مع القرآن - و الصافات صفا
هذا قسم منه تعالى بالملائكة الكرام، في حال عبادتها وتدبيرها ما تدبره بإذن ربها، على ألوهيته تعالى وربوبيته.
{وَالصَّافَّاتِ صَفًّا}:
الملائكة بأجسامها الهائلة و أعدادها اللامتخيلة، تصطف من خشية الله صفوفاً خاشعة خاضعة منتظمة، كل يؤدي ما أوكل به، الكل طائع صاغر، هذه ملائكة تزجر السحاب و هذه تتلوا كلمات الله، في كون لا يصل إلى نهايته تصور الإنسان، خلق عظيم هائل أبدعة خالق كبير مقتدر، إله واحد قوي جبار متكبر عظيم، سبحانه جل شأنه و عظم جاهه و تبارك في علاه، رب السماوات و الأرض و رب الفلك و ما فيه من نجوم و حركات دائمة بين إشراق و غروب و دوران وحياة و فناء، كل مخلوقاته تدل على عظمته سبحانه.
قال تعالى:
{وَالصَّافَّاتِ صَفًّا * فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا * فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا * إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ * رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ} [الصافات 1-5].
هذا قسم منه تعالى بالملائكة الكرام، في حال عبادتها وتدبيرها ما تدبره بإذن ربها، على ألوهيته تعالى وربوبيته، فقال: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} أي: صفوفا في خدمة ربهم، وهم الملائكة.
{فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا} وهم الملائكة، يزجرون السحاب وغيره بأمر اللّه.
{فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} وهم الملائكة الذين يتلون كلام اللّه تعالى.
فلما كانوا متألهين لربهم، ومتعبدين في خدمته، ولا يعصونه طرفة عين، أقسم بهم على ألوهيته فقال: {إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ} ليس له شريك في الإلهية، فأخلصوا له الحب والخوف والرجاء، وسائر أنواع العبادة.
{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ} أي: هو الخالق لهذه المخلوقات، والرازق لها، المدبر لها،.فكما أنه لا شريك له في ربوبيته إياها، فكذلك لا شريك له في ألوهيته،. وكثيرا ما يقرر تعالى توحيد الإلهية بتوحيد الربوبية، لأنه دال عليه، وقد أقر به أيضا المشركون في العبادة، فيلزمهم بما أقروا به على ما أنكروه.
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: