من آداب المعلم: مراجعة الأهداف

منذ 2018-04-07

إن الإنسان عندما يتخذ أهدافًا وغايات، فكلما حقق طرَفًا منها زاد فرحه وسروره.

من آداب المعلم: مراجعة الأهداف

الهدف والمقصد من أهم المحفزات الخارجية للسلوك، وهي:

"نقطة البداية للعمليات التخطيطية والتنفيذية للمنهج، والهدف التربوي هو نواة المنهج، وأول مكوناته؛ لأنه أساس كل نشاط تعليمي، وخبرات تعليمية، وطرق وأساليب تدريس وتنظيم محتوى وأساليب تقويم"[1].

والتعليم يحتاج إلى رسم الأهداف بغرض تكوين المعارف والقيَم والاتجاهات، والغاية من كل ذلك تحقيقُ رضا الله - سبحانه وتعالى - وتحقيق السعادة الدنيوية والأخروية، وهذا هدف وجداني ينبغي السعي لتحصيله، يشير إلى ذلك محمد بن مفلح المقدسي وهو ينقل كلام أبي الفرج بن الجوزي - رحمه الله - حيث يقول: "فلا ينبغي للعاقل أن يغفُلَ عن تلمح العواقب؛ فمن ذلك أن التكاسل في طلب العلم وإيثار عاجل الراحة يوجب حسراتٍ دائمةً لا تفي لذة البطالة بمعشار تلك الحسرة، ولقد كان يجلس إليَّ أخي وهو عامي فقير، فأقول في نفسي: قد تساوينا في هذه اللحظة، فأين تَعِبي في طلب العلم؟ وأين لذة بطالته؟ ومن ذلك أن الإنسان قد يجهل بعض العلم فيستحي من السؤال والطلب؛ لكِبَر سنِّه، ولئلا يُرَى بعين الجهل فيلقى من الفضيحة إن سُئل عن ذلك أضعاف ما آثَر من الحياء"[2].

بل إن ابن مفلح أشار إلى تصحيح النية ومراجعة الأهداف، في كلام ابن الجوزي؛ لأنها من أهم محركات السلوك الخارجي، وعن طريقها يتم العمل بالعلم؛ يقول ابن الجوزي - رحمه الله -: "ومن ذلك اشتغال العالم بصورة العلم، وإنما يراد العمل به والإخلاص في طلبه، فيذهب الزمان في حب الصيت وطلب مدح الناس، فيقع الخسران إذا حُصِّل ما في الصدور، ومن ذلك اقتناع العالم بطرَف من العلم، فأين مزاحمة الكاملين والنظر في عواقب أحوالهم؟" إلى أن قال في مراجعة الأهداف: "فقِسْ كلَّ لذة عاجلة ودعِ العقل يتلمح عواقبها، والله أعلم"[3].

والعمل التربوي يقاس بسمو أهدافه، وواقعيتها، ونفعها؛ يقول مقداد يالجن: "إن تحديد أهداف التربية وغاياتها، هام من حيث إن الأمور تقوم بحسب ذاتها، وبحسب مقاصدها وغاياتها"، إلى أن قال: "إن الإنسان عندما يتخذ أهدافًا وغايات، فكلما حقق طرَفًا منها زاد فرحه وسروره"[4].

وقد أشار ابن مفلح - رحمه الله - إلى قول ابن الجوزي، في أن اللذة الكاملة لا تحصل إلا بعد حيازة العلم، واستشراف الأهداف المستقبلية الوجدانية؛ يقول ابن الجوزي - رحمه الله -: "وإنما اللذة الكاملة: الأمور المعنوية، وهي العلم والإدراك لحقائق الأمور، والارتفاع بالكمال على الناقصين"[5].

 

الكاتب: بدر بن جزاع بن نايف النماصي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] سالم، مهدي محمود سالم: الأهداف السلوكية تحديدها مصادرها صياغتها تطبيقاتها. مكتبة العبيكان. الرياض. ط1. 1418هـ.
[2] المقدسي، محمد بن مفلح المقدسي. الآداب الشرعية. (مرجع سابق). ج2. ص346.
[3] المقدسي، محمد بن مفلح المقدسي. الآداب الشرعية. (مرجع سابق). ج2. ص348.
[4] يالجن، مقداد يالجن. أهداف التربية الإسلامية وغايتها. ط1. 1406هـ. ص 9.
[5] المقدسي، محمد بن مفلح المقدسي. الآداب الشرعية. (مرجع سابق). ج2. ص349.

  • 4
  • 0
  • 2,909

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً