لتكن ابتسامتك عدوى خير
كم من شخص بائس يائس، التقى يومًا بإنسان بشوش الوجه، فتفائل في يومه بجمال ابتسامته، وتجدّد النّشاط فيه بعذوبة الرّوح التي رسمت هذه الابتسامة على شفتيه
كتبت/ إسراء عادل جناحيّ
ما أجمل الكائن البشوش الذّي يزرع بابتسامته الورود، في قلوب أصابها إعصار اليأس، والقنوط، تجده كالغيث أينما هطل نفع، وأينما مرّ على قرية اخضرّت الحشائش، وتمايلت الأغضان طربًا من روحه النّقية الخضرة. الابتسامات كالألوان التي تبعث الحياة في الجمادات، فتشخّص المادي إلى كينونة تضجّ بالمشاعر والأحاسيس، كما تتحول على إثرها اللّوحة الفنيّة المعلّقة على الحائط إلى روح تلهمك الإبداع، وتجعلك تفكّر في سرّ رسمها، وغموض مقصدها، دون أن تعير المكان وجه أهمية، وهذا ما يفعله وضوح المقصد، وجمال المرئي.
كم من شخص بائس يائس، التقى يومًا بإنسان بشوش الوجه، فتفائل في يومه بجمال ابتسامته، وتجدّد النّشاط فيه بعذوبة الرّوح التي رسمت هذه الابتسامة على شفتيه. ولله درّ دين جعل من الابتسامة صدقة، وجعل من التّفوق بالخلق العظيم تفوقًا عليك في الدّين. وإنّه لمكسب في هذه الدنيا خليل مبتسم، نقي السّريرة، رقيق الكلام، مخلص لربه، ولدينه، وقلّما ما يوجد مثله، فاحرص عليه إن وجدته، والزم مصاحبته، ففيه النّفع لنفسك، ودينك، وخلقك، وكما قيل في الحكمة: إنّ "المال -والمناصب- يجلبان إليك أصدقاء المصلحة"، وأمّا الدّين، والخلق الرّفيع فإنّهما يجلبنان إليك أصدقاء الجنّة الذّين ستحشر معهم يوم القيامة. ويا عجبًا ممّن يجمع الهموم، والغموم، واليأس، والقنوط، ويجرّهم معه جرًّا أينما ذهب، ويحملهم على ظهره أينما ارتحل، فلا يتمكّن من مفارقتهم، ولا يستطع الدّوران إلا في القوقعة نفسها. تراه عبوسًا، يفكّر في ماضيه المظلم مرّة، وفي مستقبله المتغائم عليه مرّة أخرى، يحاول أن يسترق السّمع، فلا يجد إلا الشّهب الثّاقبة تترصد إليه في جميع محاولاته، تراه وكأنّ شخصًا قد انتزع مقلتيه؛ وأثبت مكانهما حجرتين، فتحجّر الكون كلّه في عينيه! وإن أعماه التّحجر عن النّظر مرّة، فقد أصمّ أذناه الوقر مرات، فصار لا يفقه حديثًا، ولا يبصر شيئًا ماثلًا أمام عينيه، وكلّ ذلك جاء نتيجة لخيوط أوهام، نسجتها قوقعته حتّى باتت جمجمته كبيت أوهن من بيوت العنكبوت.
ما هذه الحياة الفانية التي تجعلنا نضيق بها ذرعًا، وفي حياتنا ما يستحق أن نعيش من أجله؟، تجاهل أيّها القارئ السّيئين المتشائمين، وكن طلقًا بشوشًا، تذكّر خيرَ، ومعروف الآخرين، وعظّمه، وحاول بقدر استطاعتكِ نسيان كل ما هو سيئ، واسع إلى تجاهله، فقد أوصانا خير البرية أجمعين قائلًا: " «لا تحقِرَنَّ من المعروفِ شيئاً ولو أن تلقى أخاكَ بوجه طَلق» "، فربّ ابتسامة أفرحت قلبًا، وأزالت همًا، وأصلحت حالًا، وما أجملها إن صارت فعلًّا معديًا، فعدوى الخير منبتة لكلّ ما هو لطيف، ونبيل، وجميل؛ فاكسب في دنياك كلّ ما تنتفع منه لأخراك.
- التصنيف: