مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - وفي الأرض آيات للموقنين
وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ
{وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} :
كل ما فوقنا وحولنا وكل ما في الأرض وتحتها ينطق بقدرة الخالق سبحانه , وكذلك نفس الإنسان وما تحويها من عجائب ودقائق الأمور تدل عليه.
فالأرض وما فيها من أرزاق متنوعة الأشكال والطعوم والمنافع بين ثمار ومعادن ومياه وكنوز , والسماء وما ينزل منها من خير الآخرة والدنيا , فينزل الوحي لحياة القلوب والأرواح والماء لحياة الأبدان , كل هذا يدل عليه سبحانه.
كلامه الصدق ووعده الحق ولقاؤه لا مرية فيه.
قال تعالى:
{ {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} } [الذاريات 20-23]
قال السعدي في تفسيره:
يقول تعالى -داعيًا عباده إلى التفكر والاعتبار-: { {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} }
وذلك شامل لنفس الأرض، وما فيها، من جبال وبحار، وأنهار، وأشجار، ونبات تدل المتفكر فيها، المتأمل لمعانيها، على عظمة خالقها، وسعة سلطانه، وعميم إحسانه، وإحاطة علمه، بالظواهر والبواطن. وكذلك في نفس العبد من العبر والحكمة والرحمة ما يدل على أن الله وحده الأحد الفرد الصمد، وأنه لم يخلق الخلق سدى.
وقوله: { {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} } أي مادة رزقكم، من الأمطار، وصنوف الأقدار، الرزق الديني والدنيوي، { {وَمَا تُوعَدُونَ } } من الجزاء في الدنيا والآخرة، فإنه ينزل من عند الله، كسائر الأقدار.
فلما بين الآيات ونبه عليها تنبيهًا، ينتبه به الذكي اللبيب، أقسم تعالى على أن وعده وجزاءه حق، وشبه ذلك، بأظهر الأشياء لنا وهو النطق، فقال: { {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ } } فكما لا تشكون في نطقكم، فكذلك لا ينبغي الشك في البعث بعد الموت.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: