هل انتهت صلاحية النصوص الدينية؟!

منذ 2018-04-08

أتساءل: إن كان توجيه سلوكنا بــ(قال الله وقال رسوله) لا يصلح في الربيع ولا في الخريف فمتى يصلح؟!

(الظروف تغيرت... هذا الكلام لم يعد يصلح لزماننا.. الدنيا تغيرت)... أصبحنا نقرأ هذا الرد عندما ندعو الناس إلى التعامل مع الأقدار المؤلمة تعاملا شرعياً، بتحويل القهر إلى قوة دافعة إيجابية، والانشغال بــ(ما واجبي تجاه الظلم والشر؟) بدل (لماذا قدر الله لهذا كله أن يحدث؟).

وهي للأسف العبارة ذاتها (الظروف تغيرت، الكلام لم يعد يصلح لزماننا) التي كان يُرد بها علينا قبل سِتِّ سنين...يوم كنا ندعوا إلى التعامل مع حالة ما عُرف وقتها بـــ"الربيع العربي" بطريقة شرعية لا تنازلات فيها ولا خذلان للشريعة ولا إعمال للهوى محل نصوص الإسلام وثوابته المُحكَّمة.

وأتساءل: إن كان توجيه سلوكنا بــ(قال الله وقال رسوله) لا يصلح في الربيع ولا في الخريف فمتى يصلح؟! هل أصبحت النصوص عند البعض كالمعلبات الغذائية، لها تاريخ إنتاج وتاريخ انتهاء؟! 

لا بد أن يكون واضحاً أننا لا نطالب الناس بالتقيد بفهمنا نحن للنصوص وإلا اعتبرناهم رافضين للنص! لكن مشكلتنا هي مع من يُلَمّح بعباراته إلى أن النص نفسه "لم يعد يصلح"... فلا تخاطبني في السراء بـ(قال الله)، ولا تخاطبني في الضراء بـ(قال الله)! ففي كل حال هناك "ظروف" تُهَوِّن من شأن النص وتقلل اليقين به!!

تُذكّرني عبارتهم هذه بقول الله تعالى: {وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ} [الشورى من الآية:48]... لاحت لنا فُرص في "الربيع" ففرحنا بها، فرحاً مُطغياً أنسانا ديننا -إلا من رحم ربي- وجعلنا نبرر التفلت من أحكامه والتعامل مع الواقع تعاملا براغماتيا نفعيا كأن لا قرآنَ أُنزل ولا سنةَ حُفِظَت! وضاع الدين بين إفراط وغلو وتفريط وتمييع... ثم لما حلَّت المصائب بما كسبت أيدينا كَفر من كفر وسخط من سخط وشكّ من شك وقال (أنَّى هذا؟!")...(قال هو من عند أنفسكم). 
{وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ . وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ۚ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} [هود:9-10] فلا صبر على المصيبة في الضراء ولا صبر بالطاعة في السراء، ففي الحالين عبارته جاهزة: "الظروف تغيرت"! قال الله تعالى بعدها: {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [هود:11].

كتبت هذا المقال بعد أن رأيت تعليقا على مقالي السابق بعنوان (اللحظة الفارقة)، والذي أدعو فيه إلى الانشغال بواجبنا تجاه الشرّ عن إساءة الظن بالقَدَر، فعلّق أحد الإخوة بالتعليق الموجود في الصورة، وهو يمثل نبرة نسمعها بتكرار مؤخرا، خلاصتها: "لا تحدثونا بالإيجابية ولو بنصوص شرعية، فالزمان تغير!" وسنتناول هذه النبرة في مقالات أخرى أيضاً بإذن الله.

Editorial notes: المصدر: صفحة الدكتور على موقع فيسبوك
  • 12
  • 3
  • 7,441

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً