لهذا نرفض الجماعات
وبعض الواهمين يظنون أن الجماعات حالة من التخصص، وهذا غير صحيح، فالواقع أن كل جماعة ترى نفسها ممثلة للإسلام، أو ترى نفسها التمثيل الأنسب للإسلام
فكرة الجماعات/ الأنساق المغلقة فكرة علمانية بحتة، ولا تثمر إلا كيانات متصارعة، وفي القرآن الكريم ذم للتشيع والتحزب، قال الله تعالى ذكره: ( {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} ) (الأنعام:159)، وفي القرآن الكريم أن التشيع/ التحزب أحد أمارات السخط والعذاب، قال الله تعالى: ( {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ} ) (الأنعام:65)، ونهي عن التواجد مع هؤلاء الذين تشيعوا وفرح كل بما في يديه، ( {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} ) (الروم:31- 32). وفي القرآن الكريم أن فرعون سيطر على شعبه وأذلهم حين جعلهم شيعًا/ أحزابًا، قال الله تعالى ذكره: ( {إنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} ) (القصص:4).
وحين تدقق النظر في الآيات الكريمات التي ذمت التشيع/ التحزب، تجد في كل آية رصد لحالة من حالات التشيع. فحين يمتلك المتشيعون قوة يقتتلون ويصير بعضهم عذابًا لبعضهم، كما في الجماعات المسلحة التي تقاتل بعضها على لعاعة من الدنيا، وحين يمتلك المتحزبون متاعًا أو حظًا من المعرفة دون قوة مادية صلدة، يتفرقون بعيدًا عن بعضهم ويفرح كل واحد بما فيه يديه.
وإن أكبر مفاسد التشيع أن كل شيعة (جماعة) تظن أن الخطوة الأولى للنصر هي السيطرة على الذين من حولها، أولئك الذين في ذات الإطار العام الذي تنتمي هي إليه؛ ويمكن التأكد من هذا الأمر في مشهد البلاء الخارجي وكيف أنه لا يوحدهم ويخصصهم، فالطبعي أن الجماعة من الناس حين يواجهون تحديًا خارجيًا كبيرًا فإنهم يتوحدون في مواجهته وبعد مدة قليلة يتخصصون.. كل ينهض بعمل محدد تبعًا لقدراته في التصدي للتحدي الخارجي؛ ومشهد الرخاء.. حين تمد إحداهن بأسباب القوة فأول ما تفعله هو أنها تتجه لإخوانها وتستتبعهم فإن تبعوها وإلا حاربتهم، وحال المسلحين يغني عن ألف مقال، وحال الإخوان بعد ثورة يناير، وحال بعض السلفيين حين حصلوا على نسبة في انتخابات برلمانية وأصبح لهم نفوذ.
وبعض الواهمين يظنون أن الجماعات حالة من التخصص، وهذا غير صحيح، فالواقع أن كل جماعة ترى نفسها ممثلة للإسلام، أو ترى نفسها التمثيل الأنسب للإسلام، وتسلك طريقًا تراه- بقولها أو فعلها- هو الصواب، وأن على الجميع أن يدخل فيها، وليس بين الجماعات جماعةً ترى نفسها متخصصة في آداء وظيفة معينة، حتى التبليغ. كل جماعة ترى نفسها الإسلام، وإن لم تقل هذا بلسانها.
محمد جلال القصاص
شوال 1440هـ
- التصنيف: