مثقّفو التصنيفات!!
حتى تعثرت مشاريعهم، وضاع زمنهم، (وتلطخوا) بأعراض الناس وفي الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم «إن من أربى الربا استطلاقَ الرجل في عرض أخيه المسلم»
ومثقفون ودأبُهم في تهمةٍ
والنَّاس في فكر وفِي إبداعِ
أفنى عمرَه وقلمه في ملاحظة عثرات الناس وتصنيفهم، إلى درجة (الإيغال التصنيفي)، والتوسع التحزيبي التقطيعي، باسم حماية الثقافة أو السلفية، وآخر باسم كشف الأعادي والمناهح الخفية، وثالث نقاء الانتماء وكشف الوطنية الحقيقية، ودواليك، دوامة لا تنقضي، ومسار لا ينتهي.
حتى تعثرت مشاريعهم، وضاع زمنهم، (وتلطخوا) بأعراض الناس وفي الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم( «إن من أربى الربا استطلاقَ الرجل في عرض أخيه المسلم» ).
ومن العجيب الطريف اختلاف الفئة المصنِّفة في الرمز المشهور، فيُرمى من جهة إلى أخرى، حتى (تكال) له كل التهم.
وتفرّقوا فينا بكل طريقةٍ
حتى رأيتُ براءتي وجمالي
مما يدل على جهل مبدئي وتسرع نقدي، عار عن الدليل والتفهم الصحيح.
وتُستحضر التصنيفات - للأسف الشديد - في الحوار الثقافي والشرعي، وتطغى على طلب الأدلة ونشدان الحق، وقفو الصواب.
وربما كانت ذريعة (للإسقاط) العلمي والنظاري ويستعمل ذلك كثيرا من محرومي العقلِ والإنصاف.
وتُتجاهل كل منجزاتك الفكرية والعلمية. (اعدلوا هو أقرب للتقوى) سورة المائدة.
وهبْه كما زعمت، هل قال حقا، أو دبج علما، وطرز فكرا ينفع الوطن والأمة! فاشتغل بما كتب وفنّده علما ودليلا! لو كنت تملك آلة التفنيد.
ثم ما هو العائد العلمي من تلقاء ذلك، وكيف يُبدد الزمان في ملاحظة ذلك على الدوام.
ومن مفاسد ذلك:
١) الانقطاع لها: فلا وجهة سواها، ولا عمل مدخور، أو قربة نافعة، أو حتى مقالات محررة وهاجة.
بل يدقق في أحوال الناس صالحيهم وغيرهم، حتى يبتلى بذلك ويعلَق به، فينشغل عن جد متين وعبادة نافعة، وربما كان ذلك بسبب تقدمة من التقصير والإهمال الذاتي الإصلاحي، وكما قال المتنبي:
إذَا سَاءَ فعْلُ المرءِ ساءتْ ظنُونُه
وصدَّقَ ما يعتاده مِنْ توهمِ
وعادى مُحبيه بقول عداتِه
وأصبح في ليلٍ من الشك مظلمِ
٢) تبديد الزمان: فيما لا ينفع، واستهلاك الساعات فيما ضرره أشنع من استغلاله أو الفراغ فيه. قال تعالى ( {أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير} ) [سورة فاطر] .
٣) إضاعة المشاريع: إذ لا يمكّنه ذلك التوجه من الشروع في باب عمل، أو إنتاج عمل خيري، أو الانغماس في برنامج علمي مستديم.
٤) حصد الأقلام: ينتهي وبعد سنوات من الكتابة الصحفية الدائمة او البرامج المتوالية سوى (النقد الهجام)، والبضاعة المزجاة، والإيغال الصدري، والنلافظ الفظة والمتطاولة، وقد قال تعالى (وقولوا للناس حسنا) سورة البقرة.
فهواقبها كذب وغيبة ونميمة وآفات لسانية متجاوزة والله المستعان، وفِي النص النبوي المرعب (وهل يكب الناسَ على جوههم في جَهَنَّمَ، إلا حصائدُ ألسنتهم ).
٥) تجرئة اللسان: بحيث يحمله على التصنيف وعلى المعاداة واستعمال الكلمات (النابية) والشديدة وفِي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم ( «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» ).
٦) تشويه الفضلاء: لاسيما عند اختلاف الأيديولوجيا، وفقدان الآداب والإنصاف، وما يسمى (بشرف الخصومة) والاختلاف، وهذا ظاهر في الصراع الإسلامي الليبرالي، والإسلامي القومي العلماني، يساندون الباطل لمحاولة تشويه الأخيار ودينهم وخطابهم، وتخير دين يَطيب للهوى ويعزف الدر والندى ( {أرأيتَ من اتخذ إلهه هواه} ) [سورة الفرقان] .
٧) حفز الأغرار: من صغار المثقفين وطلاب العلم المبتدئين ، فيبيتون جرئين على النقد والتعدي وتصنيف الناس يغير حق، مما يفوتهم الحفظ العلمي والجد التحصيلي، والنبض الفكري.
٨) إشغال الدعوة: بحيث تخلط الأوراق ويتهم الناس، وتوقف المشاريع بسبب نقدات تصنيفية (مرسلة) بلا وعي وتأمل وأناة.
٩) التلبيس على العامة: من جراء إطلاق التهم جزافا، وإلقاء الكلام على عواهنه، وقد قال تعالى - ولو صح الاتهام- (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) سورة البقرة.
١٠) الجفاف القلبي: بسبب الظلم المتعدّي واللفظ الغائر في الشدة، والوقت الطويل، (والصنعة الرديئة)، والإساءة لفضلاء. في مقابل تقصير داخلي في عملية التزكية المستدامة ( {قد أفلح من زَكَّاهَا} [سورة الشمس] .
١١) تكريس التعصب: وتربية النفس والجيل على العصبية المقيتة ، ورفض كل الحقائق المدعمة بالدليل، وتُرى آثارها من عناد (وتصلب) وإعجاب كل ذي رأي برأيه. والله المستعان.
ومضة/ مصنفو الناس من أقل المثقفين وعيا وعلما!
- التصنيف: