلك، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[1]، {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}[2].
هنالك حرب معلنة حقيقية مؤثرة، تبدأ من الكلمة والمصطلح واللفظ والعبارة، لتتحول إلى معنى جديد وواقع مفروض، ثم فكرة ثم تصبح من المسلمات التي يصعب تغييرها!، كما أن خطة تغيير وتبديل المصطلحات هي خطة إبليسية قديمة تلقفها أولياؤه من الإنس ليحاربوا أولياء الرحمن، {قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى}[3].
من أعظم التحديات التي تواجه الأمة في صراعنا مع اليهود، تغيير المفاهيم وضعف التصورات الناتج عن طمس واستبدال العديد من المسميات والمصطلحات وجعلها واقع حال دون تأمل وتمحيص وتحليل وتفسير وتوقف معها.
المصطلحات ليست مجرد كلام بل لها معاني ومفاهيم تؤثر على الافكار وتعطي واقعا جديدا!، وهي قضية محورية الكل يحاول توظيفها واستثمارها في ادارة دفة الصراع، والاهتمام بالمصطلحات هو اهتمام بالهوية، فكيف لو كانت هويتنا شرعية وعقدية في تلك الأرض هذا يقودنا لمزيد من العناية والاهتمام! فكل يهتم بهويته.
من المهم نعلم أن المصطلح لا يشير فقط إلى مدلول خارجي وحسب، بل يحتوي على وجهة نظر من سكّه وزاوية رؤيته واجتهاداته! والأمر يكون معقدا ومخيفا أكثر إذا كانت المصطلحات ذات طابع عقائدي!
أدرك الفلاح الفلسطيني البسيط خطورة المصطلحات، فقام بتسمية "المستوطنين الصهاينة" ( المسكوب ) أي الآتين من موسكو!
هنالك منظومة متكاملة للمؤسسات الصهيونية الرسمية والأكاديمية حول الصراع، بل هنالك جيش من البروفوسورات لا نراهم أمامنا فقط نرى الطائرات والدبابات والصواريخ عبر الشاشات، أما في مطابخهم هنالك كم هائل من الجامعات والمعاهد والمراكز البحثية والمؤسسات والجميع يعملون بتناغم وتكامل وتشارك، الهدف إزالة كل ما هو إسلامي وعربي في القدس وفلسطين!
لذلك شاع الكثير من المصطلحات الخاطئة، والتي بات يستخدمها الإعلام العربي عبر شاشات التلفاز ومواقع التواصل وغيرها، بل وصل الحال لاستخدام النخب المثقفة والأكاديمية لتلك المصطلحات، مما يستوجب علينا التركيز على هذا الموضوع والتحذير من عواقبه.
من تلك المصطلحات الخاطئة التي لابد أن تصحح:
- مصطلح دولة إسرائيل: والصواب: الكيان اليهودي أو الكيان الصهيوني أو دولة الاحتلال.
- مصطلح أرض الميعاد: والصواب: أرض فلسطين.
- مصطلح هيكل سليمان: والصواب أن المكان هو المسجد الأقصى، والهيكل هو هيكل اليهود المزعوم.
- حائط المبكى: والصواب: حائط البراق.
- النزاع الفلسطيني الاسرائيلي: الصواب: الصراع مع الصهاينة.
- المستوطنات: الصواب: المغتصبات أو المستعمرات.
- جبل الهيكل: الصواب: جبيل بيت المقدس.
- مدينة داود: الصواب: القدس الشريف.
- قدس الأقداس: الصواب: صخرة بيت المقدس.
- الحوض المقدس: الصواب: البلدة القديمة.
- حارة اليهود: الصواب: حارة المغاربة.
- نجمة داود: الصواب: النجمة السداسية.
- الأراضي الفلسطينية: الصواب: أرض فلسطين.
- المطالب الفلسطينية: الصواب: الحقوق الفلسطينية.
للأسف أصبح هنالك إدمان بنقل المصطلحات، دون إمعان نظر وتحليل وتدقيق أو فحص وتمحيص، حتى أصبحت العقول العربية تنقل ما تسمع بأمانة تثير السخرية! نتج عن ذلك فقدان الإنسان العربي على تسمية الأشياء، بمعنى صناعتها وتوليدها فتأتيه مستوردة جاهزة، والذي لا يسمي الأشياء يفقد السيطرة على الواقع!
وعليه ينبغي الانتباه لهذه القضية المهمة، والتقيد بالمصطلحات الشرعية والتاريخية والتراثية، لكل ما يتعلق بمقدساتنا في فلسطين، حتى لا نكون مشاركين سيما مؤسساتنا الإعلامية، في ضياع هويتنا وأرضنا.
أيمن الشعبان
داعية إسلامي، ومدير جمعية بيت المقدس، وخطيب واعظ في إدارة الأوقاف السنية بمملكة البحرين.
- التصنيف: