مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم

منذ 2018-10-15

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ

{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} :

أهل الكفر والصد عن سبيل الله وتشويه شرائعه واتهامها وتشويه أتباعها  أضل الله أعمالهم وأحبطها , فإن راجت في الدنيا فهي في الآخرة وبال وحسرة , وهي للمؤمنين رفعة في الدرجات إن هم صبروا وتمسكوا بالحق وثبتوا عليه.

والذين آمنوا بالغيب وصدقت أعمالهم الصالحة ما في قلوبهم من إيمان جازم , وتحملوا الرسالة المحمدية إيماناً وعلماً وعملاً فأولئك استحقوا من الله خير الجوائز وهي تكفير السيئات  وطمئنة القلوب وصلاح البال.

فالبون بين الفريقين شاسع وهو الفرق بين الحق والباطل وبين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان .

قال تعالى :

{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ}  [محمد  1-3]

قال السعدي في تفسيره:

هذه الآيات مشتملات على ذكر ثواب المؤمنين وعقاب العاصين، والسبب في ذلك، ودعوة الخلق إلى الاعتبار بذلك، فقال: { {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } } وهؤلاء رؤساء الكفر، وأئمة الضلال، الذين جمعوا بين الكفر بالله وآياته، والصد لأنفسهم وغيرهم عن سبيل الله، التي هي الإيمان بما دعت إليه الرسل واتباعه.

فهؤلاء { {أَضَلَّ} } الله { {أَعْمَالَهُمْ} } أي: أبطلها وأشقاهم بسببها، وهذا يشمل أعمالهم التي عملوها ليكيدوا بها الحق وأولياء الله، أن الله جعل كيدهم في نحورهم، فلم يدركوا مما قصدوا شيئا، وأعمالهم التي يرجون أن يثابوا عليها، أن الله سيحبطها عليهم، والسبب في ذلك أنهم اتبعوا الباطل، وهو كل غاية لا يراد بها وجه الله من عبادة الأصنام والأوثان، والأعمال التي في نصر الباطل لما كانت باطلة، كانت الأعمال لأجلها باطلة.

وأما { {وَالَّذِينَ آمَنُوا } } بما أنزل الله على رسله عموما، وعلى محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا، { {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } } بأن قاموا بما عليهم من حقوق الله، وحقوق العباد الواجبة والمستحبة.

{ {كَفَّرَ} } الله { {عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } } صغارها وكبارها، وإذا كفرت سيئاتهم، نجوا من عذاب الدنيا والآخرة. { {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } } أي: أصلح دينهم ودنياهم، وقلوبهم وأعمالهم، وأصلح ثوابهم، بتنميته وتزكيته، وأصلح جميع أحوالهم، والسبب في ذلك أنهم: { {اتبعوا الْحَقُّ} } الذي هو الصدق واليقين، وما اشتمل عليه هذا القرآن العظيم، الصادر { {مِنْ رَبِّهِمْ } } الذي رباهم بنعمته، ودبرهم بلطفه فرباهم تعالى بالحق فاتبعوه، فصلحت أمورهم، فلما كانت الغاية المقصودة لهم، متعلقة بالحق المنسوب إلى الله الباقي الحق المبين، كانت الوسيلة صالحة باقية، باقيا ثوابها.

{ {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ} } حيث بين لهم تعالى أهل الخير وأهل الشر، وذكر لكل منهم صفة يعرفون بها ويتميزون { ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة }

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 6
  • 1
  • 10,042
المقال السابق
ويوم يعرض الذين كفروا على النار
المقال التالي
فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً